«حين تحضر الموهبة... فلا داعيَ للتنورة القصيرة»!معادلة بسيطة الكلمات، لكنّ الإعلامية المعروفة نادية صقر حوّلتها قانوناً حاسماً للعمل، وقاعدةً «شخصية» لا تقبل الاستثناء للظهور على الشاشة! نادية صقر، التي لا تزال شابةً في ملامحها وأدائها، تفخر بـ 25 عاماً هي عمر مشوارها الإعلامي، الذي أخضعته - منذ البداية - لاقتناعاتها «المبدئية» المبنية على شعار «إذا كان الصدق مفتاح الوصول، فإن الذكاء حتماً هو سفير النجاح»!وبين الصدق والذكاء كشفت صقر، في حوارها مع «الراي»، عن السر (الذي لا تعتبره سراً) وراء استمرارها في الإنجاز وتحقيق الذات إعلامياً، موضحة أنه «المصداقية»، معتبرةً «أنها ليست فقط مصدر النجاح، بل منبع السعادة للإنسان، ومفتاح الوصول إلى قلوب الناس»، ومشددةً على «أن ارتداء الفساتين البراقة والأزياء اللافتة تفقد تأثيرها والحاجة إليها في ظل الموهبة الخلاقة»!نادية صقر تطرقت، في سياق حديثها، إلى ردود فعل المشاهدين حيال آخر برامجها التلفزيونية «زوارة نادية» على شاشة قناة «العدالة»، مؤكدةً أنها «جنت» الثمار الطيبة من أغصانه الغضة، حتى قبل حلول موسم القطاف، ولافتة إلى تنوع مادة البرنامج الذي تتنقل فقراته بين الثقافة والطب والأدب وغيرها من المجالات المعرفية.من جهة أخرى، ترى صقر «أن العمل الإعلامي في القنوات الخاصة أفضل بكثير منه في القطاع الحكومي الذي لا يُقدر الإعلاميين الحقيقيين» (وفقاً لرأيها)، منتقدةً «أنه يتساوى في ميزانه المذيع الجيد وأنصاف المذيعين»!وفي حين أعربت صقر عن اعتقادها «أن الحجاب لا يعرقل مسيرة الإعلامية الناجحة، ولا يحد من نجوميتها»، لفتت إلى «أن الكثير من البرامج التلفزيونية أمست (للمتعة فقط)، ولا تكترث بأهمية الدور الثقافي الذي ينبغي أن يمارسه الإعلام في تنوير المجتمع».وطوّحت صقر كُرة الحديث إلى القطاع الطبي في البلاد، منتقدةً عدم مواكبته الطفرة الطبية التي يشهدها العالم أجمع، ومؤكدةً «أن المستشفيات الحكومية تحولت إلى حقل لإجراء التجارب على المرضى، فيما تستنزف العيادات الخاصة أموال الشعب بلا رحمة». ولم تغفُل مقدمة برنامج «زوارة نادية» عن ذكر حقوق المرأة الكويتية، «خصوصاً حلم حصولها على الأرض والقرض أسوة بالرجل»، متمنية «أن تجد المشكلة الإسكانية طريقها إلى الحل في القريب العاجل قبل تفاقمها، وكذلك الأزمة المرورية الخانقة التي تشهدها الكويت منذ عقود». «الراي» بدورها بادرت بـ «زوارة نادية»، وتجاذبت معها أطراف حوار تعددت أطيافه بين الفن والطب والسياسة والإعلان... وها هي التفاصيل:• في البداية، ما أفضل البرامج التي قدمتها، وتشعرين بأنها الأقرب إلى نفسك؟- لكل برنامج قدمتُه نكهة خاصة تميزه عن غيره من البرامج، سواء كان إذاعياً أم تلفزيونياً، كما أنني في كل محطة من مشواري الفني لدي ذكريات جميلة لا تزال راسخة في ذهني، غير أن نسبة النجاح تتفاوت من برنامج إلى آخر، فبعضها نالت نصيبها من الشهرة والأصداء، ومنها على سبيل المثال لا الحصر البرنامج الإذاعي «بوكيه غنائي» الذي قدمته قبل سنوات عبر إذاعة «كويت أف أم» إلى جانب برامج تلفزيونية عدة. كما أقر بأن بعض البرامج لم يحالفها الحظ مثل غيرها بالرغم من قيمتها الفنية العالية وجوهرها الثقافي ورصيدها من المعلومات.• غالباً ما ترددين مقولة «الصدق مفتاح الوصول»، إلامَ ترمين من وراء هذا القول؟ وهل تقصدين شخصاً بعينه؟- «اللي على رأسه بطحة يحسس عليها» (كما يقولون)، ولا شك أن الصدق مع الذات هو سر سعادة الإنسان في حياته وعمله، كما أن الشفافية في التعامل مع الآخرين تجعلنا محل ثقة لديهم، والحال ذاتها تنطبق على الإعلامي والفنان أيما انطباق، فلا نجاح من دون مصداقية، وما من حب حقيقي إذا كان أحد أطرافه كاذباً أومحتالاً. لذا، فإن الصدق مفتاح القلوب، كما أن الذكاء سفير النجاح بلا أدنى شك.• كيف تجدين أصداء برنامجك الحالي «زوارة نادية» الذي تعرضه قناة «العدالة» مساء كل يوم سبت؟- بالرغم من أنه لم يمض على بدايته سوى بضعة شهور، إذ انطلق في شهر أكتوبر الماضي، فإنه نال استحسان المشاهدين - ولله الحمد - وهذا ما لمسته من خلال عبارات الثناء التي يرددها الكثيرون، سواء في مواقع التواصل أم من خلال الأشخاص الذين ألتقيهم في الأماكن العامة، حيث يتضمن البرنامج طيفاً من الفقرات الطبية والقانونية والأدبية وغيرها من الفقرات ذات المصداقية الشديدة، والجرأة في الطرح الموضوعي، وسيكون الآتي أجمل بإذن الله.• في البرنامج ذاته، تخصصين فقرة بعنوان «ماذا يشغل بالك؟»، فما الذي تتناوله تلك الفقرة وما الذي يدور في ذهنك بشأنها؟- ما يشغل بالي حقاً هو المريض الذي يرقد على سرير الألم في المستشفيات الحكومية، ويكون عُرضة للتجارب العلمية، فيما تُستنزَف أمواله في العيادات الخاصة شهوراً عديدة من دون أن يعرف علته أو يلقى تشخيصاً لحالته المرضية من طبيب جيد.• هل ترين أن المستشفيات في بلادنا لا تواكب النهضة الطبية التي تشهدها دول العالم حالياً، ومنها بلدان شرق أوسطية؟- مع الأسف، الطب في بلادنا متدنٍ جداً، كما أن خبرة الأطباء لدينا متواضعة للغاية وغالبيتهم «لا يحملون الخبرة الكافية»، مع احترامي الشديد لهم، وإذا نظرنا إلى البلدان الأخرى لرأينا الثورة الطبية على أصولها، في حين أننا لا نزال نحبو ببطء في الاتجاه الطبي الصحيح.• فلنعد ثانيةً إلى الإعلام. يظن البعض أن الإعلامية المحجبة لا تحظى مثل غيرها بالنجومية والأضواء، فما تعليقك؟- الحجاب لا يقلل من قيمة الإعلامية الناجحة، كما أنه لا يقف حجر عثرة في طريقها إلى قلوب المشاهدين. وما دامت المذيعة تملك الموهبة والثقافة وغيرهما من مقومات المذيع الناجح، فلن يكون هناك من داع لارتداء التنورة القصيرة أو الفساتين الطويلة أو الأزياء البراقة واللافتة لجذب انتباه المشاهدين بطرق أخرى لا تخدم العمل الإعلامي بقدر ما «تسر» الرائي. ففي حضور الموهبة الخلاقة، تفقد هذه الأشياء تأثيرها والحاجة إليها.• ما رأيك في بعض القنوات الفضائية التي أصبحت تعتمد في برامجها على «غنج المذيعة الحسناء» لجذب المشاهدين، إضافة إلى الديكورات والأضواء الزاعقة لإضفاء الإبهار الصارخ على تلك البرامج، في حين لا يرقى المضمون إلى مستوى الإكسسوارات والكماليات التي تزين جدرانها؟- الكثير من البرامج التلفزيونية أمست «للمتعة فقط»، وغايتها الأساسية ملء فراغ القناة لا أكثر، ضاربة عرض الحائط بأهمية الدور الإعلامي الكبير في غرس الأفكار التنويرية في عقل الجمهور. ونحن لا نطالب تلك البرامج بأن تتحول إلى فصول مدرسية يحضرها الطلاب والطالبات لتلقي الحصص التعليمية الشاقة والباردة والمملة، بل هناك طرق تثقيفية ناعمة يمكن عن طريقها إيصال المعلومات الهادفة إلى المشاهد بكل سلاسة، من دون التخلي عن من روح المرح أيضاً.• هل أنتِ مع تحوّل المذيعة إلى ممثلة والعكس، أم أن صاحب البالين كذاب، كما يقولون؟- إذا كانت المذيعة قادرة على التمثيل بحرفية واقتدار، فلا ضير في ذلك، «وهذا الميدان يا حميدان»، غير أنني ألاحظ أن البعض منهن اقتحمن أبواب الفن من دون موهبة فنية خلاقة أو دراية تامة بأبجديات التمثيل، وهذه النوعية من الفنانات لم تستطع البقاء طويلاً، وكان مصيرها الفشل، لذا فضلن الخروج من الوسط الفني عبر نوافذه الخلفية، حفظاً لماء الوجه.• أيهما أفضل بالنسبة إليك، العمل في القنوات الرسمية الحكومية أم في القطاع الخاص؟- بون شاسع ما بين هذه وتلك، فالعمل في القنوات الخاصة أفضل بكثير، لا سيما أنها تتيح للجميع فرصة إثبات الذات. كما أن المذيع في القطاع الأهلي يأخذ حقوقه كاملة، فضلاً عن أنه يجد الاهتمام والتقدير اللذين لا يحظى بهما عادة في القنوات الحكومية التي يختلط فيها الحابل بالنابل، وتهدر الحقوق، ويتساوى في كفة ميزانه المذيع الجيد مع أنصاف المذيعين.• أين أنتِ من تقديم نشرات الأخبار، وهل باعتقادك أن القنوات الإخبارية العربية تلامس الواقع السياسي العربي الذي نعيشه الآن بمهنية ودقة؟- أنا أميل إلى برامج المنوعات التي تحوي بين ثناياها فقرات شاملة من الطيف المعرفي (فنية، طبية، ثقافية، سياسية، وغيرها). أما في ما يتعلق بالشطر الثاني من السؤال، فليس لدينا في الوطن العربي قنوات إخبارية صادقة 100 في المئة، فالبعض منها تبث الأخبار «مبتورة» لتحقيق مآرب سياسية تخدم توجهات دول معينة على حساب مصالح بلدان أخرى، والعكس صحيح أيضاً، ففي الضفة الأخرى نرى أن هناك فضائيات تدس السم في العسل لتضليل الشعوب العربية، حتى تاهت الحقيقة في زوبعة الإعلام العربي السياسي الناقص.• بوصفك امرأة كويتية، ما أهم العقبات التي تواجهها المرأة في المجتمع؟- الشعب الكويتي بصفة عامة أحوج ما يكون في الوقت الراهن إلى الدعم الحكومي من خلال إزاحة العراقيل التي تشكل حاجزاً بينه وبين أحلامه في الاستثمار وعمل المشاريع الهادفة، لكي تزهو البلاد بأفكار أبنائها. أما على الصعيد الشخصي، فأنا كامرأة كويتية أطالب بكل حقوقي من جانب الدولة أسوة بالرجل، وأهمها الحصول على الأرض والقرض، وأتمنى من أعضاء مجلس الأمة إدراج هذا المقترح في الجلسات المقبلة لأهميته القصوى في حياة المرأة الكويتية.• لو أغمضتِ عينيك برهة، للإنصات - في صمت - إلى أحلامك وتطلعاتك، فماذا ترين؟- أرى الكويت مخضرَّة وتطرزها الزهور الحمراء والبيضاء، وشوارعها فسيحة لا تخنقها الزحمة المرورية، كما أرى الجسور العملاقة تعانق البلاد من كل اتجاه، والأبراج التجارية الشاهقة تناطح السحاب وتتلألأ قممها في سماء الكويت ليلاً، فيما أشاهد الصحاري القاحلة تتحول إلى مدن كبيرة تحتضن البيوت الفارهة، هذا ما أراه حقاً، وأتمنى أن يتحقق في القريب العاجل.• نعلم أنك أُم... لكن هل لديك أحفاد؟- (ضاحكة) لا أزال أُماً، وأعيش إحساس الأمومة الجميل بجماله ومتاعبه، ولحد الآن لم أصل إلى شعور «الجدة»، وإن كنت حقاً أتوق إلى رؤية أحفادي وهم يغفون في أحضاني تارة ويلهون داخل أسوار البيت تارة أخرى.