على طريقة «الضجيج المكتوم»، انكفأ الصخب السياسي الذي ساد لبنان في الأيام الأخيرة الى ما وراء الكواليس التي تشهد اتصالات ولقاءات ترمي الى «تفكيك» صواعق الأزمة المستجدة على خلفية ملف التمديد للقادة الأمنيين والذي سرعان ما تمدّدت «فتائله» الى البرلمان وجلسته التشريعية «المعلّقة» وسط مخاوف من ان يزيد تكبيل عمل «الحكومة الرئاسية» المحكومة بـ «24 رأساً» (عدد وزرائها).ورغم عطلة عيد العمال التي دخلت معها البلاد في «استراحة» تستمرّ حتى مطلع الأسبوع، برزت «اندفاعة» داخل فريق «8 آذار» لاحتواء الخلاف الذي برز بين مكوّناته ولا سيما على خط «حزب الله» - حركة «امل» من جهة وزعيم «التيار الوطني الحر» النائب العماد ميشال عون من جهة أخرى على خلفية الجلسة التشريعية للبرلمان التي توحّد مسيحيو «8 و 14 آذار» على رفض انعقادها خارج مقتضيات «تشريع الضرورة» في ظل الفراغ الرئاسي وإن حصل تمايُز بينهم حيال الملفات التي «تتلاءم» مع هذا التوصيف، وهو الخلاف الذي ارتدى «لبوساً» طائفياً بعد رفْع القوتين الشيعيتين الرئيستين الصوت ضدّ تعطيل البرلمان بحجة الشغور في سدة رئاسة الجمهورية.وبعد نحو 48 ساعة من المواقف التصعيدية للعماد عون إزاء ملف التمديد للقادة الأمنيين والذي بدا على طريقة «عم بحكي يا جارة تتسمع الكنّة» محذّراً من ان «مَن يتركني أتركه» في اشارة ضمنية الى «نقزة» لديه من ان حلفاءه في «8 آذار» سلّموا بالتمديد الذي يعني بالنسبة اليه تفويت الفرصة على صهره العميد شامل روكز لبلوغ قيادة الجيش، عُقد اللقاء المنتظر بين عون والأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في إطار المساعي لاستيعاب «الغضب العوني»وقطع الطريق على اي ارتدادات لهذا الملف على العلاقة مع زعيم «التيار الحر»، وايضاً لتفادي انزلاق الأمور الى حدّ تهديد المراكز الأمنية بفراغ يرفضه الحزب من زاوية «استراتيجية» في هذه المرحلة الأمنية الحساسة او الى حدّ نسْف ما تبقى من مؤسسات عاملة ولو بالحد الأدنى في ظل الفراغ الرئاسي الذي يدخل في 25 مايو الجاري عامه الثاني.وصدر عن «حزب الله» و«التيار الوطني الحر» بيان عن لقاء عون - نصر الله جاء فيه: «التقى سماحة الأمين العام لحزب الله رئيس تكتل التغيير والاصلاح بحضور وزير الخارجية اللبنانية جبران باسيل والمعاون السياسي الحاج حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب الحاج وفيق صفا. واستعرض المجتمعون الأوضاع التي يمر بها لبنان والمنطقة، لا سيما خطر الإرهاب التكفيري الذي بات يهدّد كل المنطقة، حيث شدّد المجتمعون على ضرورة مواجهته بالوسائل كافة، حماية للبنان واستقراره، كما بحث المجتمعون في الاستحقاقات الداخلية وفي مقدمها الرئاسة الأولى، وتناولوا ايضاً مختلف الشؤون المحلية».وعلمت «الراي» ان «حزب الله»، الذي يعتبر تحالفه مع عون اولوية لن يفرّط بها مهما كانت الاسباب، هو ايضاً ضد الفراغ في رأس المؤسسات العسكرية والأمنية، خصوصاً ان ما من ضمانات من الطرف الاخر (14 آذار) بالسير في المشروع الذي يطرحه عون، أي تعيين بدلاء عن القادة الحاليين في السلك العسكري والامني.وروت مصادر بارزة في «8 آذار» لـ «الراي» ان«العماد عون كان تلقى موافقة مبدئية من زعيم (تيار المستقبل) رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على تعيين رئيس شعبة المعلومات عماد عثمان مديراً عاماً لقوى الامن الداخلي (قريب من الحريري) مقابل تعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، الامر الذي تراجعت عنه قيادة (المستقبل) لاحقاً».ولفتت هذه المصادر الى ما كان رئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة اعلنه صراحة من انه اذا كان عون يريد تعيين صهره قائداً للجيش، فعليه الانسحاب من معركة رئاسة الجمهورية (وهو الامر عينه الذي اثاره حزب الكتائب عندما ابلغ التيار الوطني الحر بأنه لا يعقل ان يكون قائد الجيش ورئيس الجمهورية من بيت عائلي واحد).وتحدثت هذه المصادر عن ان عون لم يأخذ بهذه الاعتبارات، وقال ان الآخرين يريدون مقايضتي من حسابي لانه ما من مبرر او مسوغ قانوني يتيح التمديد لقائد الجيش الحالي العماد جان قهوجي، وان من حقه (اي عون) الترشح للرئاسة لانه لن يقبل بتسويات تأتي برئيس ضعيف.وكشفت هذه المصادر ان «حزب الله» صارح العماد عون بان «14 آذار» قالت له بوضوح انها لا تريده رئيساً للجمهورية، وتالياً فان الحزب الذي سيدعم وصوله الى قصر بعبدا (القصر الجمهوري) حتى النهاية لا قدرة له على اقناع «14 آذار» بالسير به، ما يعني ان على العماد عون معالجة الامر على هذا المستوى.واللافت في هذا السياق ان التدقيق في خلاصة ما قيل بعد لقاء عون - نصرالله لا يحمل جديداً، فـ «حزب الله» كسائر القوى الاخرى يطلق اشارات تنطوي على استنتاجين هما:* رمي الجميع كرة تعيين بدلاء عن القادة العسكريين والأمنيين في اتجاه الجميع وإلا التمديد تجنّباً للفراغ، وهذا يعني ان الجميع مع التمديد الذي ينتظر سيناريوات ما.* كما في مسألة القادة العسكريين والأمنيين، كذلك في الملف الاهمّ المتمثل بالانتخابات الرئاسية، فحلفاء عون وخصومه على حد سواء يرمون رغبتهم بعدم مجيئه رئيساً على الآخرين، وهي الخلاصة التي يعاند العماد عون الاعتراف بها ويمضي قدماً في معركة بلا افق ها هي تطوي سنة اولى من الفراغ في رئاسة الجمهورية.وثمة مَن يقارب هذا المأزق المزدوج (الرئاسة والقادة العسكريين) بشيء من الدعابة عندما يتحدث عن ان العماد عون يريد جعل الجمهورية «عائلية» هو رئيس للجمهورية واحد اصهرته قائد للجيش (العميد روكز) وصهره الاخر وزيراً للخارجية (جبران باسيل).وترافق هذا اللقاء مع ترقُّب زيارة لمستشار الرئيس سعد الحريري النائب السابق غطاس خوري لعون حيث يتوقّع ان يحمل معه جواباً على قضية التمديد للقادة الأمنيين (بدءاً من المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص الذي يحال على التقاعد مطلع يونيو)، وسط شعور لدى زعيم «التيار الحر» بأن «المستقبل» لا يريد تعيين قائد جديد للجيش قبل حصول الانتخابات الرئاسية وانه، أي «المستقبل»، يعوّل على ان يصدر هذا الموقف من حلفاء زعيم «التيار الحر».

«انتظار» في لبنان لشهادة جنبلاط أمام «المحكمة الدولية»

| بيروت – «الراي» |يشهد مطلع الاسبوع محطتين بارزتين يُنتظر ان تشغلا لبنان، واحدة قضائية - سياسية وثانية حوارية، وسط توقعات بأن تكون لكل منهما تداعيات في اتجاه.والمحطة الاولى هي مثول رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الاثنين المقبل أمام المحكمة الخاصة بلبنان في لاهاي بصفته شاهداً في ملف اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري حيث سيتحدث عن «المسرح السياسي» للجريمة.وتكتسب شهادة جنبلاط، الذي يُعتبر من أشدّ مناهضي نظام الرئيس بشار الأسد وداعمي الثورة السورية، أهمية بالغة لاعتبارات عدة بينها انه واكب عن كثب مناخ تهديد الحريري قبيل اغتياله على خلفية ملف التمديد للرئيس اميل لحود (سبتمبر 2004) والذي كان من أبرز تجلياته إبلاغ الاسد للحريري (في اغسطس 2004): «إما تسير بالتمديد او أحطّم البلاد على رأسك ورأس وليد جنبلاط». علماً ان الأخير كان تلقى «مبكراً» رسالة دموية اعتُبرت في الوقت نفسه برسم الحريري وذلك في محاولة اغتيال النائب مروان حماده في الاول من اكتوبر 2004 نتيجة تصويت الزعيم الدرزي وكتلته ضد التمديد للحود وتشكيله «جسر» وصْل بين الحريري والقوى المسيحية المناهضة للوجود السوري في لبنان كان سيُتوج في الانتخابات النيابية في إطار تحالف تحت عنوان «تطبيق الطائف».اما الثانية، فهي الجولة الجديدة من الحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» مساء الاثنين أيضاً، في مقر رئيس البرلمان نبيه بري في عين التينة. ورغم ان هذا الحوار رُفد بـ «مقويات» بعد انطلاق الخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية لبيروت، اي معقل «حزب الله»، الا ان مناخاً لافتاً من التصعيد بين «المستقبل» و«حزب الله» باغته بعد الهجوم العنيف لـ «كتلة الوفاء للمقاومة» (نواب حزب الله) على تيار «المستقبل» اذ اتهمته بـ «انتهاك اتفاق الطائف والانقلاب على اصلاحاته السياسية» محملة اياه مسؤولية «خطف الاستحقاق الرئاسي وتعطيله والشلل الذي أصاب بقية المؤسسات الدستورية».وسارعت قناة «المستقبل» التلفزيونية الى الرد على بيان الكتلة موردة مجموعة قضايا داخلية وخارجية اعتبرت أن «حزب الله لا يجد عبرها هذه الأيام من ينير طريقه غير غوبلز صاحب نظرية اكذب اكذب اكذب وستجد من يصدقك».