حذّر وزير الإعلام اللبناني رمزي جريج من أن «استمرار الشغور الرئاسي لمدة طويلة يعرض النظام السياسي اللبناني إلى خطر الانهيار»، داعياً إلى «فك أسر رئاسة الجمهورية واسترداد هذا الملف، وجعله لبنانياً».ولفت جريج في حديث لـ «الراي» الى ضرورة أن يعي اللبنانيون أن بإمكانهم انتخاب رئيس جمهورية بمعزل عن الأزمات الإقليمية.وإذ ذكّر بأن الحكومة اللبنانية «أبدت في أكثر من مناسبة تضامنها مع المملكة العربية السعودية وتقديرها لما تقوم به بالنسبة إلى لبنان»، أشار إلى أن «هناك جالية لبنانية كبيرة موجودة في المملكة العربية السعودية وفي دول الخليج، تساهم في نهضة هذه الدول وتساهم أيضاً في تقدم الاقتصاد اللبناني عبر التحويلات الكبيرة التي تقوم بها بصورة دورية إلى لبنان»، مؤكداً أهمية «مراعاة علاقاتنا المميزة مع دول الخليج، وكذلك مصالحنا الاقتصادية».وفي ما يلي نص الحوار:? وزير الإعلام «لسان» الحكومة والناطق باسمها، كيف يمكن تظهير تضامنكم مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج في الوقت الذي يمضي طرفٌ في الحكومة (حزب الله) بالحملات العنيفة عليها؟ـ في لبنان هناك حرية إعلامية، ولكن يجب أن تُمارس هذه الحرية تحت سقف القانون. وقانون المرئي والمسموع ورقمه 382 نصّ صراحة على أن الحرية الإعلامية تُمارس في إطار الدستور وأحكام القانون.حين يحصل تجاوُز بحقّ دول أو أشخاص، فإن القانون يحمي الكرامات ويحمي تلك الدول من التعرض لها ومن أيّ تحقير لها.أما بالنسبة إلى الحكومة، فهي أبدت في أكثر من مناسبة تأييدها للمملكة العربية السعودية ولا سيما بالنسبة إلى الهبة غير المسبوقة التي قدّمتها المملكة للجيش اللبناني ـ أولاً 3 مليارات دولار ثم مليار ـ وهذه الهبة مقدمة لمؤسسة تدافع عن لبنان وليس الى فريق لبناني.وفي أكثر من مناسبة أبدت الحكومة ايضاً تضامنها مع المملكة العربية السعودية وتقديرها لما تقوم به بالنسبة إلى لبنان. أضف إلى ذلك أن هناك جالية لبنانية كبيرة موجودة في المملكة وفي دول الخليج، وهذه الجالية تساهم في نهضة دول الخليج وتساهم أيضاً في تقدم الاقتصاد اللبناني عبر التحويلات الكبيرة التي تقوم بها بصورة دورية إلى لبنان. من هنا تجب مراعاة كل هذه الأوضاع. أولاً علاقاتنا المميزة مع دول الخليج، وكذلك مصالحنا الاقتصادية.وانطلاقاً من ذلك، دعيت الإعلام أكثر من مرة إلى توخي الموضوعية في نقل الأخبار والتعليق عليها، وفي البرامج السياسية التي تقدمها. ولسوء الحظ ورغم وجود غالبية الأطراف داخل الحكومة، وفيما كان من المفترض على كل تلك الأطراف أن تؤثر على الإعلام لأنه مرتبط في غالبيته بها، لم يتجاوب الإعلام بالقدر الكافي وبقي الخطاب الإعلامي متشنجاً. وأنا أعالج هذا الموضوع بالحوار مع وسائل الإعلام من خلال لقاءات أقوم بها مع القيمين عليها من أجل حضّها على توخي الموضوعية والرصانة وعدم تعريض مصالح البلاد إلى الخطر نتيجة الخطاب المتشنج.? بات من الواضح أن الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة تمام سلام للسعودية هي لإسباغ الطابع الرسمي على التضامن مع المملكة واحتواء ارتدادات الحملة عليها..ـ الرئيس سلام على علاقة جيدة مع المملكة العربية السعودية، وهذه العلاقة هي في الوقت نفسه علاقة رسمية وعلاقة شخصية تعود إلى ايام الرئيس الراحل صائب سلام. ومن الطبيعي أن يزور الرئيس سلام المملكة في كل ظرف. ولكن لست على علم بزيارة قريبة لدولة الرئيس، وقد يزور السعودية في وقت لاحق.? تحدثت معلومات صحافية عن قرار جديد اتخذته دولة الإمارات بإبعاد 25 لبنانياً ليرتفع عدد اللبنانيين المرحّلين أخيراً إلى 115، لماذا لم تؤد اتصالاتكم كحكومة إلى وقف هذه الإجراءات؟ـ عندما تمّت الاتصالات بعد إبعاد عدد من اللبنانيين قبل فترة من الوقت، تم تأكيد أن هذا الإجراء لا يتناول اللبنانيين بصورة عامة، وإنما بعض اللبنانيين بسبب أوضاع إدارية معينة وأن اللبنانيين مرحّب بهم في دولة الإمارات.وإذا كان من تدبير يتناول مجدداً 25 لبنانياً، فإنه يندرج ضمن الإطار نفسه وليس تدبيراً يطال اللبنانيين بصفتهم لبنانيين أو نتيجة مواقف معينة سياسية اتخذها البعض، ولكن للإمارات قوانينها وهي تقوم بهذه الإجراءات تطبيقاً لقوانينها. وعلى كل حال قامت وزارة الخارجية بالاتصالات اللازمة من أجل الاطلاع على هذا الأمر والتدقيق، وقد وعدت السلطات في الإمارات حينذاك بأن تدقق في أوضاع اللبنانيين المبعدين لترى إذا كانت هناك بعض «الظلامة» قد وقعت بالبعض منهم.? ثمة مخاوف معلنة في الإطار نفسه، من أن تحذو دول خليجية الحذو نفسه وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لإبعاد لبنانيين على خلفية الحملات العنيفة لـ «حزب الله» على تلك الدول؟ـ كل التصريحات التي أدلى بها المسؤولون السعوديون، ولا سيما السفير السعودي في بيروت علي عواض عسيري، تقول ان العلاقات اللبنانية ـ السعودية أقوى من أن تنال منها أي حملة عبر وسائل إعلام.? هل من الممكن أن تقوموا باتصالات استباقية أقلّه لطمأنة اللبنانيين في تلك الدول؟ـ لا أعتقد أن اللبنانيين في الخليج في حال ذعر، والموقف السياسي اللبناني مجمع على وجوب إبقاء العلاقات اللبنانية ـ الخليجية على أحسن ما يرام، وكل الجهود التي تبذلها الحكومة وعلى رأسها دولة الرئيس سلام تصبّ في هذا الاتجاه.? رفع زعيم التيار «الوطني الحر العماد» ميشال عون شعار «التمديد ممنوع» للقادة الأمنيين، وهو كان لوّح بمفاجآت.. هل تخشون من تعريض الحكومة لانتكاسة عبر اعتكاف وزراء العماد عون أو انسحابهم.. وما موقف حزب «الكتائب» من هذا الملف؟ـ لم يُعقد اجتماع لوزراء الكتائب ليتحدّد موقف من هذا الملف. ويمكنني أن أقول لك موقفي الشخصي كوزير حليف لوزراء «الكتائب». أنا مبدئياً مع التعيين ومع تَداوُل السلطة في مواعيد استحقاقها. فأنا أولاً لا أحب الاستثناءات، وهناك عدد كبير من العمداء في الجيش أو في قوى الأمن الداخلي الذين بإمكانهم تبوؤ مراكز القيادة. إذاً المبدأ هو مع التعيين.إلا أن التعيين قد يصطدم بعراقيل داخل مجلس الوزراء. وأنا لست بالتأكيد مع العرقلة، ولكن مع التعيين. الا انه إذا حصلت عرقلة ولم يتم تعيين قادة عسكريين جدد، لن نترك المراكز العسكرية والأمنية القيادية في الفراغ.? هذا يعني أنكم تتجهون حينها إلى التمديد؟ـ نتجه إلى مبدأ التعيين، الذي يجب أن يُعتمد. والتعيين لا يرتبط بموقف هذا الوزير أو ذاك بل بموقف مجلس الوزراء الذي اعتمد مبدأ التوافق، وبالتالي إذا تم التوافق على تعيين مدير عام جديد لقوى الأمن الداخلي وكذلك قائد جديد للجيش اللبناني حينها يحين موعد هذا الاستحقاق، فهذا أمر جيّد وحسن. ولكن من المحتمل، ولا أقول من المرجّح، ألا يتم هذا التعيين. ففي مثل هذه الحالة، يجب البحث عن بدائل، ولا يجوز في حال من الأحوال أن نترك القيادات الأمنية في الفراغ.أما موقف العماد عون، فلا يمكن لأحد التنبؤ بما سيكون عليه. هل سيكون الانكفاء ومقاطعة جلسات مجلس الوزراء، او عدم المقاطعة؟ لا أدري. هو صاحب القرار، ولكن هل حلفاء العماد عون سيتخذون الموقف نفسه؟ هذا أيضاً سؤال يُطرح.? وسط المصاعب التي تواجهها الحكومة، بدا البرلمان أمام اختبار صعب دفع الرئيس نبيه بري إلى ما يشبه «الانتفاضة» نتيجة رفض الكتل المسيحية المشاركة في جلسة «تشريع الضرورة». ألا تخشون من تعميم «البطالة السياسية» في البلاد؟ـ الدستور اللبناني عندما لحظ أن الحكومة وفقاً للمادة 62، تقوم وكالةً بمهمات رئيس الجمهورية عند شغور هذا المركز، لم يتصوّر أن فترة الشغور قد تطول عدة أشهر وستبلغ سنة عما قريب. ولكن إذا نظرنا من الناحية القانونية إلى أحكام الدستور ولا سيما إلى المادة 74 و75 منه، فان تلك المواد تجعل من مجلس النواب هيئة ناخبة وتحتّم عليه الشروع في انتخاب رئيس الجمهورية قبل أي عمل آخر، بمعنى أن مجلس النواب خلال فترة الشغور الرئاسي يجب أن ينصبّ جهده على انتخاب رئيس جديد للجمهورية وليس التشريع إذ إن الأولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية.وإزاء الوضع الحالي واستمرار الشغور لفترة طويلة، ظهرت بعض النظريات التي تقول ان البلد لا يمكن أن يبقى في فراغ تشريعي وأن ثمة قوانين ملحّة يجب النظر فيها كي لا يعمّ الفراغ كل المؤسسات. ويجب تفسير هذا الأمر بنطاقه الضيق جداً جداً. اذ في المطلق، كل المواضيع التي يسنّ البرلمان قوانين بصددها هي مهمة، ولكن النظرية التي تؤالف بين كون مجلس النواب هيئة ناخبة وبين الظروف الاستثنائية وما سمي حالة «الضرورة»، يجب أن تَحصُر حق البرلمان بالتشريع في المواضيع المتعلقة بانبثاق السلطة مثل قانون الانتخاب ولربما الموازنة. الا انه في كل ما يتعدى ذلك لا يجوز التشريع، فإذا كان بإمكان مجلس النواب أن يجتمع لسنّ القوانين، فلماذا لا يجتمع من أجل انتخاب رئيس جمهورية جديد؟? حتى الآن لن تشارك الكتائب في أي جلسة تشريعية؟ـ أعتقد أن الموقف لا ينحصر فقط بنواب الكتائب، إذ هناك اتجاه عند أكثر من كتلة نيابية فاعلة كي يقاطعوا أي جلسة تشريعية إلا في النطاق الضيّق الذي ذكرتُه.? عشية الذكرى السنوية الأولى للشغور الرئاسي، هل من نقطة ضوء تلوح في هذا النفق، أم أن مصير الرئاسة في لبنان أصبح أسير لعبة الصراع الهائل في المنطقة؟ـ يجب فكّ أسْر رئاسة الجمهورية واسترداد هذا الملف، وجعْله لبنانياً. فإذا أردنا الانتظار إلى حين تُحلّ كل أزمات الشرق الأوسط حتى ننتخب رئيساً للجمهورية، فإن الأمر قد يطول. الآن ربطوا الأمر بالاتفاق النووي، ولاحقاً سيربطونه بالتقارب الإيراني ـ السعودي. على اللبنانيين أن يدركوا أن بإمكانهم انتخاب رئيس جمهورية بمعزل عن الأزمات الإقليمية.ومن أجل ذلك، أعتقد أنه يجب القيام بتحرك واسع سياسي ومدني، وعلى هيئات المجتمع المدني، من نقابات المهن الحرة، نقابة المحامين، نقابة الأطباء، نقابة المهندسين، وسائر الهيئات النقابية كالاتحاد العمالي العام، والهيئات الاقتصادية إلى جانب المجتمع المدني ومَن شاء من السياسيين الفاعلين، أن يقوموا بضغط كبير على النواب المقاطعين لجلسات انتخاب الرئيس من أجل حضّهم على القيام بواجبهم وعدم تعريض مستقبل البلد ومستقبل النظام إلى الخطر، لأنني أعتبر أن استمرار الشغور الرئاسي لمدة طويلة يعرض النظام السياسي اللبناني إلى خطر الانهيار. وأدعو إلى تحرك واسع وضاغط من المجتمع المدني بكل مكوّناته فضلاً عن الفاعليات الدينية والروحية من أجل الدفع بالنواب إلى القيام بواجبهم وحضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.? ختاماً، ثمة مثل شائع يقول انه عند تغيير الدول احفظ رأسك، من يتحمل مسؤولية المجازفة بـ «رأس الجمهورية» في غمرة الزلازل التي تضرب المنطقة؟ـ لا شك في أن الذين يعرقلون هذا الاستحقاق أي النواب الذين يقاطعون جلسات الانتخاب ويُفقِدونها النصاب القانوني ويحولون دون انتخاب رئيس جمهورية تقع عليهم مسؤولية كبيرة تجاه الدستور والتاريخ.
خارجيات
حوار / وزير الإعلام حذّر من أن «استمرار الشغور الرئاسي لمدة طويلة يعرّض نظامنا السياسي لخطر الانهيار»
جريج لـ «الراي»: الحكومة اللبنانية متضامنة مع السعودية
جريج متحدثاً لـ «الراي»
10:33 ص