ثلاث سنوات انتظرناها حتى تصدر اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون رقم 24 لسنة 2012 والخاص بإنشاء الهيئة العامة لمكافحة الفساد والأحكام الخاصة بالكشف عن الذمة المالية، بعدما صادق عليها مجلس الوزراء في اجتماعه الذي انعقد الأسبوع الماضي، في استحقاق تأخر كثيرا جدا، ولكن أن يأتي متأخرا خيرا من ألا يأتي. ومع صدور اللائحة، أضحى القانون حيز التنفيذ وأصبحت الهيئة قادرة قانونيا على ممارسة نشاطها ودورها الفعلي، ليشكل ذلك انطلاقة حقيقية ومأمولة في مواجهة الفساد والمفسدين.ولاشك أن إنشاء الهيئة قد، وهنا أقول قد، يساهم في مواجهة الفساد المستشري في أجهزة الدولة، ويساعد في محاسبة المفسدين وفي استئصال أوجه الفساد وحماية المال العام. كل هذا وأكثر لن يتحقق، إلا إذا كانت هناك رغبة حقيقية ونية صادقة لذلك. فكثير من القوانين مازالت حبيسة الأدراج وكثير من الهيئات والمؤسسات مازال وجودها من عدمه، وكل هذا وذاك لأن الحكومة غير جادة في تطبيق بعض القوانين، وفي دعم بعض المؤسسات والهيئات.سئم المواطنون كثيرا من حالات التعدي على المال العام وزادت شكاواهم وتذمرهم، ولا نلومهم على ذلك، وليست قصة المدير العام السابق للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية الهارب فهد الرجعان، والذي صدر بحقه أمر ضبط وإحضارعن طريق الإنتربول، سوى حادثة واحدة، وأكاد أجزم أن هناك أكثر من فهد سيكتشف خلال السنوات المقبلة، متى عملت الهيئة بجد واجتهاد وفقا لما جاء بقانون إنشائها ولائحتها التنفيذية.على الحكومة أن تقدم الدعم اللازم والممكن للهيئة لأداء واجباتها على النحو المأمول وعلى المجلس أن يتابع أعمال الهيئة ويتأكد من قيامها بتطبيق القوانين وتنفيذ أعمالها وفقا للائحة المتعلقة بإنشائها.إن مسيرة أي إصلاح سياسي واقتصادي ومجتمعي لن يبدأ أو يستمر طالما كان صاحب أي قرار فاسد، ولن تنهض الدولة طالما كان هناك مسؤول متنفذ. ولذلك فإنني أعتقد أن إنشاء الهيئة وإصدار اللائحة التنفيذية لها، سيكون بمثابة الانطلاقة الحقيقية لإعادة مسيرة التطور السياسي والنمو الاقتصادي إلى طريقه الصحيح بعد أن حاد كثيرا عن ذلك، وذلك طبعا إذا ما أراد أصحاب القرار ذلك، لأنني متأكد أن الهيئة لن تنجح في عملها إذا لم تتلق الدعم اللازم من السلطات الثلاثة.وبمناسبة إنشاء الهيئة، فقد أصبح لزاما على كل مواطن ممارسة دوره الوطني في الإبلاغ عن أي حالة فساد أو تعدٍ على المال العام، فهو واجب وطني ودستوري مستحق، خصوصا أن القانون قد كفل عدم المساس بالمبلغ بأي شكل من الأشكال وأكد على حريته وسكينته.****رحم الله الشاعرعبدالرحمن رفيع، أحد أبرز الأدباء في الخليج العربي ورائد من رواد الشعر الفكاهي. التقيت معه على مأدبة عشاء بدعوة من أحد الزملاء، بعد أمسية شعرية كانت معدة مسبقا للمرحوم في كلية التجارة (العلوم الإدارية حاليا). تحدث كثيرا عن تجربته الدراسية في مصر ومعاصرته لعدد من الأدباء والزعماء الذين درسوا هناك، ومازلت أتذكر حديثه عن المقبور صدام حسين وصديقه المرحوم الدكتور غازي القصيبي. كان في ذلك العشاء متواضعا لا يضع حواجز، مرحا خفيف الظل، لبقاً غني المعرفة، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر.Email: boadeeb@yahoo.com
مقالات
إبراهيم أديب العوضي / اجتهادات
«مواجهة الفساد» ... حيّز التنفيذ
09:00 م