على وقع الحرب الضروس التي تخوضها منظمة «أوبك» ودول الخليج ضد النفط الصخري، الذي بدأ يغيّر بالفعل المشهد النفطي والسياسي على حد سواء في المنطقة والعالم، يبدو أن خطر «الصخري» لم يعد يقتصر على واشنطن وحدها فحسب.بالأمس خرجت وسائل إعلام صينية رسمية لتؤكد نقلاً عن وزارة الأراضي والموارد الطبيعية، أن بكين اكتشفت احتياطات غاز صخري قابلة للاستغلال تقدر بنحو 27 مليار متر مكعب في 2014.وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أن احتياطات الغاز الطبيعي القابلة للاستغلال ارتفعت بمقدار 475 مليار متر مكعب في العام الماضي، بينما زادت احتياطات النفط القابلة للاستغلال 187 مليون طن.صحيح أن الأرقام الواردة عن الاحتياطات النفطية تبدو عادية إلى حد ما، إلا أن أرقام احتياطات الغاز «مهولة للغاية»، قد تمهد وفق ما يذهب إليه خبراء إلى تقليص اعتماد الصين على النفط، مقابل تركيز أكبر على مواردها الغازية.وبينما يرى هؤلاء أن هذا الاكتشاف من شأنه أن يعمّق أزمة أسعار النفط التي بلغت أدنى مستويات منذ أكثر من 5 أعوام، يؤكدون أن هذا الأمر يشكل خبرا سيئاً للكويت التي تبيع الصين ما يزيد على 300 ألف برميل نفط يومياً ضمن اتفاق وقعه البلدان في أغسطس الماضي لمدة 10 سنوات.ومعلوم أيضاً أن الصين التي تعد من أكبر 3 أسواق مستوردة للنفط الكويتي، تستورد من منطقة الشرق الأوسط فقط نحو 6 ملايين برميل يومياً، ما يعني أن نجاحها في تطوير حقول للنفط والغاز الصخري كفيل بتهديد إيرادات دول المنطقة، لاسيما في ظل التنافس المحموم بين الكويت والسعودية وإيران على السوق الصيني.لا بد من الإشارة أيضاً إلى أن الكويت اتفقت مع الصين على إنشاء مصفاة مشتركة لتكرير 400 ألف برميل من النفط الكويتي يومياً، ولا شك أن مثل هذه المشاريع قائمة على أساس التوقعات بنمو الطلب الصيني على النفط بنسب كبيرة خلال السنوات والعقود والمقبلة.ويبين الخبراء لـ «الراي» أن من شأن هذا الاكتشاف الكبير أن يوجه ضربة قاصمة للدول المصدرة للنفط من داخل «أوبك» أو من خارجها، خصوصاً في ظل الأزمة العالمية الحالية مع تخمة المعروض وضعف الطلب.في المقابل، أشارت تقديرات إدارة معلومات الطاقة الأميركية في مارس من العام 2012 إلى أن احتياطات الغاز الصخري القابلة للاستخراج من الناحية الفنية في الصين تبلغ 36.1 تريليون متر مكعب لتتجاوز الاحتياطات الأميركية البالغة 24.4 تريليون متر مكعب.وفي حين كانت «أوبك» تمني النفس بصوابية سياستها الهادفة إلى تحجيم خطر النفط الصخري من خلال الهبوط بالأسعار إلى مستويات متدنية بما يؤدي تلقائياً إلى إقفال مئات منصات النفط الصخري العاملة في أميركا، وهو ما بدأ يحصل بالفعل، تأتي الأنباء الصينية لتزيد ضبابية المشهد على مقربة من الاتفاق النووي النهائي بين إيران والدول الكبرى، والذي يمهد بدوره إلى زيادة الإمدادات الإيرانية من 1.5 مليون برميل يومياً إلى عتبة الـ 3.5 مليون برميل يومياً.ويجزم المحللون أن الصين ستمضي على خطى الولايات المتحدة التي وجدت في «الصخري» ضالتها المنشودة للتخلص من تبعيتها للنفط المستورد وزيادة اكتفائها الذاتي في مجال الطاقة من خلال المصادر غير التقليدية.أكثر من ذلك ينظر إلى الإنتاج من النفط الصخري الأميركي بأنه «لعنة» حلّت على دول الخليج التي تعتمد اقتصادياتها اعتماداً تاماً وكاملاً على إيرادات النفط التي تراجعت إلى أدنى مستوياتها بفعل هبوط الأسعار، حتى أن بعض الدول وعلى رأسها المملكة العربية السعودية سجلت عجزاً في ميزانيتها للمرة الأولى منذ سنوات طويلة، ولكن يبدو أن اللعنة صارت لعنتين !
اقتصاد - النفط
اكتشفت 27 مليار متر مكعب من الغاز
الخطر «الصخري» ... لعنة آتية من الصين أيضاً
خطر النفط والغاز «الصخري» لم يعد يقتصر على أميركا فقط
11:15 ص