حملت زيارة رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام للسعودية التي توّجها امس بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز دلالات بالغة الأهمية في الوقت الذي كانت بيروت تطوي الجلسة رقم 24 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية وسط حرَكة ديبلوماسية بلا برَكة في إطار محاولات إنهاء الفراغ الرئاسي الذي صار «عمره» عاماً وعشرة أيام والذي بات مفتاح الحلّ والربط فيه خارجياً بامتياز.ونقلت وكالة الوطنية للأنباء اللبنانية الرسمية عن مصادر مرافقة للوفد للوفد اللبناني ان خادم الحرمين الشريفين أكد خلال لقائه سلام حرصه على تقوية الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية، داعياً اللبنانيين الى "بذل كل الجهود للخروج من الأزمة السياسية الراهنة وانتخاب رئيس توافقي للجمهورية"، وقال "ان هذه الخطوة ستكون مفيدة للبنان وللمنطقة على حدّ سواء".واذ أشاد بحيوية ونشاط اللبنانيين العاملين في المملكة مُساهمين في نهضتها ونموّها، أكد "ان الكلام الذي صدر عن جهات لبنانية وجرى فيه التعرض للمملكة لن يؤثّر على العلاقات الأخوية المتينة بين البلدين".وحرصت الرياض على إحاطة زيارة رئيس «الحكومة الرئاسية» بحفاوة بالغة منذ وصوله مروراً بلقائه مع ولي العهد الامير محمد بن نايف الذي أقام مأدبة عشاء على شرف سلام في حضور الرئيس سعد الحريري وأعضاء الوفد اللبناني المرافق تلتها جلسة محادثات موسعة بين الجانبين فخلوة بين سلام والأمير محمد بن نايف، وذلك قبل ان ينعقد امس اللقاء بين رئيس الوزراء اللبناني والعاهل السعودي (بحضور ولي عهده).وفيما شكّل الوضع اللبناني بكل تعقيداته محور المباحثات ولا سيما ملف الانتخابات الرئاسية وعبء النازحين السوريين وتصدي الجيش اللبناني للإرهاب، اعتُبرت الإحاطة السعودية الاستثنائية بسلام تعبيراً عن الاهمية التي تعلّقها الرياض على لبنان والعلاقة معه، وهو ما تظهّر بوضوح في تشديد الأمير محمد بن نايف خلال الاجتماع مع سلام على «متانة العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين البلدين الشقيقين وحرصهما على بذل المزيد من العمل من أجل تكريسها وتعزيزها على مختلف الصعد».من جهته أشاد سلام بـ «مكانة المملكة الخاصة في العالمين العربي والإسلامي»، لافتاً إلى أنّ «مساندة المملكة للدول الإسلامية والعربية ومواقفها الداعمة على جميع الأصعدة هي التي جعلتها تتبوأ هذه المكانة المهمة» وشاكراً اياها على وقوفها الدائم بجانب لبنان ومؤسساته.وخيّم على زيارة رئيس الوزراء اللبناني موضوعان، الاول التقارير في بيروت عن عراقيل امام استكمال تنفيذ هبة الثلاثة مليارات دولار السعودية لتسليح الجيش اللبناني من فرنسا، والثاني الحملات التي تتعرّض لها المملكة من جهات لبنانية ولا سيما «حزب الله» على خلفية «عاصفة الحزم».واذا كانت الرياض اكدت بلسان سفيرها في بيروت علي عواض عسيري «ان لا تعديل ولا تغيير ولا تراجع في موضوع هبة الثلاثة مليارات»، فان سلام قارب مسألة الحملات على السعودية من زاوية ان «الموقف الرسمي اللبناني تعبّر عنه الحكومة اللبنانية وليس أي جهة أخرى، وانّ اللبنانيين هم أهل وفاء يحفظون الجميل ويصونون عهد الأخوة العربية».وعاد سلام الى بيروت على وقع إرجاء جلسة الانتخاب الرئاسية الى 24 الجاري، ووسط استعدادات لجلسة وزارية اليوم يُنتظر ان تقفل عملياً على انطلاق مرحلة شلّ عملها من دون اي استقالة او اعتكاف من وزراء العماد ميشال عون و«حزب الله»، وذلك على خلفية التمديد الذي سيجريه اليوم وزير الداخلية نهاد المشنوق للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء ابرهيم بصبوص حتى سبتمبر المقبل موعد انتهاء مدة قائد الجيش العماد جان قهوجي، وهو ما يرفضه عون الذي يصر على «وحدة التعيين» اي اختيار مدير جديد لقوى الامن وقائد جديد للجيش يريده ان يكون صهره العميد شامل روكز.وعملياً ستدخل الحكومة بعد التمديد الحتمي لبصبوص في ما يشبه «الشلل المقنّع» تحت عنوان «لا بت بأيّ بند قبل التعيينات الأمنية» وذلك رداً على التمديد. ولفت امس تطوّران متّصلان بالملف الحكومي:* الاول زيارة وزير التربية (من حصة عون) الياس بو صعب لرئيس البرلمان نبيه بري الذي يرفض اي تعطيل للحكومة ويؤيد التمديد للقادة الأمنيين اذا تعذّر التوافق على التعيينات ويعلن انه «حتى ولو غابَ البعض عن جلسات مجلس الوزراء فإنّ الميثاقية متوافرة في الحكومة، وأنا باقٍ فيها وسأحضر، والحكومة ستستمرّ».وقد اكد بو صعب، غداة دعوة عون الحكومة الى «أخذ إجازة» حتى سبتمبر، ان جلسة اليوم لن تكون بداية العطلة الحكومية «والأمر يتوقف على ادارة سلام للجلسة شرط أن تكون التعيينات البند الاول، ومستعدون لحضور عشر جلسات بهذا الشرط».* الثاني المعلومات عن اتصالات بدأت بين النائب وليد جنبلاط و«حزب الله» لإدارة مرحلة الشَلل الحكومي بما يسمح بتسيير شؤون الناس والإبقاء على آليات توقيع المراسيم العادية.وفي موازاة ذلك، انشغلت بيروت بالتقارير التي تحدثت عن زيارة تعتزم الممثلة الخاصة للامين العام للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاخ القيام بها لطهران بعد غد في إطار استكشاف آفاق الاستحقاق الرئاسي الذي كان محور لقاءات الموفد البابوي الكاردينال دومينيك مامبرتي في بيروت، وسيكون حاضراً ايضاً في اجتماعات المبعوث الفرنسي جان - فرنسوا جيرو الذي وصل الى بيروت في مهمة مزدوجة شكّل الشق الثاني منها ترؤسه امس اجتماعا لسفراء فرنسا في المنطقة (وبينها دول الخليج) - كونه معاونا لوزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى وشمال افريقيا - خصص للاستماع الى تقارير السفراء عن الأوضاع العسكرية في سورية والعراق وتمدُّد «داعش» إضافة الى الأزمة اليمنية.
خارجيات
توقّعات بدخول الحكومة اللبنانية بدءاً من اليوم مرحلة «الشلل المدوْزن»
الملك سلمان يدعو اللبنانيين لانتخاب رئيس توافقي
خادم الحرمين لدى استقباله سلام
01:50 م