اطلعت على تقرير الكويت للتنافسية 2014 /2015 الصادر من لجنة الكويت الوطنية للتنافسية، والذي أشار إلى انخفاض موقع دولة الكويت في مؤشر التنافسية العالمية من المرتبة 35 إلى المرتبة 40 خلال السنوات الخمس الأخيرة، علما بأن التصنيف يتضمن 144 دولة، ولعل ما يميز هذا التقرير، هو إضافة فصلين جديدين أحدهما متعلق بجودة بيئة الأعمال في الكويت، والآخر في تحليل أسباب طول الدورة المستندية وما تشكله من عائق في تحقيق خطة التنمية.وإذا كنا نتحدث ونحلم بتحويل الكويت إلى مركز اقتصادي ومالي وفقا لرؤية سمو أمير البلاد، وكما أشارت إليه الخطط التنموية السابقة منذ خمس سنوات وأكثر، فإن أصحاب القرار لم يدركوا جيدا أن هذه الرؤية الطموحة لصاحب السمو سيصطدم بواقع حال مرير مرتبط بدرجة أو بأخرى بالبيروقراطية والروتين وطول الدورة المستندية والتعقيدات الحكومية وسوء أداء بعض الأجهزة والمؤسسات المختلفة وغياب العزيمة والإرادة وغيرها من الأمور.وللتدليل على ذلك، فقد أشار التقرير في أحد فصوله الجديدة إلى أهم نتائج ومؤشرات سهولة ممارسة أنشطة الأعمال في دولة الكويت وذلك وفقا لدراسة معدة من قبل البنك الدولي في عام 2014، تقوم على تصنيف اقتصاديات أكثر من 189 دولة وذلك بحسب سهولة ممارسة أنشطة الأعمال فيها.وفي هذا التصنيف احتلت الكويت المرتبة 104 من بين 189 دولة!، علما بأن هذا التصنيف يقوم على عشرة مؤشرات فرعية هي بدء النشاط التجاري، حماية المستثمرين، دفع الضرائب، التجارة عبر الحدود، تسجيل الملكية....الخ. وبأخذ عينة عشوائية على ترتيب الكويت ضمن المؤشرات الفرعية، نجد أنها احتلت المرتبة 152 في مؤشر النشاط التجاري، والمرتبة 133 في مؤشر استخراج تراخيص البناء، والمرتبة 119 في مؤشر إنفاذ العقود، والمرتبة 80 في مؤشر حماية المستثمرين، إلا أنها احتلت المرتبة 11 في مؤشر دفع الضرائب!وفي الفصل الآخر الجديد المتعلق بالدورة المستندية كأحد عوائق التنمية، فقد أشار التقرير إلى مثال واقعي متعلق بالمدة الزمنية المطلوبة لأخذ الموافقات الحكومية اللازمة لإنشاء مركز ضاحية لإحدى مناطق الكويت، حيث استغرقت فترة الحصول على موافقات الجهات الحكومية المختلفة كالبلدية والمرور والإطفاء والكهرباء والماء حوالي 34 شهرا فقط لا غير!إن هذا الواقع وهذا التأخير في مرحلة التراخيص فقط وعلى مشروع صغير ومتعلق بجهة حكومية وبمركز خدمي موجود في كل مناطق الكويت، يعطي انطباعا حقيقيا وواقعيا عن حجم التأخير اللامعقول والمفرط في الكثير من المشاريع التي كانت ومازالت حبيسة الأدراج!ختاما؛ قبل أن نتحدث عن التنمية فلابد أن نعي تماما أنها لم ولن تتحقق طالما لم نصلح الأساس (ونغربل) أجهزة الدولة وأنظمتها وقوانينها من جديد! والله من وراء القصد.Email: boadeeb@yahoo.com
مقالات
إبراهيم أديب العوضي / اجتهادات
تنافسية الكويت والتنمية الضائعة !
09:08 م