اعتبر قائد القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة في لبنان اللواء منير المقدح «أن تشكيل القوى المشتركة في المخيمات الفلسطينية في لبنان هو رسالة طمأنة إلى لبنان مفادها أننا حريصون على حفظ أمن واستقرار المخيمات والجوار اللبناني»، لافتاً الى ان هذه الخطوة «تحاكي الخطة الأمنية اللبنانية المتدحرجة في المناطق اللبنانية، وتأتي ترجمة لموافقتنا على ما جرى التفاهم عليه في طاولة الحوار اللبناني - اللبناني».وقال اللواء المقدح في مقابلة مع «الراي» من مقره في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا (الجنوب): «وافقنا على ما وافق عليه الأشقاء اللبنانيون لجهة تنظيم السلاح الفلسطيني داخل المخيمات باعتباره مصلحة فلسطينية - لبنانية مشتركة، واليوم نترجم الموافقة بهذه القوى الأمنية المشتركة لضبط السلاح الفلسطيني وتنظيمه داخل المخيمات والحفاظ على استقرارها بحيث يكون الفلسطيني عاملاً ايجابياً في هذا البلد الشقيق في الحفاظ على المخيمات والجوار اللبناني وألا نتدخل بالشؤون اللبنانية رغم كل العواصف والبراكين التي تحصل في المنطقة. وقد وجه الكثير من المسؤولين اللبنانيين رسائل شكر إلى القيادة الفلسطينية على هذا التوجه والنجاح في ترجمة الموقف بالفعل».لا يخفي مقدح «أن معادلة الأمن بالتراضي هي التي سيطرت على مخيم عين الحلوة في الفترات السابقة»، غير أنه يؤكد أنه «في هذه المرحلة يجب أن تسقط هذه المعادلة، فلا أمن بالتراضي وما دامت القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية ومعها(أنصار الله) توافقت على حفظ الأمن والاستقرار بمباركة ودعم لبناني وما دام هناك غطاء كبير سياسي وقضائي وأمني والتفاف شعبي فلسطيني فإن لا محرمات على هذه القوة».وأشار رداً على سؤال إلى «أنه في الخطوة الأولى سنعمل على إعادة تأهيل القوة الأمنية المشتركة في عين الحلوة واستحداث مراكز جديدة ليصل العدد إلى 15 مركزاً داخل هذا المخيم، كما سنعيد ترتيب الحواجز ونسيّر الدوريات ونضع برنامجاً جديداً. وأوكلنا إلى هذه القوة مهاما إضافية بما يتناسب مع المرحلة المقبلة، وكل ذلك بموافقة اللجنة الأمنية العليا المشرفة على أمن المخيمات»، مضيفاً: «في الفترة السابقة ساهمت القوة الأمنية في تخفيف حدة التوترات وقطعت الطريق على العديد من الاشتباكات والإشكالات وأعادت تحريك الاقتصاد الراكد، ونطمح إلى المزيد والأحسن أمنياً بحيث يتم ضبط السلاح فلا يكون هناك سلاح ظاهر سوى سلاح القوة الأمنية وبحيث تدخل هذه القوة إلى أي مكان ومنطقة دون أي موانع أوعقبات أو حتى اعتراضات. ليست هناك مناطق محظورة عليها ولدينا قرار حاسم بألا محرمات على القوة الأمنية».ويؤكد اللواء المقدح على معادلة ثلاثية لا يمكن السماح لأحد بالإخلال بها مهما كانت الأسباب، موضحاً «إننا قلنا ما نريده من(الشباب المسلم)، أو بقايا(جند الشام)سابقاً، لجهة أن الجيش اللبناني خط أحمر، الجوار اللبناني خط أحمر والأمن والاستقرار داخل المخيم خط أحمر. وهناك توافق فلسطيني على هذه الخطوط الحمر والتزام بها من كل الاطراف. وقد أثبتت المرحلة السابقة عدم التدخل في الشؤون اللبنانية وعدم الاحتكاك مع الجيش اللبناني»، مشيراً إلى أن «القوة الأمنية ستشهد تطوراً نوعياً في عملها في المرحلة المقبلة للحفاظ على الأمن والاستقرار بشتى الوسائل، وستكون قادرة على ردع كل مَن يريد أو يخطط للإخلال بأمن المخيم والجوار اللبناني».وفي ما يتعلق بالقوة الأمنية في مخيم المية ومية، أوضح اللواء المقدح إن القوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية اتفقت على «أن يكون عدد القوة الأمنية المشتركة 45 عنصراً وضابطاً غالبيتهم من حركتيْ(فتح)و(حماس)و(أنصار الله)وهذه تُعتبر القوى الرئيسية الثلاث في المخيم، على أن تتموضع عند حاجز المخيم الغربي ويكون لها مركزان داخله، فيما تم تعيين العقيد(الفتحاوي)خالد صقر قائداً لها وأوكلت مهمة تعيين نائب له إلى حركة(حماس)، على أن تدفع مكافآت مالية لعناصرها قدرها 200 دولار أميركي، علاوة على راتب كل عنصر من فصيله الأساسي. وبعد المية ومية سننتقل إلى مخيمات بيروت وتحديداً برج البراجنة وشاتيلا وسنعقد لقاءات مع كل القوى السياسية كي تشارك فيها ثم ننتقل الى مخيمات الجنوب والشمال».ونفى المقدح أن يكون أي قيادي فلسطيني وسيطاً في قضية الفنان المعتزل المطلوب للعدالة اللبنانية فضل شاكر الذي تحالف مع الشيخ الفار من وجه العدالة أحمد الأسير. ويقول: «لم نكن وسطاء ولن نكون، وإن كان من مصلحتنا أن تُعالج قضيته لأنها تريح المخيم»، كاشفاً أن شاكر «وضع لنفسه برنامجاً خاصاً وهو يجري الاتصالات شخصياً مع أحدهم خارج المخيم ليسلم نفسه إلى المحكمة العسكرية أو القضاء اللبناني».ويوضح أنه بعد معركة عبرا بين الأسير والجيش اللبناني «دخل شاكر إلى تعمير عين الحلوة، أي إلى أهله وأقاربه، وعندما أطلق مواقف هجومية، زارته لجنة فلسطينية انبثقت عن اللجنة الأمنية العليا وأبلغته رسالة واضحة وحاسمة بأنه ممنوع إطلاق المواقف السياسية والتهجم على أحد، وممنوع الظهور الإعلامي وأنه جب مراعاة مصلحة المخيم، وهو استجاب والتزم بالسقف السياسي والأمني»، ويضيف: «لست هنا في معرض الدفاع عنه، ولكنه لم يقم بأي اتصال أو تشكيل خلايا للقيام بأي خلل أمني في المخيم أو الجوار بما يهدد السلم الأهلي، ومنذ أن تأكد دخوله إلى المخيم استجاب لرسالتنا، والآن وفق ما علمنا أنه يجري اتصالات من أجل تسليم نفسه إلى المحكمة العسكرية أو القضاء اللبناني، ونحن نبارك هذه الخطوة فالقضاء اللبناني هو الذي يقرر ما إذا كان متورطاً أو بريئاً، ونحن كفلسطينيين مصلحتنا أن يصل إلى القضاء وألا يبقى موجوداً داخل المخيم لأن هذه مشكلته وهذا شأنه وما يعنينا ألا يبقى أحد يشكل خطراً على المخيم وأبنائه».وفي رأي اللواء المقدح، فإن دخول المطلوب للعدالة اللبنانية شادي المولوي إلى عين الحلوة «هو لغز ستتكشف تفاصيله لاحقاً»، لكنه أوضح «أننا لا نقبل أن نتحمل وزره ونرفض توريطنا في الملف الأمني اللبناني»، ويضيف «اتفقنا مع الجيش اللبناني على معالجة قضيته بعيداً عن الضجيج الاعلامي، ونحن نتابعه ليلاً نهاراً كي نصل الى خاتمة تزيح الكابوس عن صدر شعبنا الفلسطيني، وهناك تنسيق دائم مع الجيش في كل كبيرة وصغيرة، والمهم في موضوع المولوي انه متوار عن الأنظار أي أنه ليست هناك بيئة حاضنة له ولكل المطلوبين الآخرين، ونحن نؤكد أن المخيمات لن تكون ملاذاً آمناً للمطلوبين ولا ملجأ للفارين من وجه العدالة اللبنانية، والأهم أننا لن نسمح بأن تكون المخيمات بؤرة أمنية أو ينطلق منها ما يضرّ بالأمن اللبناني، وهذا الأمر محسوم، أي لن يكون هناك أي تدخل من المخيم بالخارج اللبناني ولن نسمح بأن تنتقل أي متفجرة من الداخل إلى الخارج، وكلما عززنا القوة الأمنية كلما أوصدنا الأبواب أمام لجوء المطلوبين إلينا وأحكمنا الطوق على أي محاولة لتوتير الأمن أو إيقاع فتنة مع الجوار اللبناني».ويرفض توجيه رسالة بحد ذاتها إلى كل من شاكر والمولوي، ويقول «ليست لديّ رسالة خاصة لهما، بل رسالتي هي كيف نحافظ على أمن المخيمات والجوار اللبناني. وإجراءاتنا الأمنية مستمرة ولن نسمح لأي كان بتوتير الأجواء. لقد اتخذنا موقفاً حيادياً ولسنا على استعداد لتحمل تداعيات أي مطلوب لبنانياً، والشعب الفلسطيني قرر عدم التدخل بالشؤون العربية بدءاً بلبنان مروراً بسورية والعراق. وكان موقف القيادة الفلسطينية حكيماً وسباقاً في رؤيته للأحداث في المنطقة، وهو بذلك يحمي شعبنا الفلسطيني من البراكين وهذه سياستنا الفلسطينية بأن تبقى وجهتنا فلسطين والعودة شعارنا».لا يرى اللواء المقدح أن اجراءات الجيش اللبناني هي عقاب جماعي لأبناء مخيم عين الحلوة لوجود مطلوبين فيه أو بمثابة رسائل، مؤكداً «أن إجراءات الجيش اللبناني تأتي وفق معلومات تصل عن إمكانية دخول أو خروج مطلوبين، وقد تحدثنا مع الجيش اللبناني بهذا الخصوص وهو أحياناً يشدد التدابير نتيجة ذلك وأحياناً أخرى يخففها، واتفقنا مع مدير فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد علي شحرورعلى أن نقوم بجولة على الحواجز كي نرى كيف يمكن تخفيف الازدحام والتفتيش معاً»، مضيفاً: «وفق تقديرات الجيش اللبناني هناك 40 ألف سيارة تدخل وتخرج من المخيم يومياً، ومساحة الحواجز لا تستوعب أكثر من سيارة الأمر الذي يسبب ازدحاماً. ونحن لا نستطيع أن نطلب من الجيش عدم التفتيش أوالتدقيق حفاظاً على الأمن والاستقرار، فعلى مداخل الضاحية الجنوبية (لبيروت) يجري اعتماد الأمر نفسه، وأحياناً كل ساعة لا تتحرك عجلة سيارة، ومَن يسأل الأهالي يقولون إنهم مرتاحون بل مطمئنون لهذه التدابير.واعتبر المقدح ان معالجة قضية المطلوبين ستساهم كثيرا في استقرار أمن المخيمات «فالمشكلة قائمة منذ العام 1991 حين صدر عفو عام عن اللبنانيين ولم يشمل الفلسطينيين وبقي معلقاً، وقد رفعنا إلى لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني ملفاً كاملًا حول الحقوق والواجبات ومنها قضية المطلوبين أسوة باللبنانيين، ونحن لا نريد حل مشكلة مَن قتل عمداً أو أن ندافع عن إرهابي، بل نريد حلّ مشكلة المئات من الشباب الذين صدرت بحقهم أحكام غيابية بسبب تقارير ربما كاذبة أو معلومات غير دقيقة، أو لأنه كان في الكفاح المسلح الفلسطيني وأطلق النار في الهواء لتوقيف مطلوب أو لأنه ينتمي إلى تنظيم ويحمل السلاح»، مضيفاً: «هناك مسؤولون فلسطينيون مطلوبون وصدرت بحقهم أحكام قضائية تحت ذريعة تشكيل عصابات مسلحة وهم في تنظيمات شرعية ومعترف بها.وحذر اللواء المقدح من «مشروع لتهجير الفلسطينيين من لبنان ترهيباً وترغيباً، ارتباطاً بالمشروع الذي يجري تنفيذه في كل المنطقة»، قائلاً: «لقد هُجر الشعب الفلسطيني من سورية ومن العراق وليبيا، والعين على عين الحلوة بشكل دائم، فنسبة البطالة فيه 70 في المئة وفرص العمل معدومة والحياة مريرة، ومن الطبيعي أن يفكر الفلسطيني بالهجرة من أجل أن يعيش حياة كريمة. فهنا لا يستطيع الإنسان تحقيق أبسط حقوقه الإنسانية والاجتماعية في الزواج وبناء منزل، ذلك أن مساحة المخيم لا تتجاوز الكيلو متر الواحد ويقطن فيها نحو مئة ألف نسمة، ولا مساحات للبناء فيه، وخارج المخيم لا يستطيع الجيل الناشئ شراء الشقق، فهي باهظة الثمن كثيراً وهو بالكاد يؤمن قوت يومه، فضلاً عن الحرمان من الحقوق المدنية والإنسانية، وكل ذلك يدفعه إلى الهجرة غير مبالٍ بالنتائج أو حتى الموت في البحار.