سجلت المؤشرات العامة لسوق الكويت للاوراق المالية أسوأ أداء لها في الربع الأول منذ ما بعد الأزمة المالية العالمية، وتحديداً، بدايةً من العام 2011 وحتى نهاية الربع الاول من العام 2015.وبحسب حركة السوق، حقق «المؤشر السعري» تراجعاً في أدائه يصل الى 3.8 في المئة منذ بداية السنة الحالية (حتى إقفالات السوق في 31 مارس)، فيما لحق به «المؤشر الوزني» ليسجل خسارة بلغت 2.67 في المئة، إذ تأثرت وتيرة التداول بشكل لافت خلال الأشهر الأولى ببعض العوامل السلبية التي طرأت.ولعل أبرز تلك العوامل، مسار تعديلات قانون هيئة أسواق المال والترقب لها طيلة الفترة الماضية وما صاحب ذلك من تخوف لتضمينها مزيداً من التعقيدات قد تُصيب الاوساط الاستثمارية وشريحة المضاربين بمزيد من اليأس ما سيكون لها انعكاسات سيئة على التداولات اليومية، (كما كان يحدث مع ظهور بعض المقترحات النيابة التي لا تخدم السوق).وكان لعدم استقرار الاوضاع السياسية الإقليمية حضور واضح على نفسيات المتعاملين، إذ فضل الغالبية من الأفراد عدم ضخ سيولة جديدة، بل والتخارج من بعض استثماراتهم الى حين استقرار الاوضاع، فيما انعكس تراجع أسعار النفط (خسر نحو 60 في المئة من السعر) على السوق بطريقة مبالغ فيها، خصوصاً أن الشركات المرتبطة أنشطتها بالنفط والمواد البترولية لا يتجاوز عددها أصابع اليد الواحدة، على عكس الأسواق الخليجية الاخرى مثل المملكة العربية السعودية وقطر وغيرها من البورصات التي تمثل الصناعة النفطية حصة مؤثرة في قيمتها السوقية.وكان لضعف المبادرات التي يقدمها لاعبو السوق من القطاع الخاص مثل شركات الاستثمار والكيانات المالية المختلفة او«المحفظة الوطنية» التي تمثل «الحكومة» في البورصة تأثير في تحديد مسار السوق الذي يتعطش لضخ سيولة جديدة تغير من مساره وتجذب المتعاملين إليه، فيما ظلت الصناديق مُقيدة بقواعد منها نسب التركز وغيرها ما يتطلب وقفة حقيقية لإعادة صياغتها.ومن الواضح ان غياب المحافظ المالية والصناديق الاستثمارية المحلية ومعظم الاجنبية كان لها دور صريح في ما وصلت إليه الامور في سوق المال خلال الأشهر الماضية، فقد جرت العادة على ان تكون هذه الفترة الاكثر رواجاً في البورصة في ظل مساعي تكوين المركز على الأسهم التشغيلية وذات الأداء الجيد، وذلك وسط ترقب لنتائج الاعمال السنوية للشركات والمجموعات المدرجة وما يصاحبها من إصدار لتوصيات بتوزيع ارباح نقدية (كاش)، بالاضافة الى أسهم منحة مجانية للمساهمين المسجلين في دفاتر تلك الشركات بتاريخ انعقاد الجمعيات العمومية واتخاذ إجراءات الشهر.وفي قراءة تاريخية، يتضح أن أداء البورصة الكويتية كان الأسوأ خلال الربع الأول، علماً بأن الشركات حققت ارباحاً تصل الى نحو 1.7 مليار دينار، اوصت بتوزيع 1.13 مليار دينار منها للمساهمين، بزيادة ملحوظة تزيد على 4 في المئة عن العام 2013، إلا ان تلك التوزيعات لم تشفع للأسهم بل واكبت الافصاح عنها موجات من الهبوط والتراجع، على عكس السنوات الماضية بما فيها سنوات الازمة التي كانت يسجل المؤشر فيها استقراراً نسبياً (خلال الأشهر الاولى).واتضح من تردي وضع سوق الارواق المالية خلال الفترة الماضية مدى الحاجة الملحة لإطلاق أدوات استثمارية جدية، مثل صناع السوق ومزودي السيولة، والمشتقات المالية (سواءً كانت صكوكاً او سندات او تداول مؤشرات وغيرها) لتوفير أجواء جيدة قادرة على استقطاب الاوساط الاستثمارية، فهناك فقر في الأموال متداولة وتراجع واضح في معدلات دوران السلع التشغيلية، كل ذلك يحتاج الى وضوح في الرؤية بالاضافة الى قرارات رقابية تنظيمية تصدر عن هيئة أسواق المال لتطوير السوق باعتباره الوعاء الاستثماري الاكثر أهمية في الوقت الحالي ( قيمة الأسهم المدرجة تراجعت بـنحو 4.2 في المئة منذ بداية العام وحتى نهاية الربع الاول).