لم تكن من فراغ، ولا وليدة اللحظة أو الموقف تسمية الأمم المتحدة الكويت «مركزا للعمل الإنساني» ومنح سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد لقب «قائد إنساني»، فما قدمته البلاد وأهلها من عمل خيري شهد له القاصي والداني، ولم يبق وطن أو أرض إلا وقد غرست فيه غرسة خير كويتية.فمنذ أن منّ الله على الكويت بالخير، عمد أهلها إلى مساعدة الآخرين وتقديم يد العون لهم، وإغاثة المنكوبين، استجابة لقيم وتراث توارثوه وآمنوا به، فكان نعم الرسالة التي قدمت للعالم، ولعل مواقف البلاد مما يحدث في العالم، سواء في محيطها العربي أو على مستوى العالم، ما يؤكد ذلك.ووراء ذلك كله، إضافة إلى الجهود الفردية الخيرة من مؤسسات وهيئات خيرية حملت على عاتقها مهمة إيصال زكوات وصدقات وتبرعات أهل الخير من الكويتيين، إلى المحتاجين من المسلمين وحتى غير المسلمين.«الراي» تفتح ملف الهيئات والجميعات الخيرية لتلقي نظرة عليها وعلى أبرز أنشطتها التي تقوم بها.بيت الزكاةمنذ صدور مرسوم إنسائه في 16 يناير 1982 برز بيت الزكاة الكويتي كهيئة عامة ذات ميزانية مستقلة، لها الشخصية الاعتبارية وتخضع لاشراف وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية وكان تأسيسه خطوة رائدة لاحياء ركن من اركان الاسلام، وتيسير ادائه والعمل على جمع وتوزيع الزكاة والخيرات بأفضل واكفأ الطرائق المباحة شرعا وبما يتناسب والتطورات السريعة في المجتمع واحتياجاته.واتخذ بيت الزكاة لنفسه رؤية طموحة وهي الريادة في خدمة فريضة الزكاة والعمل الخيري داخليا وخارجيا، وكانت رسالتها تنمية موارد الزكاة والخيرات وانفاقها في مصارفها الشرعية بأعلى مستوى من الكفاءة والتميز.فيما اتخذت الاهداف التالية طريقا لعملها وهي تنمية موارد الزكاة والخيرات، وتطوير وتنويع خدمات واوجه الانفاق لموارد الزكاة والخيرات ورفع كفاءة الاداء المؤسسي وتطوير البناء التنظيمي للبيت وتطوير النشاط العلمي للزكاة.وأوضح بيت الزكاة في استراتيجيته ان التطبيق العلمي لفريضة الزكاة في واقعنا المعاصر كان بحاجة ماسة الى فقه عميق شامل يعطي الحلول المناسبة لكثير من الصعوبات التي تعترض هذا الركن العظيم، فكان لبيت الزكاة منذ نشأته في عام 1982 دور كبير في انشاء الهيئة الشرعية العالمية للزكاة التي تعتبر الاولى والوحيدة من نوعها في العالم الاسلامي وهي تضم نخبة من خيرة العلماء والمتخصصين في مجالات الزكاة وهي معنية بعلاج هذا الامر في واقعا المعاصر.وكان لبيت الزكاة شرف القيام على تأسيس الهيئة الشرعية العالمية للزكاة وتوفير الميزانية اللازمة لعملها ورعايتها حتى شبت واقامت بـ22 ندوة علمية متخصصة عن الزكاة عقدت في عدة بلدان مختلفة وتناولت العديد من قضايا الزكاة المعاصرة. وبيت الزكاة انما يقوم على رعاية الهيئة الشرعية العالمية للزكاة ومساندتها انطلاقا من هدفه العظيم الرامي الى نشر الوعي الشرعي بفريضة الزكاة والعمل الجاد على تطبيق احكامها وفق الكتاب والسنة.وقد خطى بيت الزكاة خطوات رائدة أنارت الطريق واصبحت معلماً يقتدى به الكثير من الهيئات ومؤسسات الزكاة داخل الكويت وخارجها كما يأمل بيت الزكاة ان يأتي ذلك اليوم الذي يتم فيه تطبيق كامل لاحكام الشريعة الاسلامية الغراء ومن ضمنها احكام فريضة الزكاة.وفي هذا الإطار قال مدير عام بيت الزكاة ابراهيم الصالح لـ «الراي» ان لبيت الزكاة الكويتي دور فاعل و رئيسي في دعم العمل الخيري الكويتي ويتمثل دوره في جمع التبرعات من اهل الكويت وايصالها الى مستحقيها، مبينا ان القضية المهمة على الساحة الاغاثية اليوم هي سورية ولبيت الزكاة دور فاعل، حيث نقوم بجمع الزكوات والتبرعات من اهل الخير ونقوم بارسالها الى المحتاجين من الشعب السوري عن طريق تركيا ولبنان والاردن.واضاف ان اهل الكويت في القضية السورية ادوا ما عليهم بكل صراحة، وجزاهم الله خيرا، وبيت الزكاة يشهد بهذا واموالهم وصلت بأيد كويتية لاهالي سورية، ومع كل ما اعطينا نحن محتاجون للمزيد لان اهلنا في سورية يعانون من الامرين الجوع والبرد والتشرد والامراض المتراكمة وكذلك امراض من كثرة القصف وقطع الايادي والارجل وغيرها فالوضع مأسوي للغاية في سورية.ولفت الصالح الى ان بيت الزكاة اصبح معلما من معالم العمل الخيري والانساني في الكويت، ويترتب عليه دور فاعل في صناعة الوعي في مصارف الزكاة لدى المتبرعين، مبينا ان بيت الزكاة عمل بكل جد لتحقيق اهدافة ولذلك هو الان من المؤسسات الرائدة في مجال العمل الاسلامي والخيري على مستوى العالم.«إحياء التراث»وتبرز جمعية إحياء التراث الإسلامي كواحدة من الجمعيات الفاعلة في العمل الإنساني، حيث وصلت إغاثاتها لكل المحتاجين في العالم الإسلامي، واكد رئيسها طارق العيسى ان الجمعية اوفت بتعهداتها في مؤتمر المانحين للمنظمات غير الحكومية والذي بلغ 7 ملايين دولار أميركي حيث بلغ مجموع ما قدمته الجمعية 10 ملايين دولار بزيادة بلغت 3 مليون دولار معلنا عن تعهد الجمعية بمبلغ 7 ملايين دولار في هذا العام ومتوقعا ان يكون الزيادة عليه اكثر من العام السابق.و قال العيسى في تصريح لـ «الراي» ان جمعية احياء التراث قامت بواجب النصرة واغاثة الشعب السوري العظيم المنكوب الذي يتعرض لاكبر كارثة انسانية مرت على البشرية منذ قرون عديدة، ومع الاسف الذي يقوم بهذه الكارثة ممن يدعي انه يحمي الانسانية وينشر السلام، ولكن واقع ما رأينا وشاهدنا شيئا يندى له الجبين.واضاف أن الجمعية لها لجنة متخصصة في العمل الخيري والاغاثة في سورية تسمى «مشروع اغاثة سورية» ويرأس هذه اللجنة الاخ عبدالعزيز بو قريص ومع مجموعة من المتطوعين الذين يقومون بواجبهم منذ اكثر من اربع سنوات أي منذ بداية الحرب وهذه اللجنة تقوم بواجبها، مبينا ان اللجنة قامت بعدة زيارات عديدة الى مخيمات اللاجئين في الاردن وكذلك في لبنان وتركيا، وكان لها دور ايضا في ارسال المساعدات الى الداخل السوري عبر المنظمات العالمية وخاصة منها الـ (IHH) التركية.واشار العيسى الى ان اللجنة الاغاثية قامت بانجازات كثيرة في عدة محاور ومنها المحور الاغاثي في ايصال المواد الغذائية والملابس والاغاثات الطبية، حيث اقامت عدة مستشفيات ومراكز صحية بتمويلها وتوصيل الادوية والاجهزة وارسال الاطباء الى العلاج هناك، كما قامت بالاغاثة التعليمية في عدد من المدارس في الداخل السوري على الحدود التركية السورية، كما تم انشاء مراكز تعليمية في المخيمات الخاصة باللاجئين في الاردن ولبنان وتركيا غير ان اكثر من اربع ملايين طفل الآن بلا تعليم، وهذه كارثة كبيرة جدا، وندعو الله ان يهيئ الدول المحيطة لسورية على الاقل لهذه الدولة المنكوبة لتوفير المدارس والمناهج اللازمة حتى لا يخرج لنا جيل جاهل غير مثقف ما يزيد الكارثة الانسانية صعوبة.وتابع اما في ما يخص الالتزامات المالية لجمعية احياء التراث في مؤتمر المانحين للجهات غير الحكومية التزمنا في العام الماضي بمبلغ 7 ملايين دولار لجميع انواع الاغاثة الصحية والاسكانية والغذائية والاجتماعية والتعليمية، واستوفينا باكثر مما تعهدنا به، حيث وصلت مساعداتنا الى اكثر من 10 ملايين دولار وهذا العام تعهدنا بنفس المبلغ 7 ملايين آملين ان يزيد لاكثر من ذلك بفضل الله ثم اهل الخير في الكويت.الرحمة العالميةلجنة الرحمة العالمية التابعة لجمعية الإصلاح الاجتماعي لها نشاط خيري خارجي كبير، حيث أعلن رئيس مكتبي الصين وقرغيزيا باللجنة الدكتور على إبراهيم الراشد عن انطلاق النسخة الثالثة لمشروع بر الوالدين تحت شعار «رضاكم جنة» وهو مشروع خيري يستهدف تنفيذ عدد من المشاريع الإنسانية في عدة دول بآسيا.وقال الراشد سعياً من الرحمة العالمية لحث الأبناء على البر بآبائهم وفتح نوافذ لعمل خيري يدعم ذلك اطلقت الرحمة مشروعها منذ ثلاث سنوات ضمن سلسلة مشاريعها الخيرية الرائدة التي تسعى لدعم الترابط الأسري والتلاحم المجتمعي وفقاً لتعاليم ديننا الحنيف، وقد جاءت فكرة المشروع من منطلق الحديث النبوي، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً قال (يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحبتي؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أبوك) وما أجمل أن يكون البر بهما في عمل خير.وبحسب الراشد تقوم فكرة المشروع أن يساهم الأبناء بمبالغ تبدأ بـ30 دينارا، وتتدرج إلى 60 ثم 120 دينارا أو أكثر لمن يرغب، يصدر بها شهادة باسم الابن أو الابنة لمصلحة الوالد أو الوالدة أو كليهما، والمستهدف هو 50 ألف دينار سيتم صرفها على مشاريع محددة تشمل «بناء مسجد، حفر آبار، كفالة 5 حفاظ للقرآن الكريم، وكفالة طلبة علم وأيتام، وطباعة مصاحف» وفي ذلك بركة التعاون على الخير حيث سيكون للمتبرع الذي دفع مبلغ بسيط أجر تلك المشاريع المنفذة، كما يمكن المساهمة بالمشروع من خلال الاقتطاع الشهري بقيمة 10 دنانير تحت شعار «قليل دائم خير من كثير منقطع».وأوضح الراشد أن تنوع هذه المشاريع لتحقيق الفائدة القصوى للمتبرع الكريم ووالديه من الأجور المتعددة للأعمال التي يحبها الله وتكون وسيلة إلى رضاه والتي حث عليها ورغّب بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.وعن طرق المشاركة قال الدكتور الراشد أن الر حمة العالمية أتاحت أكثر من وسيلة تسهيلاً علي الراغبين في التبرع حيث يمكن التبرع من خلال موقع KHAIRONLINE.NET في دقائق أو الاتصال على خدمة المتبرعين 1888808 ليصل المندوب للمتبرع بجانب التبرع عبر فروع الرحمة المنتشرة في الكويت.وختم الراشد تصريحه بالتذكير بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:{رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة} رواه مسلم.بشائر الخيرفي سياق آخر من سياقات العمل الخيري تبرز جمعية بشائر الخير، التي يشرح رئيس مجلس إدارتها الشيخ عبد الحميد البلالي، طبيعة عملها فيقول: نحن في جمعية بشائر الخير لا نبني المساجد، ولا نحفر الآبار، ولا نطبع المصاحف، وإن كانت هذه من أجلَ الأعمال الخيرية وشرف عظيم لمن يقوم بها، لكننا هنا نقوم على صناعة الإنسان، وإعادة ترميمه، وإزالة جميع الركام المتجمع في داخله ومن حوله، ثم نقوم بعملية صقل مضنية ليستعيد بريقه وأصالته، حتى يتحول هو إلى مصحف يتحرك داخل المجتمع بدلاً من قيامنا بطباعة مصحف.وقال البلالي لـ «الراي» نحن في جمعية بشائر الخير لسنا الأكبر، ولكننا في مجال عملنا نحن الأفضل، لاننا الأقدم والأكثر خبرة، فإننا ولله الحمد قد ركبنا المركب الصعب، وارتقينا المرتقى الأعز، حددنا الهدف وانطلقنا إليه بقوة وعزيمة وثبات، يحدونا الأمل ورعاية الدولة وتكلؤنا عناية الله، وعون الكرام البررة من أهل الكويت الذين جادوا علينا بكرائم أموالهم.واضاف أن لجمعية بشائر الخير انجازات كبيرة من خلال لجانها المختلفة وعملها على مدار العام، ومن هذه الانجازات «لجنة رعاية التائبين»، حيث تقوم بمتابعة أكثر من 250 تائبا، وذلك من خلال توثيق الصلة بهم وتلمس احتياجاتهم وخدمتهم فيما يحتاجون إليه من دعم معنوي ومادي لتقويم سلوكهم الأخلاقي والارتقاء بمستواهم الإيماني، وبث الأمل برحمة الله تعالى وغرس الثقة بالنفس، كما تسعى اللجنة لمعالجة مشكلة حرمان التائب من الوظيفة في الجهاز الحكومي وفق القانون بإيجاد وظائف تتناسب مع طبيعة كل حالة حسب الإمكانيات المتاحة.وتابع البلالي وتنظم «لجنة السجن المركزي» لقاءات مع التائبين المنتسبين إلى عنابر التائبين بالسجن، وإلقاء الدروس والمحاضرات التوعوية التي تساهم في توبتهم والإقلاع عن المخدرات ليكونوا ضمن المشمولين بالعفو الأميري السنوي.واشار الى ان لجنة العلاقات العامة في الجمعية تقوم بدور حيوي ومهم من خلال استقبال كافة الوفود من داخل الكويت وخارجه بمقر الجمعية للاستفادة من تجربة بشائر الخير في علاج المدمنين، والتعريف بأخطار المخدرات وأنواعها المختلفة «مستدركا» كما تعمل اللجنة الإعلامية على إدارة مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت ومن خلال موقع الجمعية، والعمل على نشر كافة التغطيات الإعلامية لجميع أنشطة الجمعية وفعالياتها لتعريف الجمهور بإنجازات الجمعية ودورها في المجتمع.وختم البلالي أن جمعية بشائر الخير بصدد نقل تجربتها ونشرها عالميا بعد أن حققت نجاحا ملموسا ليس فقط على المستوى المحلي والإقليمي، وإنما على المستوى العالمي باعتبار النظرية الإيمانية ليست مرتبطة بالعرب وحدهم ولا بالمسلمين وإنما هي نظرية عالمية تعني بالإنسان أينما وجد.
محليات
الهيئات والجمعيات الخيرية زرعت في كل وطن غرسة فنبتت حباً للبلاد وأهلها
طيور الخير... ترفرف بإنسانية الكويت
11:51 ص