كما هو واضح لدى علماء اللغّة والبلاغة والبيان، وأهل الفصاحة واللِّسان، فإنّ القرآن آية معجزة في فنِّه اللغوي، وفي أدبه وبلاغته وأسلوب خطابه، لينفذ إلى أعماق النفوس، ويسري في منافذ القلوب، ويستهوي الذوق الجمالي والحسّ الأدبي لدى المتلقِّي، ليوصل الكلمة والخطاب والفكرة والمضمون إلى المخاطب بأفضل الطرق وأيسرها.. وليعرِّف المخاطب به أنّ هذا القرآن ليس من صنع الإنسان، ولا يمكنه أن يأتي بمثله، ولو كان بعض الناس لبعضٍ ظهيراً.. بل هو معجزة إلهية، ووحي مُنزَل.. والدراسة التحليلية لأساليب الخطاب القرآني تكشف عن عدة أساليب وفنون أدبية وتعبيرية وجمالية..فإنّ من أوضح أساليب الخطاب القرآني هو أسلوب الحديث المباشر مع المتلقِّي وطرح الفكرة عليه كجهةٍ مباشرةٍ في الخطاب والفهم، أو إصدار الأمر والنهي إليه.. مثل قوله تعالى:(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (النساء/ 1).(وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (آل عمران/ 104).(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (النور/ 56).(يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (الأعراف/ 31). (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) (الحجرات/ 1). (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف/ 108).(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل/ 125).(يَا أَيُّهَا الإنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) (الانفطار/ 6-7).