كونا - تعد زيارة رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان إلى الكويت الأولى له منذ توليه منصب الرئاسة في 28 أغسطس 2014، بعد أن سبق له زيارة البلاد خلال شغله منصب رئيس الوزراء.وتأتي الزيارة بعد عام واحد على زيارة سلفه الرئيس السابق عبدالله غول للبلاد، على رأس وفد رسمي التقى حينها بسمو أمير البلاد، وتم توقيع اتفاقيات في مجال التدريب العسكري واتفاقية في مجال النقل التجاري البحري وبروتوكول في شأن التعاون في مجالات الصحافة والإعلام وبروتوكول في شأن التعاون في مجال المحفوظات.وشهدت العلاقات الكويتية - التركية ولاسيما في السنوات الأخيرة تطورات كبيرة على مختلف الصعد حتى أصبحت نموذجا يحتذى به في العلاقات الدولية لما اتسمت به من مصداقية وتعاون ووحدة رأي في العديد من المواقف والأزمات التي تعرض لها البلدان.ورغم أن العلاقات بين الكويت وتركيا راسخة منذ أمد بعيد فإنها لم تتبلور بصورتها الرسمية إلا في عام 1969 حين وقع البلدان اتفاقية اقامة العلاقات الديبلوماسية والتي أعقبها تبادل افتتاح السفارتين في الدولتين عام 1970.وفي عام 1990 عندما تعرضت الكويت لمحنة الاحتلال العراقي، أعلنت تركيا عن موقفها الحازم المعارض للغزو، مؤكدة وقوفها إلى جانب الحق الكويتي وعودة الشرعية.ولم يقتصر الموقف التركي آنذاك، والذي شكل لاحقا نقطة مفصلية في العلاقات بين الدولتين، على رفض الاحتلال وتوابعه، والوقوف إلى جانب الكويت في المنابر الدولية، بل تعداه الى اتخاذ اجراءات فعلية من خلال فتح القواعد العسكرية التركية أمام قوات التحالف الدولي، للاشراف على مراقبة منطقة حظر الطيران شمال العراق، إضافة إلى مشاركة اثنين من أبرز القادة العسكريين الأتراك في قيادة قوات التحالف الدولية لتحرير الكويت.وبعد تحرير البلاد لم تنس الكويت قيادة وشعبا ذلك الموقف المبدئي المشرف لتركيا، فقام أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد، بزيارة رسمية الى انقرة في نوفمبر 1991، أعرب خلالها عن تقدير الكويت وشكرها لهذا الموقف المشرف لتركيا في دعم الحق الكويتي.وبدأت إثر الزيارة مرحلة جديدة في العلاقات الكويتية - التركية، اتسمت بالنمو والتقدم المطرد على جميع المستويات، من خلال الزيارات المتبادلة بين قادة البلدين والتي شهدت ازدهارا واضحا منذ تسلم سمو الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم عام 2006.وفي السنوات العشر الأخيرة نمت العلاقات الاقتصادية بين البلدين سريعا على المستويين الرسمي والأهلي، فقد ارتبط البلدان بأكثر من 36 اتفاقية تشمل جميع مجالات التعاون الثنائي.وخلال الزيارة الأولى التي قام بها سمو أمير البلاد الى تركيا عام 2008، تم توقيع سبع اتفاقيات شملت مجالات عدة من بينها اتفاقية التعاون الاقتصادي واتفاقية التعاون العلمي والفني، واتفاقية تشكيل لجنة عليا مشتركة للتعاون بين الكويت وتركيا على مستوى وزراء الخارجية، علاوة على اتفاقية التعاون في المجال الصحي واخرى في مجال تبادل الأيدي العاملة.وأبرم البلدان في الزيارة الثانية لسموه الى انقرة في ابريل 2013 ثماني اتفاقيات ثنائية في مجالات الطيران والنقل الجوي والتعليم العالي والبحث العلمي والصحة والثروة الحيوانية والتعاون في مجالات الصناعات الدفاعية والتعاون الثقافي والفني، الى جانب التعاون بين معهد سعود الناصر الديبلوماسي والأكاديمية الديبلوماسية التركية، واتفاق الجانبين على اعفاء حملة جوازات السفر الديبلوماسية والخاصة من تأشيرة الدخول.وعلى مستوى الوزراء وقع الجانبان العديد من الاتفاقيات خلال الفترة من 2008 الى 2013 كان من ابرزها مذكرة تفاهم للتعاون في مجال تبادل الخبرات والتدريب والتعليم العسكري واجراء المناورات المشتركة بين القوات العسكرية لكلا البلدين.واستحوذ قطاع الاستثمار على النصيب الأكبر من التعاون الاقتصادي الكويتي - التركي، ولاسيما على المستوى الرسمي من خلال الهيئة العامة للاستثمار الكويتية التي تزيد استثماراتها في تركيا، بحسب أرقام وزارة الاقتصاد التركية، على 56.1 مليار دولار تتوزع في مجال العقارات ومراكز التسوق والقطاع المصرفي والاستثمار في البورصة التركية ومجالات النقل الجوي.ويأتي القطاع العقاري في مقدمة قطاعات الاستثمار الكويتية في تركيا، ولاسيما بعد اقرار قانون التملك الحر المباشر لمواطني دول الخليج في تركيا، ما أدى الى اقبال كبير من المستثمر الكويتي على شراء العقار التركي، ليصبح اليوم واحدا من ضمن المستثمرين الخمسة الأوائل من حيث عدد العقارات المستملكة من الاجانب في تركيا.وللقطاع الخاص الكويتي مساهمات فعالة ومباشرة في السوق التركي، حيث يبلغ عدد الشركات الكويتية المستثمرة بشكل مباشر في السوق التركي نحو 80 شركة تتعامل في مختلف القطاعات، ولاسيما القطاع المصرفي وقطاع مبيعات التجزئة.ويعد البنك الكويتي - التركي الذي تأسس عام 1989 مثالا بارزا على نجاح التعاون الاقتصادي المصرفي بين البلدين والمساهمة في دعم الاقتصاد التركي، حيث استطاع البنك الذي يمتلك بيت التمويل الكويتي نصيب الأسد فيه، احتلال المركز الأول على مستوى البنوك الاسلامية في تركيا من حيث حجم الأصول.وشهد المجال السياحي نموا مطردا ولاسيما في اعداد السياح الكويتيين الى تركيا الذي وصل الى 70 ألفا في عام 2013 مقارنة مع 20 ألف سائح عام 2010.وتستورد تركيا من الكويت المواد البلاستيكية والكيميائية، بينما تعد المفروشات والمواد الغذائية والسجاد والمجوهرات والشاحنات والحديد الصلب، اضافة الى المواد الانشائية والطبية، من أهم الصادرات التركية الى البلاد.