تتجه الأنظار الداخلية اليوم الى لاهاي، حيث ستبدأ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الاستماع على مدى 4 أيام متتالية، الى شهادة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، في ملف اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري.وتتخذ شهادة جنبلاط وهْجاً إعلامياً وسياسياً كبيراً، نظراً الى ما سبق مثول جنبلاط من تكرار لارتباط اسمه بالملابسات السياسية والأمنية التي سبقت اغتيال الحريري، في شهادات الكثير من الشهود السياسيين الذين تَعاقبوا على منصة المحكمة، سواء لجهة شموله بـ «التهديد الشهير» الذي وجّهه الرئيس السوري بشار الاسد في اغسطس 2004 للرئيس الحريري في إطار الضغط عليه للسير بالتمديد للرئيس اللبناني حينها اميل لحود بـ «تحطيم لبنان على رأسك ورأس وليد جنبلاط» اذا لم يمرّ التمديد، او لجهة الدور الذي كان يلعبه الزعيم الدرزي كجسر وصْل بين الحريري والمعارضة المسيحية المناهضة للوجود العسكري السوري في لبنان، وصولاً الى تشكيله «دينامو» التحالف الثلاثي الذي كان سيجمعهم (الحريري - جنبلاط - المعارضة المسيحية) في الانتخابات النيابية عام 2005 تمهيداً للفوز بالأكثرية البرلمانية والعمل لتطبيق «اتفاق الطائف» (خروج سورية واستخباراتها من لبنان) واستطراداً، الحدّ من النفوذ السوري في لبنان.وعشية شهادة جنبلاط، كثرت التكهنات، ولكن غالبيّتها ركّز على ترجيح ان يسلّط اتهاماته على النظام السوري، من دون التركيز على ملامسة قوية لاتهام «حزب الله» (يحُاكم 5 منه غيابياً امام المحكمة) بالجريمة، وذلك حرصاً على إبقاء الواقع اللبناني تحت سقف التهدئة.ويتم التعاطي مع ما سيدلي به جنبلاط باعتبار انه بمثابة «المسمار الأخير في نعش» رأس النظام السوري، ولا سيما ان الزعيم الدرزي يعرف الكثير من «صندوق أسرار» هذا النظام الذي اغتال والده كمال جنبلاط العام 1977 ويملك ملفاً موثّقاً عن مسؤوليته عن هذه الجريمة، التي كان رئيس مكتب الأمن القومي السوري هشام بختيار (قضى نتيجة تفجير مبنى الأمن القومي العام 2012) من أبرز المتّهَمين فيها، وكان حينها ضابطاً في الاستخبارات الجوية.كما تكتسب شهادة جنبلاط، الذي لم يصوّت لمصلحة التمديد للحود، أهمية قصوى، لأنه دفع ثمن هذا الرفض من خلال محاولة اغتيال رفيق دربه النائب مروان حمادة، في الاول من اكتوبر 2004، وهو التفجير الذي جرى التعاطي معه على انه رسالة دموية مزدوجة لجنبلاط والحريري.على ان المفارقة اللافتة التي ستواكب إطلالة جنبلاط من لاهاي، تتمثل في انها تتزامن مع استعداداته لترك مناصبه الرسمية قريباً، ولا سيما الاستقالة من النيابة، إفساحاً لانتخاب نجله البكر تيمور (بعد انتخابات فرعية) الذي سيتابع إفادة والده من لايتشندام، حيث مقر المحكمة الدولية الخاصة بلبنان.وعشية إطلالة جنبلاط، كشف وزير العدل اللبناني اللواء أشرف ان المحكمة الدولية «لديها أدلة لا بأس بها لتنطلق، وبعدها تركّب الـ puzzle لتصل الى المحاكمة»، لافتاً الى ان «هناك ملف تحليل الداتا الذي قام به وسام عيد ووسام الحسن وأنا، ونفاخر أننا قمنا بهذا الإنجاز لفتح ثغرة بالتحقيق. والملف الثاني هو ملف خطف ابو عدس (ظهر في شريط فيديو مدفوعاً لزعم انه الانتحاري الذي فجّر نفسه بموكب الحريري وهو ما أسقطته الادلة)». وأضاف: «المحكمة لديها كل التفاصيل، وهناك شاهد محميّ بشكل جيد جداً هو طرابلسي، قال كيف أُخذ ابو عدس». وتابع: «ستفاجؤون بأحد الضباط عند انهيار النظام السوري، يحكي بنفسه كل تفاصيل الجريمة تماماً، من اي مستودع اتت المتفجرات ومن أعطى الامر وفي اي شاحنة نُقلت».وأكد أن «رستم غزالة كان أحد الضباط الذين يمكن ان يقولوا هذه التفاصيل، ولذلك تمّت تصفيته»، لافتا الى أن «هناك ضباطا آخرين يعرفون هذه التفاصيل، وسيمثل أحدهم أمام المحكمة الدولية، ويكون الشاهد الملك، ويقول: أنا كنت في الموقع الفلاني وأتاني الامر من فلان».