كثيراً ما تلفت أنظارنا، في السوق والشارع، مناظر الشباب مفتولي العضلات التي «ربّوها على العز والدلال» في ظل رعاية اعتقدوا أنها صحية، قبل أن «تروح السكرة وتأتي الفكرة» ويكتشفوا أنها خدعة كانوا ضحيتها.ولأن الشباب هدفها، فقد عهدت النوادي الصحية التي انتشرت بكثرة في البلاد، على إغرائهم بشتى المغريات، البصرية منها والمادية، حيث دغدغت مشاعرهم بأجسام تشبه أجسام المصارعين، وعضلات تبرز مفاتن أجسادهم، حتى إذا ما وقعوا في الشرع عبثت بصحتهم ومصائرهم.طبعا ليس الكلام السابق ينطبق على كل النوادي الصحية، فهناك نوادٍ ومعاهد صحية تعمل وفق خطط علمية وطبية وترفض تدنيس سمعتها بما يسيء، ولكن بالمقابل هناك نوادٍ لا يهمها السمعة ولا صحة روادها بقدر ما يهمها الربح، فعمدت إلى الطرق الملتوية في جذب الشباب، حتى لو عن طريق الادوية المغشوشة والمكملات الغذائية غير معروفة المصدر التي تبتاع داخلها، ما يزيد الخطر الذي يتهدد حياة روادها في ظل غياب للرقابة، وزيادة الإقبال على تناولها دون وصفة طبية ما ولد عديداً من المشكلات الصحية. وقد لوحظ في الآونة الأخيرة تزايد الإقبال ومعدلات تناول الهرمونات الحيوانية، والبشرية المغشوشة.وأمام تفاقم الظاهرة، لم يكن أمام وزارة الصحة من خيار الا ان قرعت ناقوس الخطر منذ أيام عبر الإعلان عن الانتهاء من دارسة، وقرب رفعها لوزير الصحة للموافقة على استصدار قرار يخول لمفتشي الوزارة طرق أبواب تلك الأندية، والوقوف على ما يدور خلف كواليسها، من استخدام لأدوية غير مسجلة قد تؤدي لسرطان أو مضاعفات ضارة على اعضاء الجسم المختلفة، وان كان أبرزها على القلب والكلي والكبد، في ظل تأكيد المعنيين من مسؤولي الصحة ان 70 في المئة منها مهربة ومزورة وغير مسجلة.وقالت مصادر صحية إن جهود الجهات المعنية للتصدي لهذه التجارة غير المشروعة تتواصل، ولا سيما مع بلوغ عدد ضبطيات وزارة الصحة خلال الربع الاول من العام الحالي نحو 500 ضبطية ما بين أدوية مغشوشة ومهربة، وهو ما يظهر مدى تفاقمها، الأمر الذي حدا بالوزارة، في سبيل تحقيق مزيد من الفاعلية في التصدي لهذا الخطر، إلى مطالبة الجهات المختصة بتغليظ عقوبة المتاجرة بالأدوية المغشوشة التي وصفها وكيل الوزارة الدكتور خالد السهلاوى بالجريمة،مؤكداً السعي لرفع قيمة الغرامة إلى 5 آلاف دينار والسجن، وإغلاق وسحب ترخيص المنشأة فضلا عن المطالبة بمنح مفتشي الوزارة صفة الضبطية القضائية.ووفقا لتأكيد المصادر فإن «الاجراءات السابقة التي دعت اليها الوزارة لم تأتِ من فراغ، ولكنها جاءت بعد متابعات وإحصائيات ورصد لمعدل انتشار الادوية المغشوشة في السوق الكويتي، الامر الذى تؤكده ضبطيات الوزارة».قصة واقعيةوحول ما يدور داخل جدران تلك الأندية الصحية وخارجها روى مصدر لـ«الراي» واقعة شاب دَفع ثمنا باهظا لتلك النوعية من الادوية، حين تبدل حلمه ببناء عضلات مفتولة لكابوس وأورام سرطانية وغرغرينا، يعانيها في أحد ذراعيه على مدار ثلاث سنوات لتعاطيه هرمونا ثبت أنه حيواني.قصة مريرة من مئات القصص، يعيشها الشاب الذي يتجرع مرارة الاورام السرطانية التي تنهش وتسري في ساعده المهدد بالبتر مسرى النار في الهشيم جراء ما آلت اليه حالته من تدهور وتوسع وانتشار للورم. فصديقه باعه هرمونا ثبت انه حيواني، وحقنه إياه في أحد ذراعيه لاعتقاده بفاعليته وقوته في نمو العضلات بطريقة أسرع، لتبدأ رحلة الاثار الجانبية من شعور بالألم الى ورم الى غرغرينا تستدعي بين فترة وأخرى عملية استئصال للورم وتنظيفه الذي سرعان ما يتجدد، لتطوره من مرحلة الحميد للخبيث.على أثر الواقعة حذر مصدر صحي من استغلال ضعاف النفوس لرغبات الشباب فيما اسماه بهوس البعض لبناء جسم رياضي عبر تقديم مكملات غذائية غير معروفة المكونات أو المصدر وغير صالحة حتى للاستخدام، والتي تصنع لأجل جني أرباح طائلة، ولو على حساب ارواح البشر.وأضاف المصدر «للأسف الإقبال على المكملات الغذائية الرياضية ظاهرة بارزة بين الشباب، من أجل تكوين بنية جسم دون التأكد من صحة المواد المباعة، ومدى مطابقتها للمواصفات التي تحددها وزارة الصحة»،لافتا الى أن الامر وصل ببعض الشباب لحقن نفسه بزيت لامع في العضلة يستخدم فوق الجلد كدهان.ولفت المصدر الى انتشار الهرمونات الحيوانية والمزيفة والمغشوشة في النوادي الصحية مؤكدا «ان هذا خطر داهم بدأ يغزوها، ويستلزم ضرورة تحرك عاجل لسرعة التفتيش عليها بما يكفل الحد من المخاطر، والتي قد يؤول على أثرها مصير كثير من الشباب لنفس مصير الحالة سالفة الذكر، وان كان ما خفي أعظم، في ظل ان كثيرين قد لا يلتفتون الى كم المخاطر التي قد تنجم عن مثل هذه الادوية، معرضين صحتهم لخطر قد يودي بحياتهم».وأوضح المصدر ان المنشط الذي تعاطاه الشاب اثبت أنه حيواني، موضحا «أن تلك النوعية من المنشطات أو الهرمونات هي أدوية تعطى للخيول قبل دخولها إلى السباق لتساعدها على الركض محذرا من مضارها التي لا تعد، والتي من بينها الضعف الجنسي و عدم القدرة على الإنجاب وأثار جانبية ضارة على القلب والكلى والكبد فضلا عن امكانية الاصابة بالسرطان مثلما حدث في واقعة هذا الشاب».وأردف المصدر«الواقعة وغيرها من الحوادث التي راح ضحيتها أبرياء جراء الادوية المغشوشة والمزيفة لم تكن ببعيدة عن أعين وزارة الصحة، غير ان قوانين ولوائح تحكم عمل الرقابة على تلك المنشآت قد لا تخول للمفتشين الوزارة مراقبتها». وأشار الى ان ما كشف عنه وكيل وزارة الصحة الدكتور خالد السهلاوي منذ أيام حول الانتهاء من اعداد دراسة ترفع قريبا لوزير الصحة الدكتور علي العبيدي لاعتمادها واستصدار قرار يحق للوزارة بموجبه التفتيش على النوادي الصحية لجهة الأدوية والمنشطات والإبر المستخدمة، هو خطوة على الطريق السليم من شأنها توفير الحماية للمترددين على تلك النواديوتابع المصدر «ان تغليظ عقوبة المتاجرة بالادوية المغشوشة وغلق المنشأة التي تبيعها وسحب التراخيص، فضلا عن المطالبة بمنح مفتشي الوزارة حق الضبطية القضائية مطالب جميعها موضوعية وتستلزم سرعة تلبيتها واقرارها ليتوافرالغطاء القانوني لفرق ادارة التفتيش بالوزارة، من مزاولة مهامها داخل تلك المؤسسات». وختم حديثه قائلا «ان كانت وزارة الصحة طالبت بهذه المطالب المشروعة والموضوعية فانها تظل مطالب وعسى أن يكون هناك من يستمع».
محليات
مع انتشار الهرمونات الحيوانية المغشوشة في نوادٍ صحية وما تخلّفه من تداعيات على جسم متعاطيها
«أحلام العضلات»... تصحو على مآسٍ صحّية
هذا ما جرّته «أحلام العضلات» على أحد الرياضيين
05:20 م