بدت «الحرب الباردة» في لبنان على أشدّها مع واحدة من العواصف الجديدة التي تهبّ على وطنٍ يحول «التوازن السلبي» ولعبة «المصالح المتقاطعة» دون انفجاره وانضمامه الى البلاد «المسفوكة الدم» في الاقليم المترنّح فوق تحولات بالنار لم يشهدها منذ قرن من الزمن.فرغم الاطمئنان الى صمود آليات الادارة السياسية لـ «الحرب الباردة» وعدم جنوحها نحو «جنون» مماثل لما يجري في سورية والعراق وليبيا واليمن، فان «التوتر العالي» بلغ مداه مع العاصفة السياسية في بيروت التي أعقبت «عاصفة الحزم» في اليمن، والتي عبّر عنها «الكلام الكبير» لطرفيْ الصراع في البلاد.هذا «الكلام الكبير» تجلى في الجولة الجديدة من «الحرب الكلامية» التي انفجرت مع اطلالة الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله من على الشاشة في هجوم غير مسبوق وهو الأعنف على الاطلاق على السعودية ودول الخليج، والرد الفوري والقاسي لزعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري عبر «تويتر» على تلك «الكراهية الناجمة عن الاحباط والتوتر».ولم يحجب هذا «الضجيج» المرشح للتصاعد على وقع «كرة النار» في اليمن، المشهد الأكثر تعبيراً عن المأزق اللبناني، السياسي والدستوري، المتمادي، والذي أطلّ امس من قمة شرم الشيخ التي «غُيّب» عنها الرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي نتيجة استمرار «اختطاف» الانتخابات الرئاسية في لبنان منذ أقلّ من عام بقليل، الأمر الذي جرى تعويضه بتمثيل رئيس الحكومة تمام سلام للبنان في القمة.ولم يكن سلام في قمة شرم الشيخ «في أحسن حال»، فهو وصل الى هناك على وقع الارتدادات السلبية لهجوم طرف لبناني ممثَّل في حكومته (حزب الله) على «امراء آل سعود والعدوان السعودي الظالم على اليمن»، الأمر الذي أصاب سلام بإحراج كبير رغم دراية القادة العرب لا سيما الخليجيين بالوقائع السائدة في بيروت وانحيازهم الى ضرورة حفظ الاستقرار فيه.ويشكل موقف رئيس البرلمان نبيه بري، حسب اوساط سياسية بارزة «صمّام أمان» في البلاد، وخصوصاً انه لن يذهب الى معاداة السعودية على غرار ما حملته إطلالة نصرالله الذي بدا وكأنه تعمّد احراق كل «المراكب» مع السعودية ودول الخليج عموماً عندما استخدم في هجومه كلاماً لم يسبق ان قاله في مواقفه السابقة.وتعاملت الدوائر المراقبة في بيروت بأهمية مضاعفة مع المواقف التي اطلقها نصرالله لاعتقادها ان ما قاله جاء نيابة عن ايران التي اكتفت حتى الآن بـ «عموميات ذات طبيعة ديبلوماسية» في مقاربتها للتحول الجديد و«الصادم» الذي تجلى في قيام تحالف اقليمي (عربي - اسلامي) بقيادة السعودية بدا وكأنه يقول «الامر لي».