تعاظمت في بيروت الحرب الكلامية وبمكبّرات الصوت بين «حزب الله» الذي بكّر في شنّ هجمات غير مسبوقة على المملكة العربية السعودية على خلفية قيادتها «عاصفة الحزم» في اليمن، وبين تيار «المستقبل» الذي رأى في الحملات المتمادية للحزب وأمينه العام السيد حسن نصر الله على السعودية ودول الخليج إمعاناً في توريط لبنان وتدفيعه ثمن المشروع الايراني وتَمدُّده في المنطقة.وبلغت المواجهة الإعلامية - السياسية بين الطرفيْن على مدى نحو اسبوع حدوداً بالغة التصعيد والتوتر ما أوحى بأنها مفتوحة على المزيد من المنازلات الحامية وخصوصاً بعد المواقف التي أعلنها المرشد الأعلى في ايران السيد علي خامنئي ضد السعودية وحملتها الجوية في اليمن وتظهير التدافُع الايراني - الاميركي حيال النسخة النهائية للاتفاق النووي.وجاء هذا المناخ الخشن ليضع جلسة الحوار العاشرة بين «المستقبل» و«حزب الله» الثلاثاء المقبل برعاية الرئيس نبيه بري امام أخطر اختبار منذ انطلاق هذا التواصل المباشر بين الطرفيْن اواخر ديسمبر الماضي، على قاعدة تنفيس الاحتقان الداخلي وتقوية المناعة اللبنانية حيال حرائق المنطقة وتقطيع الوقت بانتظار اي اختراق اقليمي يتيح الإفراج عن الملفات العالقة في لبنان ولا سيما انتخابات رئاسة الجمهورية.وفيما كانت الجبهة الكلامية تواصل اشتعالها على خط «حزب الله» - «المستقبل» الذي لم يتأخر في الردّ العنيف على مواقف رئيس كتلة نواب الحزب محمد رعد، اضطر الرئيس بري امس الى إطلاق موقف مُطَمْئن الى صمود الحوار، فعلّق على جو التشكيك باستمرار الحوار وامكان تأجيله، مؤكداً ان «الحوار قائم ودائم لتحقيق كل ما هو في مصلحة لبنان وبإصرار من الطرفين، والجلسة المقبلة كانت وهي باقية بعد العطلة أي في 14 ابريل».وفي موازاة ذلك، أبلغ النائب سمير الجسر ممثل تيار «المستقبل» الذي يشارك في جلسات الحوار «الراي» انه «لم يحصل حتى الآن اي اتصال حول تأجيل جلسة الحوار المقبلة، ما يعني انها ما زالت قائمة، إلا اذا طرأ شيء ما».وحول مدى تأثير التصعيد الإعلامي والكلامي على الحوار ولا سيما في ضوء ما نُقل عن الرئيس بري من ان «كثرة الضرب تفكّ اللحام» قال الجسر: «هذا صحيح، ولكن لنرَ من اين بدأ التصعيد» في اشارة الى «حزب الله»، مؤكداً في الوقت نفسه «اننا حريصون على استمرار الحوار وهم ايضاً حريصون، ويبقى ان ذلك يحتاج الى ترجمة عملية».وكان الصخب السياسي بلغ ذورته مع البيان العنيف الذي أصدره النائب محمد رعد وردّ فيه على ردّ رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري على مواقف السيد نصر الله عبر قناة «الإخبارية السورية» (الرسمية)، اذ اعلن: «اننا نتفهّم حراجة وضع الشيخ سعد وضيق صدره في هذه اللحظة الزمنية وخصوصا ازاء كل ما ننتقد به زعماء السعودية وسياساتهم الخرقاء وعدوانهم الفاشل على اليمن وشعبه»، معتبراً ان «الصمت عما يرتكبه هؤلاء من جنايات وابادة للمدنيين (...) هو صمت لا يرتضيه إلا العبيد أو الجهلة أو الجبناء»، ولافتاً الى ان «الطعن المشبوه بدور ايران هو افتراء محض، وقد يكون توظيفاً تافهاً وارتزاقاً رخيصاً يحترفه البعض المعروف في لبنان، في سياق التملّق أو عرض الخدمات للدول المعادية»، وداعياً الحريري «وكل فريقه والمتعاونين معه إلى وقفة ضمير ومراجعة موضوعية لسياساتهم المعتمدة».وعلى طريقة «ردّ التحية بمثلها» انبرى «تيار المستقبل» الى ردّ ثلاثي تجلّى في الآتي:* افتتاحية صحيفة «المستقبل» التي جاء فيها: «من كبيرهم ومرشدهم الذي علّمهم الحقد على أبناء جلدتهم العربية وأطلّ أمس (اول من أمس) ولياً شتّاماً أمّاراً بالفتنة المذهبية، إلى صغارهم التابعين العاملين بكدّ وجدّ على شق الصفّ الإسلامي وتهشيم الهوية العربية كرمى لعيون فارسية حالمة بالإمبراطورية. تتواصل الهستيريا الإيرانية فصولاً منذ أن رعدت في الفضاء الحوثي عاصفة الحزم العربية الإسلامية بقيادة المملكة العربية السعودية».* بيان الأمين العام لـ «تيار المستقبل» أحمد الحريري الذي اعتبر أن «الأمر الصحيح والوحيد في رد النائب رعد هو تأكيده وجود تباين واضح وإستراتيجي ومنهجي بين (حزب الله) و(تيار المستقبل)، وهو تباين لا يتوقف عند حدود الحدث اليمني»، سائلاً عن «أي التزام وطني ودستوري وأخلاقي وانساني يتحدث عنه رعد ازاء اليمن، وهو يعلم ان حزبه شريك مضارب في الحروب الأهلية العربية بما في ذلك حرب اليمن؟، وأين الأخلاق والإنسانية والوطنية في ان يعطي (حزب الله) نفسه حق المشاركة في اكبر مجزرة في التاريخ العربي والإسلامي وينفّذها بكل ما يمكن ان يوصف من دم بارد بحق مئات الآلاف من أبناء الشعب السوري؟ يبدو ان النائب رعد لا يستطيع ان يزن الأمور إلا بميزان الفتاوى الإيرانية».