مع ان بدء تنفيذ الخطة الأمنية في الضاحية الجنوبية لبيروت، اي المعقل الأساسي السياسي والأمني والشعبي لـ «حزب الله»، كان تطوراً منتظراً منذ أشهر، فان انطلاقتها صباح امس في شوارع الضاحية وأحيائها شكّل طليعة تطورات داخلية من شأنها ان تنعكس قريباً على مجمل الوضع السياسي والأمني في البلاد التي تشهد تصاعداً واضحاً في التوترات السياسة.فمن المعلوم ان خطة الضاحية الجنوبية كان جرى اتفاق عليها في الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، الذي تُعقد جولاته في مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة. وقد شهد هذا الحوار ولا يزال تَصاعُد الشكوك في إمكان استمراره عقب كل جولة من جولات السجالات الحادة وتبادُل الاتهامات العنيفة بين فريقيْه، وكان آخرها على خلفية الأزمة اليمنية وعملية «عاصفة الحزم».ومع انطلاق خطة الضاحية الجنوبية امس، يكتسب الحوار الذي لم ينقطع بين الفريقين قوة وصدقية جديدة، أقلّه على صعيد ترسيخ مبدأ حوار الضرورة المتعلق بحماية الاستقرار الداخلي والذي يرفعه الفريقان في معرض تبرير تمسكهما بالحوار. وهي نقطة سترخي بدلالات مهمة ومؤثّرة على المرحلة الطالعة وخصوصاً لجهة حماية موقع وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي تعرّض في الأسبوعين الأخيرين لحملة حادة من الهجومات من نواب وشخصيات طرابلسية وشمالية من قلب «تيار المستقبل»، بسبب ملف الموقوفين الاسلاميين، الى حدٍ دفع بالرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة الى الدفاع عنه مباشرةً وتغطية خطواته في وجه مهاجميه.اما الامر الأمني الآخر الذي يبرز الى الواجهة ولا ينفصل عن تأثيرات الخطة في الضاحية، فهو التحسب لإمكان نشوب معركة واسعة في منطقة القلمون السورية والتي تصاعدت التوقعات بشكل لافت في الأيام الأخيرة حول احتمال نشوبها في وقت وشيك وربما في الاسبوع الحالي. وهو أمرٌ أثار تساؤلات واسعة عما اذا كان تسريب معلومات عن هذه المعركة ينذر فعلاً باقتراب شنّ النظام السوري و«حزب الله» هجوماً منسقا في القلمون على التنظيمات المسلحة ولا سيما منها «داعش» و«جبهة النصرة» ام ان الامر ينطوي على شيء آخر. ولكن المعلومات المتوافرة في هذا المجال تشير الى ان جهات سياسية وأمنية وعسكرية وُضعت مسبقاً في جو الاستعدادات التي يجريها «حزب الله» على الاقل لهذه المعركة بما يثبت جديتها.وبين هذين التطورين، برز في الساعات الأخيرة مناخ شديد الخطورة يتصل بالتطورات الميدانية التي حصلت في الجولان من خلال الغارة الإسرائيلية على مجموعةٍ حاولت زرع عبوات ناسفة، واعتُبر الامر رداً على غارة إسرائيلية لم يتم تأكيدها رسمياً على مواقع لصواريخ في القلمون تَردد انها كانت ستُنقل الى «حزب الله»، قبل ان تتحدث المعلومات امس عن سقوط صواريخ من المقلب السوري داخل هضبة الجولان المحتل.