الليلة الثانية من ليالي مهرجان «فبراير الكويت» التي أحياها كل من الفنانين نوال الكويتية والمصري عمرو دياب وعبدالسلام محمد ومساعد البلوشي، كانت مختلفة بنكهتها كونها جمعت أصواتاً ما بين جيلي الشباب والكبار، مانحة كل واحد فرصته لتقديم ما لديه من فن وإبداع فوق خشبة مسرح «صالة التزلج» التي اكتظّت بالجمهور.إذ مع انطلاق تلك الأمسية الغنائية، أطلّ المذيع عبدالرحمن الديّن على خشبة المسرح مرحّباً بالجمهور ومقدّماً أول فناني الحفل عبدالسلام محمد، الذي حقق المعادلة الصعبة ونجح بالامتحان، إذ إنّ الوقوف أمام الجمهور الكويتي له رهبة خاصة، فما بالك لو كان ذلك الوقوف بالوصلة الأولى التي غالباً ما تكون «ميتة» وتحتاج إلى فنان يعرف كيف يكسب انتباه كل من يجلس في القاعة.الأغنية الاولى التي قدّمها محمد كانت بمثابة «جسّ النبض»، لكن ومع دخوله في الأغنية الثانية بانت هنا ملامح الثقة بالنفس، وبدا الارتياح واضحاً عليه وعلى طريقة غنائه، ما جعل الجمهور يتفاعل معه، خصوصاً أن أغانيه الخاصة لها شعبية كبيرة.عبدالسلام محمد كان قد افتتح وصلته الغنائية مع أغنية «ما صارت صبر»، ثم أعقبها بعدد من الأغاني هي «ولهان»، «لك عين»، «ربه معه»، «يا قلبي»، «ما شوف»، وختامها كانت أغنية وطنية بعنوان «أحبك موت يا دولة»، من كلمات الشاعر علي الفضلي وألحان فهد الناصر، وكان الفنان الشاب قد جهّزها خصيصاً لهذه المناسبة، وقرر أن تغنّى للمرة الأولى مع الجمهور الكويتي.ذكي في اختيارتهبعد ذلك اعتلت المذيعة شيمان خشبة المسرح، وقدّمت الفنان مساعد البلوشي الذي يمكن وصفه بمستقبل الأغنية الكويتية، وذلك بعد الفنانين الكبار، خصوصاً أنّ المتابع لمسيرته يرى فيها خطوات رائعة نحو القمة بثبات وتأنّي.البلوشي تفاعل مع جمهوره خلال وصلته الغنائية، فكان ذكياً جداً في اختياراته لكل أغانيه التي يمتلك منها الكثير، لكنه عرف ماذا يقدّم للجمهور الذي بدوره منحه الثقة وتفاعل مع كل أغنية قدّمها. بالإضافة إلى ذلك كلهّ، أقدم البلوشي على لفتة جميلة في وصلته عندما انتقى أغنية من أغاني الفنان عبدالكريم عبدالقادر بعنوان «تأخرتي» من كلمات بدر بورسلي وألحان الدكتور عبدالرب إدريس، فكانت نوعاً من التكريم أنه غنّى لـ «الصوت الجريح».غنّى البلوشي مجموعة من أغانيه التي انتقاها بعناية، وهي كالآتي: «طالعين القمر»، «ما يسوون»، «طيروا»، «تأخرتي»، «ورق خسران»، «ولّع»، «ويلي» والختام كان مع أغنية وطنية بعنوان «وطني الكويت».«الهضبة»... عفويمع بداية الوصلة الثالثة، اعتلت مذيعة «روتانا» منال ناصر الخشبة، وقدّمت الفنان عمرو دياب لجمهوره الذي استقبله بالهتاف والتصفيق الحار، فكانت أولى الأغاني التي افتتح بها وصلته بعنوان «الليلة»، وهي إحدى أغاني الألبوم الذي يحمل الاسم نفسه. وما إن انتهى، حتّى رحّب دياب بالجمهور الذي حضر، وذكّره بأنه يعرف تماماً قوانين وقواعد الحفلات الغنئاية في الكويت وأنه سيلتزم بها.دياب، وبالرغم من ذلك، لم يبتعد عن عفويته فوق خشبة المسرح، فهو لم ينفك عن مخاطبة الجمهور، بين أغنية وأخرى، لدرجة أنّه طالبه بالتصفيق الجماعي على طريقة مشجعي الكرة في الأندية المصرية مثل الأهلي والزمالك والإسماعيلي، كذلك نزل من على خشبة المسرح مغنّياً أمام الجمهور الذي كان جالساً في الصفوف الأولى، ثمّ جلس قليلاً على حافة المسرح، ليعود مجدداً إلى فوق الخشبة ويكمل باقي وصلته الغنائية، واقتراب ختام وصلته وجّه دياب جملة إلى جمهوره قال فيها «إحنا احترمنا كل القواعد ومعملناش مشاكل... يا رب تكونوا مبسوطين».خلال وصلته، حرص دياب على تقديم مجموعة متنوعة من أغانيه منها«قمرين»،«مفيش منك»،«العالم الله»،«حبيبي يا نور العين»،«لو عشقاني»،«ليلي نهاري»،«تملي معاك»،«اللي حلمت فيه»،«راجعين»،«ما بلاش نتكلم بالماضي»،«ما تخافيش»،«ميّال ميّال»،«أصلها بتفرق»،«جماله»،«شفت الأيام»و«هو ليل وعدّى».دفء ورقيمع اقتراب موعد ختام الأمسية، اعتلت المذيعة ورود حيات خشبة المسرح، وقدّمت«قيثارة الخليج»الفنانة نوال التي كانت بكل معنى الكلمة«مسك الختام»، مطلّة لتعيد تشكيلة الفرح من جديد.«أم حنين»التي امتلكت إطلالة سيدة مليئة بالإحساس والرقة، ارتدت ثوباً أبيض اللون تبرق منه بعض الفصوص الماسية وحزاماً أنيقاً في وسط ثوبها، ارتدت معه قرطاً رائعاً موشّى بالفصوص الخضراء، مع خاتمين بفصوص خضراء أيضاً، وبهذا كانت في قمة البساطة والجمال والرقي معاً. ومع جمال إطلالة المظهر، قدمت نوال لجمهورها جمالاً آخر من خلال صوتها وإحساسها الدافئ، فتنقّلت كالعصفورة بين أغانيها واختارت لهم ما يحبّون، ما دفعهم تلقائياً للسفر معها إلى عالمها حيث كانت تعيش وهي تغنّي وتخاطبهم بكل حنيّة وذوق.«أم حنين»استحقت فعلاً أن يقف لها كل من في القاعة صغيراً وكبيراً، تقديراً لها على مسيرة 30 عاماً من العطاء الفنّي، إذ وعلى حين غرّة ظهر المذيع عبدالرحمن الديّن الذي كان متمكناً فعلاً من نفسه، فانتقى أفضل الكلمات المرتجلة التي نبعت من قلبه، ربما لحبه أيضاً للقيثارة، ووقف إلى جانبها ثمّ قدّم لها درعاً تذكارية أفصح بأنه من كل محبيها ومعجبيها احتفالاً بها في هذه المناسبة، وبدورها شكرت«أم حنين»الجميع بقولها«وقفتكم تسوى عندي الدنيا كلها، ومابي أصيح عشان لا أخرب مكياجي»، ثم أكملت الغناء وعيناها تترقرق بالدمع.«القيثارة»قدّمت لجمهورها في وصلتها باقة من أجمل أغانيها، افتتحتها بأغنية وطنية بعنوان«مو وطن»، ثم تبعتها بـ«تفضل حياتي»،«من علّمك»، دويتو مع الفنان رابح صقر بعنوان«كل ما في الأمر»،«من عيوني»،«ماي عيني»،«لولا المحبة»،«خذاني الشوق»، «سنين وأيّام»، «بكسر الدنيا»، «نايم حبيبي»، «لقيت روحي»، «روح»، «لا تجي الليلة»، «غروك»، «تبغى الصدق»، «أبيك» و«تهددني».

لقطات

• المنظّمون داخل القاعة وخارجها كانوا في قمّة التعاون والرقي التعامل مع الجمهور، وحتى وسائل الإعلام والصحافة.• عضو اللجنا العليا للمهرجان محمد الهاجري كان شعلة من النشاط، من خلال تنقلاته في«الكواليس»، ومتابعة مجريات الحفل الغنائي في القاعة• نوال، وخلال وصلتها، حرصت على مخاطبة جمهورها وسؤاله عن الأغاني التي يحبّها، ثم قالت له«ما شاء الله انتو اليوم مجمعين كل الألبومات... مستحيل».