شكّلت استعادة الحكومة اللبنانية حيوّيتها بعد «أزمة» آلية اتخاذ القرارات فيها ما يشبه تجديداً لـ «بوليصة التأمين» السياسية التي ترعى مرحلة الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية والتي لا توحي المؤشرات المحلية والاقليمية بقرب انتهائها، رغم الدينامية الداخلية التي تعبّر عن نفسها بحوارات جانبية تبدو على طريقة «الحرَكة بلا برَكة».وأتاحت عودة «الروح» الى الحكومة من خلال نجاحها في اختبار تعيين لجنة الرقابة على المصارف من فوق خطوط التجاذبات السياسية، تركيز الأنظار على مجموعة ملفات كبرى ستحضر في محطات عربية بدءاً من المؤتمر الاقتصادي العربي في شرم الشيخ الذي ألقى الرئيس تمام سلام امامه امس كلمة لبنان التي حدّدت مطالبه وحاجاته لجهة كيفية مواجهة أعباء ملف نحو 1.2 مليون نازح سوري يستضيفهم على أراضيه، وضرورة وفاء الدول المانحة بالتزاماتها على هذا الصعيد اضافة الى تأكيده الوقوف الى جانب مصر التي تعيد التوازن الى المنطقة، مشدداً على أهمية التضامن العربي لمواجهة التحديات.وسيشكّل ملف النازحين، الى جانب المطالبة بتوفير الدعم للجيش اللبناني في إطار محاربته الإرهاب، جانباً رئيسياً من المداولات التي ستشهدها القمة العربية المزمع عقدها في مصر في 28 الجاري، على ان يكون هذا الملف القضية الحصرية في مؤتمر الكويت للدول المانحة المخصص لمعالجة مشكلات اللاجئين في الدول المجاورة لسورية والذي يلتئم في 31 مارس.ويعوّل لبنان كثيراً على مؤتمر الكويت في إطار سعيه الى جرّ المجتمع الدولي للوفاء بتعهداته حيال النازحين السوريين الذين تكبّد الاقتصاد اللبناني جراء استضافتهم خسائر بنحو 7.5 مليار دولار بحسب ارقام البنك الدولي، فيما تتحدث بيروت عن أرقام تفوق 11 مليار دولار إذا جُمعت الخسائر التي طاولت كافة القطاعات.وسيترأس الرئيس سلام وفد لبنان الى مؤتمر الكويت على ان يرافقه وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، وسط تحضيرات بدأت لتحديد ما ستطلبه بيروت امام المؤتمر من اجل الحصول على المساعدات.وكشف الوزير درباس لـ «الراي» ان الكويت تمنّت على الرئيس سلام ان يحضر شخصياً مؤتمر المانحين رغم انه ينعقد على المستوى الوزاري، لافتاً الى وجود متابعة كويتيةوايضاً سعودية لإنجاح المؤتمر.وفي موازاة ذلك، برز كلام للسفير الاميركي ديفيد هيل بعد لقائه وزير الخارجية جبران باسيل اذ اكد «وجوب ان نكون يقظين اذ إن خطر تسرب الارهاب والتطرف من سورية الى لبنان لم ينته بعد»، موضحاً في الوقت نفسه «انه فيما يواجه التحديات الامنية، فإن لبنان لديه العديد من نقاط قوة، اذ ان الجيش والأجهزة الامنية لديهم النية والالتزام للدفاع عنه، وهم يقومون بهذه المهمة بكل شجاعة وحزم»، ومضيفاً: «لستم وحدكم ويمكنكم الاعتماد على الدعم القوي والمستمر من الولايات المتحدة ومن سواها من الدول لضمان تمكين لبنان من الحصول على الوسائل الدفاعية». وتابع: «قد تكون هناك اختلافات للمجتمع الدولي في مكان آخر في المنطقة، الا اننا موحدون في رغبتنا في مساعدة لبنان على عزل نفسه عن هذه الموجات والصراعات الخارجية، وان التصدي لهذه الموجات لن يكون بالأمر السهل، لكنني واثق من اننا معا يمكننا ان نضمن ان «داعش» لن يجد «جنة آمنة» له في لبنان».وسيشكّل دعم الجيش اللبناني محور الزيارة التي يقوم بها قائد الجيش العماد جان قهوجي للأردن غداً حيث سيلتقي العاهل الأردني الملك عبدا لله الثاني ويبحث موضوع تسليح المؤسسة العسكرية في ضوء الهبة التي تسلمها الجيش أخيراً من الأردن فيما بدأت الاستعدادات في بيروت لوصول الدفعة الاولى من الأسلحة الفرنسية الممولة من هبة الثلاث مليارات دولار السعودية لتسليج الجيش.وقد كشف وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان انه سيزور لبنان في النصف الثاني من ابريل المقبل، لمناسبة تسليم أوّل دفعة من السلاح الفرنسي للجيش، موضحاً ان هذه الأسلحة تشتمل على طوافات عسكرية وطرادات وصواريخ وأجهزة اتصال ومنظومات مدفعية ثقيلة وان تسليمها سيمتد إلى أكثر من ثلاث سنوات بسبب الحاجة إلى تصنيع هذه الأسلحة وتوفير الطواقم العسكرية اللبنانية المدربة لتشغيلها.واكد درباس ان السفير الاميركي في بيروت ديفيد هيل «أبلغ الينا أنّ الولايات المتحدة ستقدّم دعماً مالياً كبيراً للدولة اللبنانية خلال مؤتمر الكويت من دون ان يفصح عن حجم هذا الدعم الذي سيتم إعلانه خلال المؤتمر».