تشكل الأخلاق الفردية والأخلاق الاجتماعية شيئاً متميزاً بين تعاليم ديننا، وكثير من الآيات والأحاديث وردت في أهمية البناء الخلقي، وذلك لأن الأمم والدول والمجتمعات لا تزدهر ولا تتقدم من غير الاستناد إلى قاعدة أخلاقية متينة، وهذا يؤدي إلى نهضة الحياة العامة وانضباط المجتمع واستقامته.على الرغم ما سبق إلا أن بعض المثقفين يمسك عن التحدث في أمور أخلاقية يراها ويعايشها بشكل شبه يومي بالمجتمع جراء ممارسات وسلوكيات خاطئة من بعض الأفراد، وهذه النظرة بعيدة جداً عن النظرة الإسلامية وبعيدة أيضاً عن النظرة السائدة في الثقافة الغربية، لا يختلف اثنان على ضرورة تنمية الجانب الروحي والخلقي في الحياة الشخصية والعامة، حتى نعيش ونتعايش بمجتمع منظم يقوم على العدل والمساواة.إن الطابع الحقيقي للتقدم الحضاري، ليس طابعاً عمرانياً تقنياً، وإنما هو في المقام الأول طابع روحي أخلاقي معنوي. ومعطيات الواقع تؤكد هذا، فقد فسدت بعض المجتمعات الإسلامية التي انتشر فيها أكل السحت والرشوة، واستشرت فيها الواسطة، إن هذا السلوك المخجل من بعض الأفراد يتم من خلال خرق القوانين واللوائح والنظم، واستغلال الفراغ الوظيفي وتعقيد الإجراءات وكثرة التفاصيل.إن نسيجنا الاجتماعي يتعرض اليوم لامتحان عسير بسبب الدفق الثقافي الهائل الذي يتوالى علينا من كل تجاه، وبسبب تغير الكثير من ظروف الحياة المعيشية، حيث بدأنا نفقد قيم الاحترام للكبير، والرحمة للصغير، والتلاحم والمساندة الأخوية للقريب والجار، كل هذه القيم تفقد الكثير من رصيدها في النفوس ومن تجسيداتها في الواقع. إن المبادئ والأخلاق والمثل كثيراً ما تتجسد في السلوك الاجتماعي للإنسان، وذلك مثل الصدق والصبر والأمانة والنزاهة والرحمة والإحسان والوفاء والتعاون.ختاما نقول...نعتقد أن تنمية الوازع الداخلي «الضمير» من خلال التربية، يساعد على تحسين سلوك الفرد في خلواته وفي سلوكه العام، كما أن على المجتمع ألا يوسع مساحات السلوكيات والممارسات اللا أخلاقية بتقبلها من دون تقويم، وألا يصدر المجتمع الأحكام الاحتياطية بما يتجاوز الحدود الشرعية، وأن يلتزم الإنسان بما أوجبه الله عليه على الصعيدين الفردي والجماعي، لأنها تشكل أساس العلاقة التي يجب أن تنشأ بالمجتمع المسلم، ولا ننسى اعتماد الحوار على أنه الأساس لتسوية التفاوت الثقافي بين الأجيال عوضاً عن السخرية والتهكم والتجاهل، ليكون مجتمعنا قائما على نظام أخلاقي وشأن اجتماعي يصعب خرقه أو تجاوزه من بعض الأفراد غير الأسوياء أخلاقيا.m.alwohib@gmail.commona_alwohaib@
مقالات
رأي قلمي
هي الحياة... !
01:48 ص