توفي في مدينة النجف امس عضو مجلس الحكم العراقي الموقت السابق رجل الدين السيد محمد بحر العلوم، وذلك بعد صراع طويل مع المرض.وسبق للراحل الذي يعد عميد اسرة بحر العلوم، وهو والد السفير العراقي لدى الكويت منذ 2010 محمد حسين محمد بحر العلوم، سبق ان نقل الى مستشفى الصدر في النجف نتيجة دخوله في غيبوبة اثر معاناة من عجز في الكلى والكبد. وسبق للفقيد ان دخل في غيبوبة كاملة الأسبوع الماضي إثر عودته من رحلة علاجية في لندن.وبعث صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد برقية تعزية إلى أسرة المغفور له بإذن الله تعالى سماحة العلامة الدكتور السيد محمد بحر العلوم، أعرب فيها سموه عن خالص تعازيه وصادق مواساته بوفاته، سائلا المولى تعالى ان يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أسرته الكريمة وذويه جميل الصبر وحسن العزاء، مشيدا بالمكانة الدينية الرفيعة أن يتبوأها سماحته، وبمواقفه الوطنية المشهودة واسهاماته الجليلة في خدمة وطنه وقضايا أمته الاسلامية.كما بعث سمو نائب الأمير ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ جابر المبارك، برقيتي تعزية مماثلتين.وفيما نعت السفارة العراقية في الكويت العلامة الدكتور محمد بحر العلوم، عبر عدد من الشخصيات الكويتية البارزة عن حزنها العميق لرحيل العلامة الذي أسس مدرسة التسامح والاعتدال، داعين المولى عزوجل ان يسكن الفقيد فسيح جناته وأن يلهم أهله الصبر والسلوان. وأشادت هذه الشخصيات بمواقف الفقيد الرافضة للغزو الصدامي، منوهة بأن الفقيد لطالما حلم بتخليص العراق من الزمرة الفاسدة التي كانت تحكمه قبل تحريره.السفارة أصدرت بيانا تنعى فيه الفقيد «الذي وافاه الأجل المحتوم أمس بعد صراع مع المرض» مشيرة إلى أن «العراق والعالم الإسلامي فقدا أحد أبرز الشخصيات العلمية والدينية والسياسية والاجتماعية التي عملت طوال عقود على إرساء معالم مدرسة التسامح والاعتدال ومقارعة الاستبداد» متقدمة بتعازيها من «الشعب العراقي والأمتين العربية والإسلامية بهذا المصاب».محليا، قال علي المتروك «ان العراق والمنطقة العربية فقدت علما من أعلام الأمة العربية والاسلامية، لافتا إلى ان الفقيد الراحل سخّر حياته لنصرة القضية العراقية وتخليصه من براثن الديكتاتور صدام حسين».واضاف المتروك «نحمد الله الذي أمد في عمر الفقيد حتى رأى انتصار قضيته التي انتهت بزوال الغمة وانفراج أزمة العراق الشقيق»ودعا المتروك الله أن يتغمد الفقيد ويسكنه فسيح الجنان ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.من جانبه، قال وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة السابق عبدالهادي الصالح ان الفقيد ترك بصمة واضحة في تقريب العلاقة بين الكويت والعراق،خصوصا في الفترة التي كان يحكم فيها العراق من قبل صدام حسين.وأضاف الصالح «كلنا نتذكر مجالس الحكمة والمعرفة التي كنا نراه فيها خلال زيارته لدواوين الكويت كل سنة في شهر رمضان، وخصوصا ديوان المرحوم مير محمد الكاظمي القزويني في منطقة الدسمة»، مشيرا إلى الدور الذي قام به الفقيد خلال تصديه للمسائل الفقهية المتعلقة بمحكمة الأحوال الجعفرية.وأشار إلى ان الفقيد كان يحل سنويا ضيفا على القيادة الكويتية للتشاور حول الأمور المشتركة التي تهم الكويت والعراق، مشيدا بموقفه الرافض للغزو الصدامي للكويت.وتابع ان الفقيد يتحدر من عائلة بحر العلوم تلك العائلة المعروفة بالعلم والمعرفة والزهد والحكمة، لافتا إلى ان الفقيد لطالما أثرى الملتقيات العلمية التي كان يشرف عليها الوقف الجعفري في الكويت.من جهته، قال الدكتور عبدالواحد الخلفان «بداية نعزي الشعب العراقي الشقيق بوفاة العلامة المجاهد الذي أفنى عمره في نصرة القضية العراقية، موضحا ان الفقيد عمل خلال حياته على تكريس علاقات الأخوة والمحبة والصداقة بين العراق وجيرانه، لاسيما الجهود التي كان يبذلها في تقريب علاقات الأخوة والمحبة بين الشعبين العراقي والكويتي من خلال زيارته السنوية التي كان يقضيها بين محبيه». وأوضح خلفان ان الفقيد كانت تربطه علاقات وطيدة بمختلف القطاعات الاجتماعية الكويتية، حيث كان حريصا جدا على استمرار العلاقة الجيدة بين شعبي الكويت والعراق.في السياق نفسه، أصدر وكيل المرجعيات الدينية في الكويت محمد باقر المهري بيانا تقدم فيه بالعزاء من الحوزات العلمية والمراجع وأهل الفكر والأدب وعائلة الفقيد بالمصاب، مشيرا إلى أن الفقيد قضى عمره بالكتابة والتأليف والجهاد، وأنه ارتبط بالكويت وقيادتها السياسية بصداقة قديمة وكان على تواصل مع الشعب الكويتي.وولد بحر العلوم في عام 1927 في مدينة النجف، وله أكثر من 50 مؤلفا في التاريخ والفقه والسياسة، وهو خريج جامعة النجف الدينية، كما حصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة في الشريعة الإسلامية عام 1979.وينتمي الفقيد إلى اسرة دينية اجتماعية سياسية ساهمت في بناء الدولة العراقية منذ 1921 وهو زعيم وسياسي إسلامي بارز في العراق، وعالم وكاتب وخريج جامعة النجف الدينية، وحصل على الدكتوراه من جامعة القاهرة في الشريعة الإسلامية عام 1979.ويعد بحر العلوم أحد اركان الحركة الإسلامية في العراق وهو سياسي مستقل ويمتلك علاقات سياسية واسعة مع الأحزاب السياسية بشكل عام ويحظى باحترام الجميع بسبب مواقفه المعتدلة المستقلة.وبحر العلوم هو والد وزير النفط العراقي الاسبق النائب إبراهيم محمد بحر العلوم وكذلك والد السفير العراقي في الكويت منذ 2010 محمد حسين محمد بحر العلوم، وكان مع مجموعة من السياسيين العراقيين من اول موقّعي وثيقة (الديموقراطية وحقوق الانسان في العراق) في عام 1988 التي سلطت الضوء على ظلم واضطهاد النظام البائد للشعب العراقي وانتهاكه لحقوق الانسان في العراق وقادت الى اعلان قيام تحالف سياسي عراقي عريض هو (المؤتمر الوطني العراقي) واقامة اول مؤتمر له في فيينا عام 1992.كما كان بحر العلوم عضوا في قيادة «الوفد»، الذي مثل «المؤتمر الوطني العراقي» وقام مع مسعود البارزاني وجلال الطالباني بزيارة الادارة الاميركية في واشنطن لعرض افكار ورؤى المؤتمر، وتشكّل مجلس الحكم ورئسه بحر العلوم بعد سقوط النظام العراقي السابق عام 2003.وكان محمد بحر العلوم معارضاً لفترة طويلة لحكم صدام حسين وحكم عليه بالإعدام غيابيا عام 1969 بسبب نشاطاته، واضطر إلى مغادرة العراق وعمل بشكل كبير لمعارضة صدام حسين بنية استبدال الحكم بديموقراطية تسمح لكل الثقافات المختلفة ضمن العراق بالعيش معاً بسلام وامتد عمله من الخليج حتى اوروبا وخاصة بريطانيا.وقال ابراهيم بحر العلوم نجل العلامة في بيان: «أيها الشعب العراقي العزيز لقد شاء الله تعالى أن يصطفي سيدنا العلامة الكبير الدكتور السيد محمد بحر العلوم إلى جواره هذا اليوم (أمس)، السابع عشر من جمادى الثانية 1436 الموافق السابع من (ابريل) 2015 في مدينته الأعز النجف الأشرف والتي ودعت برحيله قلباً نابضاً بحبها وعقلاً ذابّاً عن حوزتها العريقة بالحكمة والرويّة التي اعتمدها أجداده رضوان الله عليهم». وأضاف: «وبهذا المصاب الجلل فقد العراق واحداً من أبرز رجالاته المخلصين الذي قضى عقودا من النضال والتضحيات».