شهدت سيول ومدن كورية جنوبية أخرى هذا الشهر فعاليات المؤتمر العالمي للصحافيين التي امتدت من 12 الى 18 ابريل، بتنظيم من جمعية الصحافيين في كوريا الجنوبية برئاسة بارك تشونغ ريول، وناقشت عناوين ابرزها الهجوم الذي تتعرض له حرية الصحافة ولا سيما في مناطق النزاعات في العالم وخصوصا الشرق الأوسط، حيث سعى المؤتمر الى استنهاض الصحافيين للدفاع عن حرياتهم، بهدف تسهيل مهمتهم في كشف الحقيقة. وكان من بين عناوين المؤتمر الدعوة الى تحقيق الوحدة في شبه الجزيرة الكورية، المقسمة منذ استقلالها عن اليابان قبل 70 عاما. كما تضمن المؤتمر جولات على مدن ومعالم تاريخية عريقة في كوريا الجنوبية، تتمحور حول الماضي العائد لالاف السنين والتقدم التكنولوجي السريع الذي جعل كوريا الجنوبية من بين الدول الأولى في العالم.المؤتمر جرى بمشاركة 100 صحافي من نحو 60 بلدا، من بينهم رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين ومقره بروكسيل جيم بوميلا، وتحدث فيه عدد من المسؤولين الكوريين الجنوبيين البارزين وصحافيون من اصحاب التجارب.بعد حفل استقبال وافتتاح المؤتمر، جرى اعتماد «اعلان الصحافيين العالمي بشأن حرية الصحافة والوحدة السلمية » الذي يقول ان كوريا هي البلد الوحيد المقسم في العالم، وان النزاع العسكري مستمر منذ توقيع الهدنة في العام 1953، في حين ان جهود الحوار بين الكوريتين للتوصل الى تعايش سلمي، وصلت الى طريق مسدود، ما يبقي التوتر القائم في شبه الجزيرة من دون حل.ويؤكد الاعلان ان الصحافيين المشاركين في المؤتمر يأملون بربيع جديد من السلام والوحدة في شبه الجزيرة الكورية.وعلى صعيد حرية الصحافة في العالم، أكد الاعلان ان «الهجمات الارهابية والعنف الوحشي ضد الاعلام والصحافيين استمر، كما ظهر في الهجوم على المجلة الفرنسية الساخرة شارلي ايبدو»، مشيرا الى انه «في العام 2014 وحده، قتل 100 صحافي في مناطق النزاع».وقال الاعلان ان «الهجمات الارهابية ضد الاعلام والصحافيين لا يمكن التساهل فيها تحت اي سبب لان حرية الخطاب والتعبير هي قيمة لا بديل منها جرى التوصل اليها من خلال الدماء والعرق اللذين بذلتهما البشرية»، مضيفا انه «في حين ان الصحافيين المشاركين في المؤتمر هم من دول وألوان واديان وافكار واجناس مختلفة، فانهم يتعهدون بالسعي لايجاد مجتمع حر سلمي والاضطلاع بمسؤولياتهم في نشر الحقيقة».بعد ذلك بدأت الزيارات إلى معالم البلاد وكانت الزيارة الأولى الى قصر جونغبوكغانغ الملكي وهو القصر الرئيسي لسلالة جوزيون التي حكمت كوريا مئات السنين، والاكبر بين خمسة قصور بنتها السلالة وجعلتها مركزا لاقامتها وحكمها. وقد بني القصر ذي الـ 7700 غرفة على يد الملك كونجو في العام 1394، لكنه دمر عدة مرات واعيد بناؤه. وكانت اخر مرة دمر فيها خلال الاحتلال الياباني في العام 1911 وما زالت عملية اعادة البناء جارية حتى الان.القصر موضوع على لائحة الاونيسكو للتراث العالمي، الا ان المكان الأهم فيه هو الحديقة السرية المعروفة بمنظرها الخلاب الذي يتناغم مع الطبيعة المحيطة فيه.من القصر الملكي الى الجمعية الوطنية (البرلمان) حيث حضر المشاركون في المؤتمر جلسة لاحدى اللجان التي كانت تستجواب وزراء من الحكومة ولا سيما من جانب نواب المعارضة بشأن الوحدة بين الكوريتين.ويذكر ان تشكيل المعارضة الرئيسي «التحالف السياسي الجديد من اجل الديموقراطية» نجح قبل أيام قليلة في دفع الرئيسة بارك غوين هاي الى اقالة رئيس الوزراء لي وان كو على خلفية اتهامات بالفساد.ثم اقام رئيس البرلمان جونغ أوي هوا، وهو الشخصية الثانية في البلاد بعد الرئيسة بارك، حفل استقبال للصحافيين تحدث خلاله ايضا عن امال الوحدة بين الكوريتين.وتوجه المشاركون في المؤتمر الى مدينة دايغو في وسط البلاد، حيث انضموا الى المشاركين في منتدى المياه العالمي الذي انعقد فيها بين 12 و17 ابريل الجاري، ضمن «ليلة دايغو» التي تضمنت عروض رقص تقليدي كوري تؤديه فتيات يقرعن على الطبول، كما تضمنت عرض أزياء للثياب التقليدية.والمنتدى الذي يعقد كل ثلاث سنوات هو أكبر حدث عالمي في مجال المياه، ويتناول العمليات السياسية والاقليمية المتعلقة بالمياه وكذلك يناقش آخر التطورات التكنولوجية في مجال توفير المياه.وحضر المنتدى 30 ألف مشارك من 170 بلدا، بينهم رؤساء دول ومسؤولون حكوميون كبار ومسؤولو منظمات دولية وعلماء ورجال أعمال يتعلق عملهم بالمياه وناشطون ومواطنون.في دايغو ايضا زار الصحافيون معبد دونغهوا البوذي وهو أكبر معبد بوذي في كوريا الجنوبية ويقع على جبل بالغونغ، حيث استقبلهم عدد من رجال الدين البوذي الكبار واصطحبوهم في جولة على أرجاء المعبد، قبل اقامة حفلة شاي وفق الطقوس التي تجري فيها.ويتضمن المعبد اكبر تمثال لبوذا يسميه القساوسة في المعبد «بوذا الوحدة» اذ يرمز الى أمل الكوريين بالوحدة.من دايغو إلى بوسان، وهي ثاني أكبر مدينة في كوريا الجنوبية بعد سيول، ويقطنها 3.6 مليون نسمة، كما تضم أكبر مرفأ في البلاد على المحيط الهادئ، وهو خامس أكثر المرافئ في العالم حركة من حيث عدد الأطنان التي تدخل إليه وتخرج منه.وتعتبر المدينة مركزا للاجتماعات الدولية وتضم بيت دول منظمة اسيا والمحيط الهادئ (ابيك) وكانت من المدن التي جرت فيها مباريات كأس العالم 2002، وستستضيف الألعاب الأولمبية الصيفية في العام 2020.وتضم المدينة جسر غوانغانغ المعلق، أو ما يعرف بجسر الألماس الذي يربط بين شطريها والبالغ طوله الإجمالي 7420 مترا، وقد استغرق بناؤه ثماني سنوات وانتهى في العام 2002.في بوسان زار المشاركون في المؤتمر اولا مركز بوسان المالي الدولي وهو ناطحة سحاب يبلغ ارتفاعها 289 مترا. وبعد افتتاحه في اغسطس 2014، نقلت اليه سوق المشتقات المالية في كوريا الجنوبية، بما يساهم في وضع المدينة على لائحة المراكز الرئيسية للأعمال في العالم.من هناك الى مقبرة جنود الأمم المتحدة الذين شاركوا في الحرب الكورية والتي تضم رفات 2300 من هؤلاء الجنود بعدما تم اعادة نقل رفات الاف القتلى الاخرين الى بلدانهم منذ انشائها. وتعود الرفات الى جنود من 16 دولة شاركت في الحرب ضد الكوريين الشماليين ومن بينها تركيا.ثم إلى قرية غامتشون الثقافية التي تضم عشرة الاف نسمة التي جرى طلاء جدرانها بلوحات فنية لتشجيع السياحة اليها ويسكنها بشكل رئيسي كبار السن والمتقاعدون. ثم بعد ذلك الى مركز «بيكسكو» للمعارض والمؤتمرات الذي يحتوي على قاعة للعرض تفوق مساحتها مساحة ثلاثة ملاعب كرة قدم، كما يشتمل على قاعة متعددة الاغراض واوديتوريوم ومساحة خارجية للعرض.«بيت السينما في بوسان» الذي زاره المشاركون في المؤتمر ذو هندسة معمارية فريدة، اذ ان سقفه المتعرج معلق على اعمدة من جهة واحدة ويضم 3 مسارح، هي «جبل السينما» وهو مساحة عرض متعددة الاغراض حيث يمكن مشاهدة الافلام والعروض الموسيقية والحفلات، و«ساحة العرض الخارجية» حيث تعقد حفلات الافتتاح والاختتام لمهرجان بوسان الدولي للافلام، وهناك مقرات المهرجان السينمائي التي تعرض فيها الافلام المشاركة.ومن هناك عودة بالقطار السريع الى سيول، ثم الى المنطقة المنزوعة السلاح بين الكوريتين، حيث كانت جولة منظمة على تلك المنطقة التي اقيمت بموجب اتفاق الهدنة الموقع في العام 1953 والذي وضع حدا لحرب استمرت 3 سنوات واوقعت مليونا و700 ألف قتيل ودمرت البلاد، ولا سيما سيول التي تحولت يومها الى رماد