توحي الأجواء السائدة في لبنان بـ «ارتياب» متعاظم من وهج التصعيد المتعدّد الساحات المتوقّع ان يزداد تصعيداً في المدة الفاصلة عن الموعد النهائي لتوقيع الاتفاق النهائي حول النووي بين ايران والدول الغربية الست المقرر في يونيو المقبل.وتخشى بيروت، التي تفاخر بالاستقرار السياسي - الأمني النسبي الذي تنعم به مقارنةً مع الحرائق الهائلة في دول المنطقة، من تلقيها ارتدادات قاسية لموجة التصعيد المحتملة التي تُسابِق الاتفاق النووي وتريد من خلالها المحاور الاقليمية الإمساك بالمزيد من الأوراق.ورغم ان بيروت، التي سارعت الى «ربْط الأحزمة» في ملاقاة المطبات القاسية، نجحت مرة جديدة في الاستمرار بـ «تنظيم الصراع» عبر مضي «حزب الله» و«تيار المستقبل» في حوارهما الصعب، فان المخاوف تزداد من ان «تؤدي كثرة الضرب الى فكّ اللحام» على حد تعبير راعي هذا الحوار رئيس البرلمان نبيه بري.وتتخذ هذه المخاوف طابعاً جدياً مع التقديرات التي تتحدث عن ان المسافة الفاصلة عن يونيو مرشحة لان تشهد جولات أكثر صخباً في ساحات الصراع ولا سيما في اليمن وسورية، الامر الذي لن يكون لبنان في منأى عنه وخصوصاً في ضوء تحضيرات «حزب الله» لمعركة القلمون السورية على الحدود الشرقية للبنان من جهة، وتوليه الحملة الإعلامية على المملكة العربية السعودية بالنيابة عن محور الممانعة من جهة أخرى.ومن هنا اكتسب توقيف الشيخ خالد حبلص (أحد قادة «داعش») وأمير الكردي ومقتل اسامة منصور (من «جبهة النصرة») وأحمد الناظر في مكمن لشعبة المعلومات في قوى الامن الداخلي في طرابلس (الشمال) قبل ثلاثة ايام أهمية خاصة لأن هذا التطور اعتُبر في سياق «الامن الوقائي» الذي أتاح تسديد ضربة للمجموعات الارهابية التي ينتمي اليها كل من منصور وحبلص والتي تقاطعت المعلومات عند انها كانت تهيئ لعمل ارهابي تستمرّ محاولات انتزاع تفاصيله من حبلص.كما شكّل مرور مقتل منصور بهدوء في طرابلس مؤشراً الى مناخ شعبي داعم لإنهاء كل ظواهر الخروج على الشرعية التي نمت من خلف «خطوط التماس» المذهبية التي اشتعلت لأكثر من 20 مرة بين 2008 و 2014 بين جبل محسن (العلوي) والتبانة (السنية)، وايضاً الى صلابة القرار السياسي الذي أتاح ترجمة الخطة الأمنية لطرابلس وإنهاء جبهة «الجبل» - «الباب»، وإن كان سُجل «اعتراض ناعم» لهيئة العلماء المسلمين على قتل منصور ونجاح القوى الامنية «في توقيف المطلوبين الذي ينتمون الى مذهب محدد فقط»، وتذكير رئيسها الشيخ سالم الرافعي «بالمتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري والضالعين في تنفيذ تفجير مسجدي التقوى والسلام (في طرابلس في اغسطس 2013)»، معتبراً انه «كان على الدولة ان تعامل شباب السنّة كشباب الشيعة في بريتال وغيرها من المناطق واعطائهم فرصة للسفر كغيرهم»، وهو ما ردّ عليه وزير الداخلية نهاد المشنوق مطالباً العلماء «بأن يتبينوا قبل اصدار اي بيان معلوماته غير دقيقة، فالأبطال في شعبة المعلومات لم يطلقوا النار أولا إلا بعدما اطلقت عليهم النار واصيبوا».وفيما بقي الهدوء يلفّ طرابلس امس غداة تشييع منصور الذي يُعتبر شريك الفار من وجه العدالة شادي المولوي في الاعتداءات على الجيش اللبناني ولا سيما مواجهات اكتوبر الماضي في باب التبانة والتي تمدّدت الى بحنين - المنية وأفضت الى ظهور الشيخ حبلص الذي تورطت مجموعته في المعارك مع الجيش، بقيت الانظار على التحقيقات مع الأخير في محاولة لكشف ما كانت تعدّ له الخلية التي كان يقودها وسط معلومات عن عمل أمني ما كان يجري الإعداد له بالتنسيق مع منصور الذي كان حبلص قبيل توقيفه يعقد اجتماعاً معه في طرابلس، وفي ظل مساع لمعرفة اذا كان ثمة رابط بين الأخير ونبيل الصديق الذي اوقفته مخابرات الجيش اخيراً وأشارت المعلومات الى انه «مفتي» داعش في عرسال.واذ تأكد ان الشخص الثالث الذي كان يرافق حبلص قبل توقيفه وتمكن من الفرار بات في عهدة القوى الامنية كشفت تقارير ان حبلص أنكر في بداية التحقيق معه هويته قائلاً: «لست خالد حبلص. أنا شقيقه وشبيهه» قبل أن يتبين لاحقا أنه زوّر أوراقه الثبوتية وغيّر في مظهره الخارجي، تحسباً لاحتمالات القبض عليه.وبحسب هذه التقارير فان صعوبات تعترض عمل المحققين نتيجة ان أشخاصاً مثل حبلص يفترض ان يكون مدرّبين على مواجهة ضغوط التحقيقات، في حين رجّت اوساط مطلعة ان تساهم الضربة التي وُجّهت للمجموعات الارهابية في تداعي الخلايا النائمة التابعة لـ «داعش» و«النصرة» اذا كانت قائمة.وفي موازاة ذلك، برز تعليق الشيخ أحمد الاسير الملاحَق قضائياً على خلفية مواجهات عبرا مع الجيش اللبناني صيف 2013 على مقتل اسامة منصور وتوقيف حبلص، اذ غرّد عبر حسابه على «تويتر» (كان انقطع عنه لنحو 3 اشهر ونيف) قائلاَ «من إنجازات حوار حزب الله و»الصحوات»(المستقبل) إعدام المجاهد أسامة منصور ورفيقه ميدانياً واعتقال الشيخ المجاهد خالد حبلص».وجاء تعليق الاسير بعد نشر الناطق الاعلامي باسم «كتائب عبد الله عزام» الشيخ سراج الدين زريقات سلسلة من «التغريدات» قال فيها: «رحم الله الأخ المجاهد أسامة منصور وتقبله في عداد الشهداء. الذي قتله فرع المعلومات في طرابلس. ولا تزال الأجهزة الأمنية اللبنانية لا همّ لها ولا عمل إلا ملاحقة أبناء أهل السنة والجماعة في لبنان! ولا يزال المجرمون من أتباع حزب إيران قتلة الوزراء والنواب وقادة الدولة اللبنانية في ظل حماية الأجهزة الأمنية جميعها».وأضاف «أين بطولات فرع المعلومات ومخابرات الجيش اللبناني لاعتقال قتلة رفيق الحريري؟ وفرانسوا الحاج ووسام الحسن؟ وغيرهم، أم أن الضاحية الجنوبية لبيروت محصنة (...) وهل يا ضباط فرع المعلومات ومخابرات الجيش تخافون نهاية كنهاية وسام عيد فيقتلكم»حزب الله»؟ (...) ليست مشكلتكم مع أسامة منصور أو شادي مولوي أو الشيخ الأسير أو العبد الفقير ! لا والله.. مشكلتكم مع أهل السنّة في لبنان! وإن غدا لناظره قريب».
خارجيات
التحقيقات متواصلة مع «الصيد الثمين» لكشف الخلايا الإرهابية «النائمة»
لبنان في مرمى الرياح الساخنة لـ «يونيو النووي»
08:43 ص