سمع موظفو وزارة التجارة والصناعة نهاية دوام الخميس الماضي عن توجه نائب رئيس الوزراء وزير التجارة والصناعة الدكتور عبد المحسن المدعج نحو إحالة دفعة ثانية من موظفي الوزارة إلى التقاعد ممن امضوا 30 عاما وما يزيد بالخدمة، لكن قلة من المسؤولين يعلمون حقيقة ما جرى دوافعها.حقيقة الأمر أن المدعج أصدر الأسبوع قبل الماضي قرارا بإحالة 27 موظفا إلى التقاعد بناء على توصية لجنة شؤون العاملين واقتراح مجلس الوكلاء وتنفيذا لقرار مجلس الخدمة المدنية ومجلس الوزراء في ما يتعلق بسن العمل الحكومي، بهدف تجديد الدماء وإتاحة الفرصة امام الشباب العاملين في «التجارة»، علما بأن أعداد موظفي «التجارة» يقارب 3200 موظف.وما زاد من سرعة انتقال المعلومة بين اسماع موظفي «التجارة» الذين تحدثوا بلغة «يقولون»، انها كانت تتكلم عن توجه اقره الوزير بالفعل يتضمن إحالة جميع العاملين في الوزارة الذين امضوا الفترة القانونية والذين يبلغون نحو 20 موظفا إلى التقاعد من دون استثناءات، وهو ما تسبب بخيبة أمل لهذه الشريحة وتحديداً الذين فوجئوا باتصالات هاتفية «بشكل غير رسمي» تخبرهم أن المدعج طلب أسماءهم تمهيدا لإحالتهم إلى التقاعد، على الرغم من أنهم يزاولون مهاما وأعمالا كلفوا بها أخيراً من قبل الوزير.أما القصة الحقيقية للأمر، فهي ان المدعج طلب بالفعل من المسؤولين تزويده بقائمة تشمل اسماء جميع العاملين في الوزارة ممن امضوا 30 عاما وما يزيد بالخدمة في الوزارة، تمهيدا لاصدار قرار جديد باخراج دفعة جديدة إلى التقاعد ربما تكون النهائية، لكنه حتى الآن لم يقرر انها ستشمل جميع الذين تنطبق عليهم تعليمات فترة العمل، ولم يجزم باسماء الدفعة الثانية التي سيحيلها إلى التقاعد، وبمعنى ادق لم يتخذ الوزير حتى دوام الخميس الماضي اي قرار رسمي بحق اي موظف المرتقب ان تشمله القائمة.وفي معلومات خاصة لـ «الراي» ان دفعة التقاعد التي سيقرها الوزير لن تشمل جميع الموظفين الذين امضوا 30 عاما وما يزيد في الخدمة، بل ستثتثني بعضهم، وفي هذا الخصوص أفادت مصادر مقربة أن الوزير طلب من شؤون العاملين في «التجارة» تجهيز قائمة تشمل اسماء جميع من امضى 30 عاما في الخدمة وما يزيد، ومن ثم سيقوم مجلس الوكلاء في «التجارة» بفرز هذه القائمة، مع رفعها لاحقا كاملة إلى الوزير مع إبداء ملاحظة جوهرية من المجلس واللجنة بترشيح بقاء بعض العاملين على رأس عملهم على اساس انهم يرون فيهم الخبرة والكفاءة، اما الاشخاص الذين قدموا كل ما لديهم فلا مانع من إحالتهم إلى التقاعد.وعلى سبيل المثال، بلغت فترة خدمة مدير إدارة شركات الاشخاص فالح الهبيدة 30 عاما او ربما تكون دنت من ذلك، ومن المقرر حسب التعليمات دون توجيه، ان تتضمن القائمة العامة للأسماء اسم الهبيدة، رغم انه معلوم لدى اوساط القائمين على اعداد هذه القائمة ان الوزير سبق ان رفع إلى ديوان الخدمة المدنية اسم الهبيدة لتولي وكالة قطاع الشركات.وفيما لم تذكر المصادر اسماء او رقما محددا لإعداد من جرى التوافق على استثنائهم من التقاعد، قالت المصادر: «من الواضح حتى الآن ان المدعج ماضٍ في تنفيذ توجهاته نحو تنفيذ قرار مجلس الخدمة المدنية ومجلس الوزراء في خصوص الإحالة إلى التقاعد، وان القائمة في هذا الخصوص ستطول غالبية من أمضى 30 عاما وما يزيد»، وأضافت «من غير المؤكد حتى الان وجود رقم دقيق لإعداد الدفعة الثانية من التقاعد لكن في الغالب ستركز على دائرة رؤساء الأقسام والمراقبين في التجارة، اما في ما يتعلق بالمديرين فان هناك انسجاما بين المسؤولين على ان 3 من أصل 7 مدراء تقريبا يمتلكون فرصا أوفر عن غيرهم للاستمرار على رأس عملهم، خصوصا وان وكلاءهم دفعوا خلال تشاورات مبدئية بينهم على ضرورة بقائهم، نظرا لتمتعهم بخبرة طويلة في اعمالهم ولأن لديهم قدرة على العطاء».ولفتت المصادر إلى ان السيناريو المتوقع تنفيذه حتى الآن، ان لجنة شؤون الموظفين ستقوم قريبا بالتنسيق مع مجلس الوكلاء لتقديم مقترح إلى المدعج بإحالة جميع من امضى 30 عاما وما يزيد بالخدمة إلى التقاعد، مع تضمين ملاحظتهم بتوصية تشمل استثناء بعض الموظفين من الإحالة إلى التقاعد.وبالطبع سيصطدم هذا التوجه بانتقادات واسعة من الموظفين خصوصا من الذين سيشملهم القرار، بذريعة ان المساواة في الظلم عدل، وانه كان يتعين إحالة جميع الموظفين الذين امضوا 30 عاما وما يزيد في الخدمة إلى التقاعد ما دام السبب الرئيس في ذلك هو تنفيذ قرار مجلس الخدمة المدنية ومجلس الوزراء.واذا كان من السابق لاوانه الخوض في مدى جدارة الأسماء التي يمكن ان تفلت من تحت يد المدعج وتخرج من قائمة المحالين إلى التقاعد، يسجل للمدعج اجراءاته في إحالة 27 موظفا في التجارة إلى التقاعد وتجهيزه لدفعة ثانية ليكون من اوائل الوزراء الذين فتحوا باب تقاعد الموظفين في وزاراتهم على مصراعيه دون محاذير، رغم انه درجت العادة في جميع الوزارات حتى في عهد اكثر من وزير متتال على إغلاقه تفاديا لاي ضغوط سياسية يمكن ان يتعرضوا لها بسبب هكذا قرار حساباته السياسية دقيقة.