تضجّ وزارة الزراعة اللبنانية وسط بيروت بشكل يومي بالزوّار والمراجعات. خليّة عمل لا تهدأ، رغم أن وزير الزراعة النائب أكرم شهيب قد خصّص ثلاثة أيام في الاسبوع سواء في الوزارة أو في داره في الجبل أو حتى في قصر المختارة لمتابعة قضايا الناس.الوزير شهيّب، الذي يغوص في كافة التفاصيل المتعلّقة بعمل وزارته، يؤمن بالعمل الجماعي، ولهذه الأسباب نقل فريق عمله الخاص إلى مبنى الوزارة مقابل «السرايا الحكومية». لكنه يؤمن أكثر بأن الحزب «التقدمي الاشتراكي»، حزب كمال جنبلاط وابنه وليد جنبلاط، سبّاق دائماً في طرح قضايا الناس، فهذا العمل هو جزء من هويّة الحزب ولذلك يرى في حديث لـ «الراي» أن لا شيء مستغرَباً في ما يقوم به بل «المستغرَب ألا نقوم بتثبيت حقوق الناس والعمل لأجلهم، علماً أن هذا النهج من التعاطي الذي نعتمده طبع عمل وزراء الحزب، من دون إغفال الحصانة التي نستمدها من الناس ومن عملنا ومن رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط».الحديث عن السياسة الداخلية في لبنان متشعّب نظراً للتعقيدات التي تطرأ بين الحين والآخر، لكن هل حافظت الحكومة اللبنانية في ظل هذه الظروف على سياسة النأي بالنفس؟ يقول شهيب: «الواقع أن تأثير البعد الإقليمي علينا ليس بحاجة إلى تأكيد وإن بشكل متفاوت، ولكن ما يعنينا في هذا الشقّ هو وضعنا الداخلي وتماسُكنا وقوّتنا اللذان نستمدّهما من وحدتنا ومناعتنا، وواقع الحال يؤكد أن الحكومة هي أقرب القوى لممارسة سياسة النأي بالنفس إذ إن سياسة رئيس الحكومة تمام سلام واضحة وشفّافة في طريقة تعاطيها مع الأحداث التي تطرأ، والحكومة اليوم تحاول بكل ما تُمثّل وبقدر الإمكان أن تنأى بتعقّل عن المفاعيل السلبية لما يجري في المنطقة».ويأسف شهيّب لكون تعطيل أو منع انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية متعلّق بشقيّن أساسييّن داخلي وخارجي في آن «داخلي لأننا لم نتوصّل حتى اليوم إلى صيغة تَوافق تؤدي إلى انتخاب رئيس. وهنا لا يُمكنني أن أحمّل المسؤولية لفريق دون آخر، من دون غض الطرف عن الدور الطليعي الذي يمكن أن تلعبه القوى المسيحيّة في هذا الخصوص نظراً لدورها الوازن في هذا الملف. أمّا خارجيّاً، فيعود الأمر إلى تعويلنا بشكل دائم على الحلول الخارجيّة متناسين أن لهذا الخارج مشاكله الخاصة التي لا تجعلنا أولوية بالنسبة له، ولهذا يجب الاتكال على أنفسنا وإدارة البلد عن طريق المشاركة الوطنية لا على طريقة الشركة الخاصّة».«لا مجال على الإطلاق لاستقالة هذه الحكومة حاليّاً» هذا ما يؤكده شهيب لأسباب كثيرة منها: «أن رئيس الجمهوريّة وحده الذي يستطيع قبول الاستقالة ووحده الجهة المخوّلة بتسمية رئيس جديد للحكومة إضافة إلى أنه الجهة الوحيدة التي يمكنها إجراء المشاورات النيابية، إذاً أين هو الرئيس اليوم ليقوم بكل هذه الأمور؟ ولذلك علينا إدارة أمورنا بالتي هي احسن». ويُضيف: «نعم نحن مختلفون على إدارة الأزمة في سورية، لكن هل يمنعنا هذا من تأمين لقمة عيش المواطن، فنحن قادرون على أن نخدم الناس بأقل الأضرار في ظل التوافق السياسي القائم بين جميع المكوّنات والمبني على إرادة عدم التعطيل، وهذا أمر جيد ويُحسب للجميع ونتمنى أن تبقى الامور سالكة».لا يخشى شهيّب من أن ترتّد الحوارات القائمة بين الأطراف اللبنانية بشكل سلبي على وليد جنبلاط ومكانته ولا من حصول تفاهمات جانبيّة يمكن ان تجعل الفريق الذي يترأسه خارج التفاهمات: «مكسب كبير جداً لنهجنا أننا نجحنا في إرساء نهج الحوار بين الجميع. وكل تقارب هو انتصار للنهج الذي نتّبعه وللبنان، وخصوصاً إذا أحسنا توظيفه لأن المطلوب في نهاية المطاف هو الحل لأننا نعيش في بلد محكوم بالتوافق. وطريقة (داعش)لا تنفع ولا تفيد، هكذا علّمتنا التجارب. كما أننا في الأصل لم نقل(نحن أو لا أحد)، بل كل ما قمنا به هو الدعوة إلى الحوار».ومع هذا يقول شهيّب «حتى وإن كانت هناك رغبة لدى البعض في تقليم أظافرنا لا توجد أي جهة قادرة على هذا الفعل إلا إذا قمنا بتسليمها المبرد بأيدينا. ومَن يظن أنه قادر على ان يُلغي فريقاً ما، فهو قادر على هذا الفعل إلى حين، لأن التجربة في لبنان علّمتنا صعوبة الإلغاء».ونسأله: ما زال النائب جنبلاط الأكثر جرأة في تناول الوضع في سورية، ألستم خائفين من المجهول أو عدم «حفظ خط الرجعة» كما يقال؟ فيجيب: «لا نخاف من المجهول، بل نخاف على الشعب السوري الذي خرج ذات يوم لينادي بحريته ووحدته. هناك وصمة عار بوجه الانسانية ككل وخصوصا القوى العظمى، فهذا الشعب الذي قوبل بهذا الكمّ من الحقد من النظام السوري ظل يهتف رغم كل ما تعرّض له لفترة طويلة من دون ان يستعمل (بحصة) إلى أن فرّخوا له كل هذا التطرّف فأكله وأكل كل سورية، حتى ثبّت النظام أرجله على الأرض بعدما كان قاب قوسين أو أدنى من الرحيل. لدينا خوف من أن يستمر هذا العماء والطرش ويبدو أنه مستمّر. وإذا كان الغرب جدياً في اجتثاث الإرهاب فعليه ببشار الأسد أولا».ويتطرق شهيّب إلى موضوع الموحّدين الدروز في سورية، فيؤكد «أن النظام السوري هو المسؤول عن زجّ كل الأقليّات بالصراع الدائر في سورية ومسؤول أيضاً عن ترهيبهم، فالنظام اعتمد مقولة (الطوفان كي أبقى أنا) وليس (إمّا أنا أو الطوفان)، ولذلك يحاول على الدوام أن يؤجج الصراع المذهبي في سورية كي يستفيد من التشرذم، لأن الوحدة تُنهيه وتقضي على آماله في البقاء».أمّا بالنسبة الى ما يُحكى عن انقسام في الموقف الدرزي في سورية فيوضح أن «الأمر طبيعي، فالدروز طائفة عربية مسلمة وبالتالي يمكن أن ينعكس عليها الواقع الذي تعيشه، ولكن السؤال الأبرز هل هذا الانقسام هو اقتتال داخلي؟ بالطبع لا، رغم محاولات النظام السوري إظهاره على هذا النحو»، مؤكداً «سيظل هناك تصدّ لمحاولات النظام من قبل العقلاء الوطنيين، وخصوصاً أن الدروز يملكون ذاكرة وطنية عربية».سبق للنائب وليد جنبلاط أن وصف «جبهة النصرة» بأنها فصيل سوري مُقاتل وليس إرهابيا، وعن هذا الأمر يؤكد شهيّب أن «لوليد بيك ثقلاً كبيراً لدى العرب الدروز في سورية وفلسطين والأردن ولبنان وهو تأثير إيجابي وواضح في السر والعلن، فالمهم بالنسبة اليه أن تحافظ هذه الطائفة على نفسها وعلى تاريخها المشرّف. أما في ما خص الوصف، فالحفاظ على الدروز في سورية وعدم زجهم بالصراع الحاصل شيء، ومعادلة النظر إلى (النصرة) أو (داعش) أو للقوى الأخرى شيء آخر. هناك أولوية لدى (البيك) واضحة جداً وهي الحفاظ على أمن أو حدود المناطق الدرزية أو الدرزية المختلطة والنأي بها عن ساحة الحرب والاقتتال العبثي».ويتطرّق شهيب إلى الوضع في «جرود عرسال» وما يُحكى عن قرب موعد المعركة هناك ليقول: «في الحروب تبقى التوقّعات كثيرة، لكن في الحقيقة لا أعتقد أن هناك مصلحة لأي طرف بإشعال الجبهة هناك. وفي أيّ حال، الجيش جاهز وقادر على الدفاع عن نفسه عندما تدعو الحاجة، وهو يقوم بواجبه الوطني وقدَر الوطنيين ان يُقتلوا دفاعاً عن بلدهم، ولكن هذا لا يعني أننا نفرّط بشبابنا، كما أنه واجب على كل لبناني أن يدعم هذا الجيش بقدر ما يستطيع لكن الدعم الأهمّ يبقى في الالتفاف حوله لا أن نكون بديلاً عنه».وعن إعلان النائب جنبلاط اعتزامه الاستقالة من مقعده النيابي إفساحاً أمام انتخابات فرعية يخوضها نجله تيمور في الشوف، يُشير إلى أن جنبلاط «لن يترك السياسة، وإذا ترك النيابة فهذا ليس معناه أنه سيترك رئاسة الحزب. ثالثاً وليد جنبلاط هو في حال تجدد دائم وهو شاب بمعنى الفكر والاندفاع والحماسة والتعقّل وقد استطاع أن يُبقي حزبه كل هذه الفترة الطويلة في مصاف الاحزاب الأولى. إذاً فالمسائل لا تقاس بالعمر بل بالعمل الدائم»، معتبراً «أن(الرشقات)والتهديدات التي تُطلق بشكل دائم بحق النائب جنبلاط لن تزيد (البيك) إلّا تمسكاً بالقضايا التي يحملها وهي سترتّد سلباً على مطلقيها وهي تأتي ممن قتل أباه كمال جنبلاط ورفيق الحريري والقيادات الوطنية».وعن الدور الإيراني وتوسّع نفوذه في المنطقة يقول: «كان في ودّنا ألا نخشى من هذا الدور وأن تكون الثورة التي أطلقها الامام الخميني رديفة للثورات العربية وأن تكون ثورة أشقاء وليس جيران فقط. ما يُزعجنا هو تصريحات المسؤولين الإيرانيين والطريقة التي يتعاطون بها في العراق وسورية واليمن والخليج، فنحن لا ننظر إلى الإيراني على أنه عدّو لأننا كنّا من أوائل(المُهلّلين)لثورة الخميني لأننا رأينا فيها أفق تعاون عربي إيراني في سبيل خدمة قضايا الأمة، ولكن أن تتحوّل القضية إلى تثبيت لقتل شعب سورية وتحويل بغداد عاصمة للامبراطورية الفارسية، فلا التاريخ يقبل ولا العروبة ولا الوطنية تقبلان أيضاً».وعن سبب عدم حضور الحزب «التقدمي الاشتراكي» لمناسبتيْ مرور عقد على «14 فبراير» (اغتيال الرئيس رفيق الحريري) ولاحقاً «14 مارس» (ذكرى انتفاضة الاستقلال)، يشرح شهيب «في الأولى لا نعتبرها مقاطعة، فالمناسبة تعنينا والشهيد يعنينا و(تياره)يعنينا. إذاً المسألة ليست في الحضور بل في الموقع والعلاقة مع(المستقبل)تحديداً وغالبية القوى الأخرى. وعندما تموْضعنا في هذا المدى الوسطي اخترنا ألا نختلف مع جميع القوى الفاعلة في لبنان. أمّا في الثانية، فالمسألة واضحة لجهة تموْضعنا في الموقع الوسطي الذي اخترناه لنكون عامل جمع لا تفرقة، ونجحنا وسننجح أيضاً».ولجهة العلاقة مع «حزب الله»، يشير الى «ان الخلاف مع الحزب مُنظّم والاحترام قائم والتعاون ايضاً قائم إن عبر الحكومة أو على الأرض من خلال مواقع ومفاصل كثيرة.(حزب الله) قوة سياسية وازنة في البلد مثلها مثل القوى الاخرى، ولا يمكن عدم الاعتراف بهذا الواقع».
متفرقات - قضايا
أكرم شهيب لـ «الراي»: التهديدات لوليد جنبلاط تأتي ممّن قتل أباه والحريري والقيادات الوطنية
07:24 ص