شكّلت الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري للقاهرة حيث التقى امس، الرئيس عبد الفتاح السيسي وشيخ الأزهر محمد أحمد الطيب، محطة بارزة في سياق استطلاع الواقع الاقليمي خصوصاً والجهود القائمة لمواجهة الارهاب، اضافة الى التداعيات المحتملة لأي تفاهم حول النووي الايراني او عدمه على المنطقة عموماً ومن ضمنها لبنان في ظل أزمته الرئاسية ومساعيه لحماية أمنه من اي اختراقات إرهابية على خلفية الصراع المستعر في سورية.وأعرب السيسي، عن تقديره لمواقف الحريري الداعمة لمصر في حربها ضد الإرهاب، ومساندته لحق مصر في الدفاع عن أمنها القومي، مشيرا إلى دعم مصر الكامل للبنان موحد قوي ومتقدم، يحظى فيه كل مواطن بحقوقه كاملة، بصرف النظر عن طائفته أو مذهبه، وإلى أن مصر تحرص على دعم هذا المنطق في لبنان والمنطقة بشكل عام.وأعرب السيسي عن اهتمام مصر بانتخاب رئيس الجمهورية في لبنان في أسرع وقت ممكن، مؤكدا أن حسم هذا الأمر سيصب في صالح استقرار لبنان وسيعزز التنسيق الجاري بين لبنان والدول العربية في تلك المرحلة المهمة من تاريخ المنطقة.وأكد السيسي أن مصر تساند الحل السياسي في سورية، وأن الأولوية القصوى تتمثل في الحفاظ على الدولة السورية ذاتها وليس الانحياز لأي طرف، كما شدد سيادته على أهمية الدعم العربي للمعارضة السورية المعتدلة.وعلى صعيد مكافحة الإرهاب، شدد السيسي على توافق الرؤى حول ضرورة التحرك سريعا لصياغة استراتيجية عربية لدحر الإرهاب والقضاء عليه، والعمل على وقف إمدادات المال والسلاح إلى جميع التنظيمات الإرهابية المتطرفة في المنطقة، والتي ارتكبت فظائع أساءت للمذهب السني وللدين الإسلامي بوجه عام.وأكد أن مصر تتشارك ذات الشواغل والقلق مع أشقائها العرب إزاء التدخلات في الشؤون الداخلية للدول العربية من قبل جميع الأطراف، وهو الأمر الذي يفرض ضرورة التكاتف عربيا وطرح الحلول العربية لمنع التدخلات الإقليمية في شؤوننا من قبل أي طرف.وأعلن الحريري انه نقل الى الرئيس المصري وقوفه «إلى جانب مصر في مواجهة قوى الضلال والتطرف»، وقال «إننا في هذا المجال في مركب واحد، نواجه عدواً للدين وللقيم وللحضارة العربية والإسلامية، ولا مجال في مثل هذه المواجهة للحياد، ونحن في صف الاعتدال العربي والإسلامي، أي في المكان الذي اختارته مصر وشعبها وقيادتها، بالتضامن مع كل الأشقاء في دول الاعتدال»، مضيفاً: «نرى، كما مصر، أن الاعتدال هو بمواجهة كل أنواع التطرف وليس نوعاً واحداً من التطرف. فالتطرف موجود، إن كان التطرف الإيراني أو التطرف الذي نراه في داعش والنصرة».وحين سئل الحريري: في ظل الحديث عن التمدد الإيراني في المنطقة، هل تطرقتم إلى هذا الأمر وسبل مواجهته؟ أجاب: «بالطبع تطرقنا إلى هذا الشأن وأكدنا أن لا شك في أن هناك أخطارا محيطة بالعالم العربي اليوم، ويجب وضع استراتيجية عربية لمواجهة كل هذه الأخطار لمصلحة العالم. وأقول بصراحة، في موضوع إيران لدينا ملاحظات، لكن هذا لا يعني أننا ضد إيران. نحن نريد أن تكون علاقاتنا بإيران لمصلحة لبنان ولمصلحة إيران معا، وليس لمصلحة إيران فقط».الى ذلك، ورغم طغيان الاهتمامات الأمنية على المشهد الداخلي اللبناني واستبعاد أي تحريك وشيك لأزمة الفراغ الرئاسي، يحمل الاسبوع الطالع بعض المحطات والمناسبات السياسية التي من شأنها ان تضيء على تطور المواقف الداخلية في مرحلة الانتظار الاقليمي المعقّد.ذلك ان قوى «14 آذار» تعدّ لإحياء الذكرى العاشرة لـ «ثورة الأرز» السبت المقبل عبر اجتماعات بعيدة من الأضواء تعقدها لجنة تحضيرية من هذه القوى برئاسة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، ويجري خلالها وضع ورقة سياسية ستُعلن في هذه المناسبة مع الإعلان ايضاً انشاء مجلس ذي طبيعة استشارية تمثيلية واسعة للأحزاب والقوى المنضوية ضمن التحالف، الى جانب المستقلين، يكون بمثابة «برلمان» خاص بها، تُحدَّد صلاحياته ومهماته من خلال السعي الى إعادة تفعيل روح الانطلاقة الأساسية لقوى «14 آذار».ومن المتوقع ان تنال الأزمة الرئاسية الى جانب مختلف القضايا الداخلية والإقليمية نصيباً بارزاً من الورقة السياسية مع تحديد موقف «14 آذار» من التعطيل المتمادي للانتخابات الرئاسية.كما يبدو ان الحوار التمهيدي الجاري بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» لإنجاز مسودّة «اعلان نيات» تتضمّن 17 بنداً بات على مشارف مرحلة بتّ هذه الورقة، اذ يرتقب ان يرسل رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ملاحظاته النهائية على المسودّة الى زعيم «التيار الحر» النائب العماد ميشال عون في الساعات القليلة المقبلة. وفي حال تَوافُق الفريقين على المسودّة النهائية، فان ذلك سينقل الحوار الجاري عبر أمين سر «تكتل التغيير والاصلاح» النائب ابرهيم كنعان ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم رياشي الى مرحلة ثانية تتطلب إعلان الورقة من جهة وعقْد لقاء مباشر بين عون وجعجع طال انتظاره من جهة أخرى.غير ان الأوساط المتتبعة للتحركات الداخلية، أعربت عن اعتقادها عبر «الراي» ان أيّ تطور حقيقي في شأن الأزمة الرئاسية لا يزال بعيد المنال في ظل اشتداد «حبس الأنفاس» في لبنان أسوة بكل دول المنطقة حيال ما يمكن ان تحمله التطورات الإقليمية والدولية ولا سيما منها المفاوضات الجارية لإنجاز الاتفاق النووي بين الدول الغربية وإيران، التي ستقرّر مصير الاتفاق في الاسبوعين المقبلين.
خارجيات
الحريري يدعو من القاهرة لمواجهة التطرف «أكان من داعش والنصرة أو... ايران»
السيسي: مهتمّون بانتخاب رئيس للبنان في أسرع وقت ممكن
السيسي مستقبلاً الحريري في القصر الرئاسي في القاهرة أمس(رويترز)
07:24 ص