ليس كل موظف في شركة عميلاً يستحق الترحيب به لدى البنوك. القاعدة قديمة، لكن تطبيقها يشهد تشدداً غير مسبوق من المصارف، خصوصاً بعد أن بدأت وزارة التجارة والصناعة تُطبق القانون الجديد الذي يقضي بحل وتصفية الشركات التي هلك رأسمالها.وعززت البنوك عمليات التدقيق في دفاترها اخيرا، بعد اكتشاف عصابة متخصصة نجحت في تسهيل فتح العديد من خطوط الائتمان لافراد لا يتمتعون بالضمانات الكافية او متعثرين حتى، مقابل عمولات عالية. إلا أن متغيرا جديدا تنبهت إليه البنوك أيضاً، يتعلق بالقرارات التي اصدرتها وزارة التجارة والصناعة اخيرا بحل بعض الشركات المخالفة لقانون الشركات رقم25 /2012، وذلك بحكم المادة 297 التي اقرت حل اي شركة يهلك رأسمالها او غالبيته.فمع هذه المادة لا تصبح الشركة وحدها مهددة بعدم الانتظام في السداد، بل سيقف من خلفها الموظفون الذين قد يخسرون في الغالب مستحقات نهاية خدماتهم في هذه الشركات بفعل المركز المالي الصعب لهذه الشركات، ما يضع البنوك أمام استحقاق ملح في التحرك سريعا على معالجة اوضاع عملائها من موظفي هذه الشركات وتفادي التعامل مع موظفي الكيانات المهددة بالمصير نفسه مستقبلا، لا سيما وان من المتوقع ان يترتب على هذه القرارات بعض حالات التعثر.وبتطبيق المادة (297) على بعض الشركات واعلان مسؤولي وزارة التجارة والصناعة غير مرة انهم ماضون في تطبيق القانون على جميع الوحدات المخالفة بحكم محددات القانون الجديد، تتحضر البنوك لمواجهة بعض حالات التعثر في محافظها للافراد من موظفي الشركات المنحلة، حيث السؤال الذي يشغل مديري ائتمان الافراد، في البنوك والشركات العاملة في قطاع التمويل، مع بروز كل شركة جديدة منحلة او مهددة بذلك هل المركز المالي للشركات المنحلة يسمح بتغطية مستحقات موظفيها المديونين؟ومعلوم أن القانون جعل من الموظف في منزلة الدائن الممتاز نفسه، وبالتالي يتعين على القائمين على امور حل او تصفية الشركة المتعثرة ان يصنفوا مستحقاته في الدرجة نفسها التي يعطونها للدائنين لجهة الأولوية.ففي الحالات الطبيعية تقوم البنوك بالاستقصاء عن العملاء الباحثين عن التمويل قبل الموافقة لهم بالحصول على القرض، وذلك من خلال الاجابة عن بعض الاسئلة الرئيسية، ومن ضمنها السؤال عن اسم الشركة وما اذا كانت مدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية ام لا؟ أو حتى ما اذا كان اسمها مألوفا لدى مسؤولي التمويل؟ إلى جانب الطلب من العميل تزويد الجهة الممولة بكتاب رسمي من الشركة يفيد بيان الراتب الذي يحصل عليه الموظف وعدد سنوات عمله لتحديد ما اذا كانت مستحقاته لنهاية الخدمة تغطي التمويل الذي ستمنحه لهذا الموظف في حال واجه اي تعثر مستقبلي أو اي من الحالات التعثر التي لا يكون فيها العميل منتظما في السداد؟ وتعتبر البنوك هذه المستحقات بمثابة الضمانة التي تودعها لدى الشركة صاحبة العمل، والتي يمكن من خلال تسييلها لتسديد المديونية.لكن مع حالات التصفية التي اعلن عن اقرارها من وزارة التجارة والصناعة اخيرا بحكم قانون الشركات أو مع تلك الشركات المتعثرة التي تقف على الخط نفسه، لا يكون تعثر الموظف ناتجا عن تعثره هو بل مع تراجع الآمال في شأن إمكانية حصول موظفي هذه الشركات على مستحقات نهاية الخدمة، خصوصا اذا كان وضع الشركة المالي ميؤسا منه ماليا.ومعلوم انه في حالات التصفية والحل يتم تعيين مصفٍ لإدارة هذه العملية حيث تحال الشركة بما لديها من موجودات إلى التصفية، وتوزيعها على مستحقيها، وهنا تبدأ مشاكل موظفيها ومن خلفهم الجهات الدائنة، حيث سيتعين عليهم الانتظار حتى انتهاء فترة التصفية التي يعرف عنها في الكويت «طول حبالها» او انه على البنوك وشركات التمويل التسليم بالامر الواقع وشطب مديونيات عملائهم في الشركات المتعثرة من دفاترها وبناء مخصصات كاملة مقابل ذلك.يشار إلى ان تعليمات بناء المخصصات المحددة من قبل بنك الكويت المركزي تلزم الجهات الممولة ببناء المخصصات الكافية بمجرد توقف العميل عن السداد لفترة تبدأ من 3 اشهر، على أن يتم رفع معدلاتها بحسب استمرار فترة التعثر، وتطور العلاقة قضائيا مع العميل.وفي هذا الخصوص أكدت مصادر مصرفية ان البنوك بدأت بالفعل تحضر لسد ثغرة المخاطر التي يمكن ان تنشأ عن قيام وزارة التجارة والصناعة بحل الشركات التي هلك رأسمالها أو غالبيته، مستبعدة وجود تأثيرات قوية قد تترتب على الجهات الممولة من وراء موظفي هذه الحالات، خصوصا وأن المسألة لا تزال في نطاقها الضيق حتى الآن، كما ان المركز المالي لبعض الشركات التي اقر حلها او المهددة بذلك شائع لدى المصارف، حيث تعثرت هذه الشركات قبل موظفيها منذ اندلاع الأزمة المالية في 2008، وقامت المصارف ببناء المخصصات الكاملة امام مديوناتها.وأشارت إلى ان البنوك وشركات التمويل بدأت في المقابل ومن باب الحيطة والحذر إعادة النظر في خططها الائتمانية المقررة في منح قروض الافراد مستقبلا، والشروط التي يجب عليها ان تضعها قبل الموافقة على اي تمويل جديد، إلى درجة ان بعض «الظرفاء» العاملين في قطاع تمويل الافراد قالوا لـ «الراي» انه من غير المستبعد ان تجد بنكا يطلب من الموظفين الباحثين عن قروض لديه ميزانية الشركة التي يعملون فيها لمراجعة مركزها المكالي والتأكد ما اذا كان رأسماله او غالبيته هلك ام لا قبل الموافقة على منحه التمويل.