أمواج عالية ورياح عاتية تكتنف رحاب هذا العالم فحيثما يممت وجهك تجد دمارا وخرابا وحربا وأهوالا، وغايات وأهدافاً وأنيناً لثكلى وصرخات لأطفال جياع ومخيمات تمتلئ بمشردين هم ضحية لأهواء وأفكار لا تكترث بآدمية الإنسان ولا تعينه على تحقيق بغيته في الحصول على حقه في الحياة.عجيب أمر هذه «العفسة» التي تنتشر في ربوع هذه الدنيا وكلما هدأ جانب فتحت جبهة أخرى، فصرخات لها معانٍ كثيرة الذي يفكر فيها لن يهنأ له بال أبدا.وقائد لطائرة يعمل على اصطدامها بجبل فيودي بحياة مئة وخمسين إنسانا فيهم شباب كعمر الورد وسبب ذلك يعزى إلى أن ذلك المساعد لقائد الطائرة مريض نفسي.آه ما هذا التعبير الذي طالما سمعناه فإذا ما قتل صديق صديقه أو زوج زوجته والعكس صحيح وإذا ما اعتدي على ابن من أبيه أو والد من ولده أو خادمة على مخدومها أو ما اكتشف حرامي أو سارق أو مختلس قيل أن هؤلاء مرضى نفسيون.دنيا معفوسة ومما يذهل العقل ما اطلعنا عليه أخيرا 60 ألف كويتي مرضى نفسيون أصحاء على غرار المعاقين الأصحاء يقولون بأنهم يمتلكون ما يثبت بأنهم مرضى وان هذا الرقم الفلكي يبعث على التأمل في مجالات «العفسة» التي تنتشر والفوضى التي تعم والواسطة التي تقلب الحق باطلا، وتصير الباطل حقا وكثير من أحوال العفسة تنتشر عن طريق هؤلاء الذين ينتحلون المرض والتعوق، وهم لا يشكرون الله تعالى على نعمة العافية فمصير المتمارض المرض.فإذا شعر به فلا يفيده واسطة ولا أموال لتنقذه مما يوقع به.نسأل الله السلامة للجميع ولابد بأن يفكر في استصدار القوانين الرادعة لمثل هذه الحالات والتي تحاسب الذين يصدرون الشهادات جنبا إلى جنب مع الذين ينتحلون حالات المرض والتعوق.ولابد أن تصدر اللوائح التنفيذية التي تعمل على تفعيل القانون، وعسى أن تفعل جميع القوانين التي أصدرت ولم يوضع لها لوائح تنفيذية إنما ظلت بالرفوف العالية واعتراها الغبار الكثيف الذي يحتاج الى أدوات متعددة لإزالته حتى يقذف بهذه «العفسة» أدراج الرياح ويستقر تفكير الناس ويظلون يعكفون على استنصار الطريقة الندية في ارتقاء الوطن وتقدمه وتنميته.وتهدأ الأمواج وتسكن الرياح وإلى أن تسكن ما لنا إلا أن نقرأ قول أبي القاسم الشابي:هذي سعادة دنيانافكن رجلا إن شئتها أبد الآباد يبتسمُ