امتلاك قنبلة نووية، هو الخيار الصعب الذي قد يجد العرب أنفسهم مضطرين إليه، وذلك من أجل إحداث توزان قوى مع إيران وإسرائيل اللتين يحتدم بينهما التنافس على بسط السيطرة في الشرق الأوسط عسكرياً وحتى نووياً.خيارات مختلفة أصبحت متاحة أمام العرب لامتلاك سلاح ردع قوي يضمن لسكان الشرق الأوسط من العرب والمسلمين العيش في ظل ستار أمن نووي يقيهم تهديدات ومطامع قوى إقليمية نووية. تلك الخيارات ثلاثة: الخيار الأول الاستعانة بقدرات باكستان ذلك الحليف المسلم والذي يمكن أن يمد العرب بتقنيات تصنيع القنبلة النووية أو تقديمها جاهزة أو مفككة ليتم تجميعها في دول عربية بأيدي خبرات مسلمة، وهذا الخيار توقعه محللون أميركيون في تقارير مختلفة لعل آخرها تقرير «نيويروك تايمز» غداة قمة «كامب ديفيد» التي جمعت زعماء الخليج بالرئيس الأميركي باراك أوباما.أما الخيار الثاني فهو بناء مختبرات نووية وانتداب علماء ذرة عرب ومسلمين وغيرهم لتطوير قدرات العرب النووية وشراء معدات التخصيب من البلاتنيوم واليورانيوم من دول ومنظمات تبيعها في السر.ويبقى الخيار الثالث المتاح وهو شراء معدات القنبلة جاهزة من السوق السوداء بأجهزتها ومعداتها وحتى الخبرات التي تتقنها، حيث تبيع المافيا الروسية والسوفيتية السابقة معدات وخبرات وحتى روؤس نووية سراً، ولإسرائيل تجربة مع مثل هذه المنظمات.وحسب تقرير لصحيفة «غارديان» البريطانية في 2010 فإن«المملكة العربية السعودية حسب تقارير للاستخبارات الأجنبية مولت نحو 60 في المئة من برنامج باكستان النووي»، لكن الديبلوماسية السعودية أنذاك فندت أي احتمال مزاعم امتلاك أو بناء أسلحة نووية.تقرير «نيويورك تايمز»: بعنوان «المملكة العربية السعودية تعد بمنافسة إيران في القدرة النووية» أشار الى أن «باكستان هي قصة أخرى. حيث إن السعودية مولت الكثير من أعمال العالم النووي الباكستاني عبد القدير خان الذي انتهى لبيع بضاعته النووية في الخارج. ويفترض على نطاق واسع أن باكستان ستقدم للمملكة العربية السعودية التكنولوجيا النووية، إن لم يكن السلاح النووي نفسه». لكن احتمال بيع باكستان السعودية او العرب إجمالا القنبلة النووية بعيد عن الواقع حسب بعض الخبراء.وحسب تقرير لديبلوماسي باكستاني يدعى زكاري كيك على موقع «ناشيونال انتيريست» فإن «بلدا مثل باكستان والذي لديه هاجس البحث عن عمق استراتيجي، لا يمكن ببساطة الاستجابة لمطالب عربية حول القنبلة النووية. حيث انه طيلة ثلاثة عقود من التكهنات لم يتمخض دليل على وجود اتفاق نووي بين السعودية وباكستان على سبيل المثال».واضاف الديبلوماسي في مقاله الذي نشر في آواخر 2013 «إنه من غير المعقول بصراحة أن تقدم باكستان على خطوة غير مسبوقة لبيع السعودية أسلحة نووية، نظرا لأنه لن يكون لها ما تجنيه في مقابل ذلك».وأوضح أن «المسؤولين الباكستانيين يشعرون بجنون عظمة استثنائي لحجم ترسانتهم النووية، وهم يحرصون على اتخاذ إجراءات استثنائية للحد من التعرض لعقوبات أو حظر أميركي أو هندي لأنشطة باكستان النووية في حال وفرت رادعاً نووياً للسعودية أو لدولة اخرى ضمن اتفاق منع انتشار الأسلحة النووية».ويذكر أن جميع الدول العربية موقعة على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية التي تفرض حظر امتلاك أسلحة أو تقنيات نووية يمكنها أن تشكل خطراً على البشرية، ووقعت كافة دول الشرق الأوسط على المعاهدة إلا إسرائيل.ومضت الدولة العبرية في تعزيز ترسانتها النووية لكسب ميزان القوى في الشرق الأوسط، وهو أمر تنبهت له إيران فسعت لاكتساب التكنولوجيا النووية بداعي تعزيز الطاقة النووية النظيفة، لكن تبقى هناك مخاوف من إمكانية نقل تكنولوجيا ومواد قد تستخدمها إيران سراً لتطوير سلاح نووي يكسبها تفوقاً على دول الخليج وتوزاناً مع إسرائيل. ويمثل التنافس النووي في الشرق الأوسط هاجساً قد يدفع العرب حسب وثيقة جديدة منشورة في المكتبة اليهودية الافتراضية إلى التفكير جدياً في امتلاك سلاح ردع نووي أيضا لموازنة القوى مع إيران وإسرائيل.وحذرت وثيقة منشورة على موقع المكتبة اليهودية الافتراضية «جيوش فيرتيال ليبراراي» بعنوان «الانتشار النووي في الشرق الأوسط» في 2 مايو الجاري، من وجود مخاوف اليوم من أن الدول العربية قد تحذو حذو إيران وتعمل على بناء قنبلة نووية لحماية نفسها في ظل سباق التسلح النووي في المستقبل الذي يحتدم بين إسرائيل وإيران».إيران حسب تأكيدات مصارد لـ «الراي» قد تعيد سيناريو كوريا الشمالية التي صنعت 20 قنبلة نووية غداة توقيعها اتفاق إطار نووي مع الولايات المتحدة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون. وإذا أعاد التاريخ نفسه، فإن إيران قد يمكنها كذلك تصنيع قنبلة نووية حتى إذا وقعت الاتفاق النووي مع الغرب وذلك باحتمال الاتجاه إلى استكمال معدات التخصيب من السوق السوداء النووية كما أكد سابقا مسؤول عسكري أميركي.السوق السوداء النووية لجأت إليها إسرائيل بدورها سابقا حسب تقارير ألمانية للحصول على معدات نووية. إلى ذلك لجأت حكومة بنيامين نتنياهو أيضا إلى تهريب تقنيات ومعدات نووية من الولايات المتحدة وبسبب هذه المزاعم يواجه نتنياهو اتهامات بتهريب أسرار نووية، ومعلوم أن تل آبيب تمتلك اليوم حسب تقرير نشره موقع «سوبيرم لو» أكثر من 200 رأس نووية.وذكر تقرير سابق منشور على موقع «رانس» أن «علماء في المعهد الأوروبي لليورانيوم في ألمانيا، تتبعوا تحركات جميع المواد القابلة للانشطار من الترسانة النووية للاتحاد السوفياتي السابق، ورصدوا شكوكاً حول أن الموساد الاسرائيلي قام بشراء بعض اليورانيوم بزعم وقف وقوعه في أيدي جماعات إسلامية وإرهابية أخرى».ويضيف التقرير أن «هناك احتمالاً آخر حقيقياً يفيد أن إسرائيل قد ذهبت إلى السوق النووية السوداء لشراء المواد الانشطارية لتعزيز ترسانتها النووية الضخمة».وبين الموقع أن «لدى إسرائيل بالفعل واحدة من أكبر الترسانات النووية في العالم قدرة على إفناء كل جيرانها العرب. ومخزونها عشرات القنابل النووية وصواريخ في صحراء النقب».يذكر ان منطقة صحراء النقب تبعد عن الكويت والسعودية نحو 1200 إلى 1300 كلم فقط. وتبعد عن إيران 1700 كلم.إسرائيل لجأت أيضا إلى تهريب مواد نووية وتقنيات جديدة لتطوير ترسانتها النووية حيث نشر موقع «فيترانز توداي» الأميركي تقريرا سابقاً بعنوان «نتيانياهو يمكن التحقيق معه لتهريب تكنولوجيات نووية من أميركا»، ويحوي معلومات تفيد أنه «في العام 2012 رفعت وكالة التحقيقات الفيدرالية (اف بي أي) السرية عن ملفات وأفرجت عن أرشيف من تحقيقاتها تشير كيف تم تهريب 800 مشغل أسلحة نووية بشكل غير قانوني من الولايات المتحدة إلى إسرائيل».هذا التطور في الترسانة النووية الإسرائيلية دفع إيران منذ زمن إلى السعي لإحداث توازن مع الدولة العبرية وذلك بتطوير مستمر لترسانتها الحربية وخصوصا الصواريخ متوسطة وبعيدة المدى إضافة إلى احتمال نوايا امتلاك سلاح ردع نووي يحميها من مخططات عدوانية إسرايلية يتوقعها الحرس الثوري الإيراني كاشفا عنها في تصريحات سابقة.وحسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» نقلا عن رويترز في مارس العام الماضي فإن «المسؤول المشرف على قضايا عدم الانتشار في وزارة الخارجية الأميركية فان ديبن حذر من أن إيران قد تشتري مواد نووية من السوق السوداء لاستكمال برنامجها النووي».وذكر موقع «فاص» الذي يعتمد على أخبار ضبط جرائم تهريب اليورانيوم والمواد المشعة في العالم ويستند أيضا إلى تقارير وكالة المخابرات الأميركية «سي اي اي» أن «هناك محاولات كثيرة في الفترة الأخيرة لتهريب كميات كثيرة من اليورانيوم العالي التخصيب والمواد المشعة في تلميح لوجود طلب عليها في السوق السوداء».وحسب الموقع «فقد ضبطت الشرطة التشيكية على سبيل المثال 2.72 كيلوغرام من المواد النووية في براغ. حيث ألقت الشرطة القبض على عالم فيزياء نووي تشيكي واثنين آخرين من دول الاتحاد السوفيتي السابق يهربون اليورانيوم إلى وجهات مختلفة منها أوروبا الغربية».لكن معلومات أخرى على الموقع نفسه «رصدت زيادة تهريب اليورانيوم إلى الشرق الأوسط من دول أوروبية مثل إيطاليا ودول الاتحاد السوفياتي السابق».وحسب موقع «تيروريزم اناليست» فإنه حسب ما استنتجه اجتماع زعماء من 53 دولة في قمة في سيول، في إطار المبادرة الأميركية للحد من تأمين المواد النووية المتناثرة فإن أي دولة أو منظمة بامتلاكها أقل من 25 كيلوغراما من اليورانيوم عالي التخصيب وأقل من ثمانية كيلوغرامات من البلوتونيوم يمكنها بناء قنبلة نووية».وأضاف الموقع نفسه أنه «لا يزال هناك ما بين 1.300 و 1.600 طن تقريبا من اليورانيوم عالي التخصيب وما يقرب من 500 طن من البلوتونيوم مخزنة في روسيا والولايات المتحدة».تركيا بدورها لم تبقَ بعيدة عن التنافس النووي الخفي في الشرق الأوسط، حيث أكدت تقارير أنها تسعى بنسق متسارع إلى تعزيز إمكاناتها النووية بمبرر انتاج الطاقة النووية النظيفة. هذه المساعي الحكومية المشروعة لامتلاك طاقة نووية تثير تساؤلات عدة عن تحركات غير علنية لأنشطة نووية يتم تداولها في السوق السوداء عبر منظمات إجرامية تجلب معدات نووية ومعدات تركيب رؤوس نووية إلى السوق السوداء التركية من أجل صفقات بيع تكنولوجيات القنبلة النووية، وهذا ما أكدته مصادر إسرائيلية لصحيفة «تايمز أوف اسرائيل».وحسب مصادر لموقع متخصص في تحليل الإرهاب «تيروريزم اناليست» فإن «منظمات إجرامية روسية تنشط عبر أراضي الجمهوريات السوفياتية السابقة وخصوصا جورجيا من أجل نقل وبيع معدات تخصيب لإنتاج صورايخ نووية، وتبيع تهريبا مواد مثل اليورانيوم والبلاتينيوم المستخدمة لتصنيع قنبلة أو رأس صاروخ نووية، وهذه المعلومات أكدها أيضا سابقا تقرير لقناة «اي بي سي» الأميركية الذي نشر كيفية تهريب العصابات الروسية لمواد اليورانيوم المخصب المستخدم في صناعة القنبلة النووية إلى السوق السوداء وصولا إلى الشرق الأوسط.كما بين تقرير موقع «سوبيرم لو» أن معدات نووية جاهزة بما فيها رؤوس نووية من مخلفات الترسانة السوفياتية السابقة تباع في السوق السوداء وخصوصا في جورجيا.وكشف التقرير الذي نشر بعنوان «الموساد والمافيا الروسية ونقل البلوتونيوم» أن الموساد الإسرائيلي تدخل لشراء معدات نووية من المافيا الروسية وذلك بهدف منع وصولها إلى الشرق الأوسط عبر معابر تهريب تصل إلى تركيا».وعلى موقع الشبكة الأوروبية لمنع انتشار الأسلحة النووية «س اي بي ار» ذكر تقرير دوري حول قضايا الاتجار في المواد النووية في منطقة البحر الأسود أن «منطقة البحر الأسود هي مفترق طرق استراتيجية حيوية بين أوروبا وآسيا والقوقاز وروسيا والشرق الأوسط، ومنذ فترة طويلة تستخدم لتهريب البضائع المشروعة وغير المشروعة، بما في ذلك المواد النووية في العقدين الماضيين».وأضاف التقرير الأوروبي أنه «تم تسجيل أكثر من 630 حادث تجارة لمعدات نووية مهربة في دول البحر الأسود بين عامي 1991 و 2012، نصفها تقريبا من روسيا. خمسة من الحوادث المسجلة تم فيها ضبط تهريب لليورانيوم العالي التخصيب، مما أثار مخاوف في شأن استخدام المنطقة كطريق عبور لتهريب المواد النووية من الاتحاد السوفيتي السابق إلى الشرق الأوسط».ويكشف التقرير أنه «على الرغم من أن الأمن النووي في الدول السوفييتية السابقة في تحسن وأن تهديد سرقة المواد النووية في تراجع، إلا أن حالات الاتجار التي تنطوي على مواد نووية في روسيا وغيرها مستمرة. حيث ضبط في الفترة الأخيرة عينات اليورانيوم عالي التخصيب في جورجيا في عام 2010 ومولدوفا في عام 2011، وتشير هذه المضبوطات إلى أن قدرا من المواد النووية قد تكون سرقت لصنع الأسلحة وهي لا تزال متاحة من أجل نقلها بشكل غير مشروع وبيعها إلى جهات حكومية وغير حكومية. وبالتالي، فإن هناك حاجة لتعزيز الجهود المبذولة لمكافحة الإتجار النووي في منطقة البحر الأسود».وكانت وثيقة بحثية سابقة أعدتها جامعة بينسلفانيا الأميركية على موقعها بعنوان «الرابط بين الجريمة المنظمة الروسية وانتشار الأسلحة النووية: محاربة الجريمة وضمان السلام الدولي» أوضحت ان «منظمات الجريمة والمافيا في روسيا تنشط كثيرا في مجال تجارة بيع المواد النووية المهربة من روسيا نفسها أو من دول سوفيتية سابقة».فهل ستلجأ فعلا الدول العربية إذا اضطرت مستقبلا في حال امتلاك إيران لسلاح نووي أن تمتلك قدرات نووية عسكرية لضمان أمنها أم أنها ستلجأ لدعم الغرب لحمايتها من أي نوايا عدوانية في المستقبل؟
متفرقات - قضايا
دراسة لـ «الراي» تكشف سيناريوات امتلاك دول الخليج لسلاح ردع يضمن توازن القوى مع إيران وإسرائيل
القنبلة النووية ... خيارات العرب للحصول عليها
11:57 م