طغت العملية العسكرية الجوية التي يشنّها الطيران السعودي خصوصاً، مدعوماً من الدول الخليجية وبلدان عربية اخرى ضد الحوثيين في اليمن، على الاهتمامات اللبنانية امس، حيث أبرزت مجموعة ردود فعل داخلية الأهمية الكبيرة التي أولاها الأفرقاء اللبنانيون لهذا التطور.والواقع ان هذا الاهتمام لم يكن غريباً ومفاجئاً نظراً الى كثير من العوامل التي تعني لبنان جراء التطورات اليمنية لجهة التمدُّد الايراني في مختلف ساحات المواجهات العسكرية وفي ظل المخاوف التي تساور فئات لبنانية واسعة من الترابط القائم بين «حزب الله» والحوثيين كأذرعة للتمدُّد الايراني في هذه الساحات. حتى ان هذه المخاوف ذهبت في الآونة الأخيرة الى التخوّف من ان يشهد لبنان تطورات سلبية تطال وضْعية «المهادَنة» فيه وآليات إدارة الأزمة كحكومة «ربط النزاع» وحوار «تنفيس الاحتقان» بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» على وقع تصريحات قادة ايرانيين كانت زعمت السيطرة الايرانية على 4 عواصم هي بغداد ودمشق وصنعاء وبيروت.ولذا اكتسبت مسارعة كل من زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري وزعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط الى تأييد السعودية في ردّها العسكري على الانقلاب الحوثي وسيطرته في اليمن أبعاداً مهمّة ومعبّرة لجهة إعادة رسْم التوازنات الداخلية اللبنانية في موازاة التحالفات الاقليمية.وذكرت مصادر سياسية واسعة الاطلاع لـ «الراي» ان «الايام المقبلة قد تتسم بأهمية استثنائية لجهة ترقُّب انعكاسات الرد السعودي الخليجي على التمدد الايراني في اليمن نظراً الى إدراك الأفرقاء اللبنانيين ان لعبة الدومينو العسكرية التي تشهدها المنطقة مرشّحة للتصاعد. ذلك انه كما جاء الرد السعودي على الاختراق الايراني لليمن وتهديده لأمن السعودية والخليج صاعقاً وقويًّا، يتعين الآن ترقب ردة الفعل الايرانية وما اذا كانت تطورات ميدانية اخرى ستحصل في أمكنة أخرى وخصوصاً ان الردّ السعودي شكل تطوراً إستراتيجياً لجهة وضع حدود بالقوة امام التوسّع الايراني بما أوحى بأن السعودية مستعدة لمواجهة مع ايران وإفهامها ان زمن اختراق الساحات من دون رادع قد آن وقفه».ومن هنا، تشير الاوساط نفسها الى ان «لبنان سيكون في الأيام المقبلة امام لحظة ترقّب وحبْس أنفاس إزاء ترددات هذا الحدَث» وان «الأنظار ستتركز بالدرجة الاولى على جبهة الحدود الشرقية مع سورية في ظل التركيز الإعلامي الذي دأبت عليه دوائر (حزب الله) المباشرة وغير المباشرة عن استعدادات جارية لمعركة كبيرة سيشنّها الحزب على مواقع التنظيمات المتطرفة في جرود القلمون المحاذية لعرسال والبقاع الشمالي بهدف حسم المعركة معها وطرد المسلحين من الجهة المحاذية للحدود اللبنانية».وتعتقد الاوساط ان «حقيقة هذه الاستعدادات ومدى صدقيّتها وجدّيتها باتت مرشحة لان تظهر قريباً وخصوصا بعد التطور الحاصل في اليمن، ولو ان لا صلة مباشرة بين الجبهتين، وذلك على قاعدة (وحدة ساحات المواجهة) التي يخوض (حزب الله) معاركه فيها على اساسها».ولكن الاوساط نفسها لفتت هنا الى «وجوب انتظار بعض الوقت لاستكشاف حقيقة ردّ الفعل الايراني على الهجوم السعودي المضادّ في اليمن، وتبعاً لذلك ما اذا كان هجوماً محتملاً لـ (حزب الله) في القلمون سيشكّل بطريقة ما أحد وسائل الردود الايرانية المقبلة ام أن الأمر سيخضع لتعديل في الخطط المعدة قبل الهجوم السعودي الجوي على اليمن».وكان الحريري العائد من زيارة لتركيا، قال لقناة «العربية» ان «الملك سلمان بن عبد العزيز استجاب لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي واتخذ قراراً شجاعاً وحكيماً بالتحرك، والمملكة لن تترك اليمن وحده أمام ميليشيا تحاول السيطرة على الشعب».واذ رأى أن «لا أحد ضد إيران، ولكن ما تقوم به في العراق وسورية وكل العالم العربي وما قامت به مع الحوثيين في اليمن، كان يستدعي ردا طبيعياً وشرعياً على أفعالها، خصوصاً أن الشرعية اليمنية تطلب من المجتمع الدولي ومن المملكة السعودية مواجهة ميليشيا الحوثيين»، وقال: «طبيعي أن تستجيب المملكة لأنها ترى أن محاولة ضرب العرب سواء في العراق أو اليمن أو سورية أمر غير مقبول، وهي تقوم بالأعمال الشجاعة كما قامت بها سابقاً في الكويت وفي البحرين وكما نرى اليوم».من جهته، دان «حزب الله» امس ما أسماه «العدوان السعودي - الأميركي « ضد اليمن.وأفاد بيان صادر عن الحزب: «يدين (حزب الله) بشدة العدوان السعودي - الأميركي الذي يستهدف الشعب اليمني الشقيق وجيشه الوطني ومنشآته الحيوية، كما يدين مشاركة بعض الدول العربية وغير العربية في هذا العدوان وتوفير الغطاء السياسي له». وأضاف أن «هذه المغامرة التي تفتقد الحكمة والمبررات الشرعية والقانونية التي تقودها السعودية تسير بالمنطقة نحو مزيد من التوترات والمخاطر على حاضر ومستقبل المنطقة، وهي تمثّل اعتداء واضحاً على شعب يريد أخذ قراره المستقل من دون وصاية من أي دولة سواء كانت من دول الجوار أو على المستوى الدولي». وطالب السعودية وحلفاءها «بالوقف الفوري وغير المشروط لهذا الاعتداء الظالم».