ضرورة ان يتولى الإعلام الديني مختصون في مجال الاعلام وان يكون خالصا إلى الدعوة إلى الله وتوحيد كلمة المجتمع لا أن يكون فئويا أو طائفيا أو له توجهات متطرفة عنيفة ويضر بالمجتمع.يمثل الإعلام الديني الهادف سلاحا لمحاربة الأفكار المتطرفة والغلو في الدين وتعزيز الوسطية في ظل غياب استراتيجية إعلامية متخصصة تتبناها الدولة بكافة مؤسساتها لمواجهة الفكر بالفكر في ظل تنامي ظاهرة الإرهاب والعنف في العالم أجمع.وشدد خبراء ومتخصصون على ضرورة ان ينطلق الاعلام الديني من منطلقات شرعية حيث لا سلطان لأي من السلطات الحاكمة على خط سيره ومنهجه مؤكدين أن سلطان الدولة قد يتشكل تبعا لهوى المسؤولين فتتدخل الأيديولوجيات في طروحات برامج الإعلام الديني.ودعوا إلى ضرورة ان ينطلق الإعلام الديني من علوم الدين الصحيح من دون الميل إلى أي ايديولوجية أو مذهب في ظل عصر العولمة الذي يشهده العالم حاليا والذي تحطمت معه كل الحواجز والحدود.مدير ادارة الاعلام الديني في وزارة الأوقاف صلاح أبا الخيل يرى أن الإعلام الديني بات يلعب دورا كبيرا في ثقافة المجتمعات عموما لا سيما في عصر العولمة الذي أزيلت فيه الحواجز والسدود وبات قرية صغيرة يصعب تجاهلها أو الهروب منها.وقال ان المجتمع الكويتي كغيره من المجتمعات يحتاج إلى إعلام قيمي هادف يتسم بالمهنية والجاذبية والحرفية ويدرك خطورة المرحلة ومتغيرات العصر على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.وأضاف «في ظل الأحداث التي تشهدها المنطقة في الوقت الراهن يكتسب الإعلام الديني أهمية كبيرة ومكانة تفرض على القائمين عليه والمعنيين به تقديم برامج وأنشطة تتلاءم مع هذه المتغيرات وتتناسب مع تلك المستجدات على الساحتين المحلية والعالمية».وتابع أبا الخيل«من هنا يجب علينا توحيد الجهود وتكثيف البرامج ومواكبة المتغيرات ببرامج تحصن الشباب من الانجراف وراء السموم التي قد يحملها الإعلام المخالف ومحاولة جذبه لقنواتنا الهادفة بطريقة تتسم بالجذب والتشويق والتطور دون إخلال بالقيم أو العادات التي تربينا عليها وعرفها المجتمع الكويتي».وزاد«أعتقد أن إدارة الإعلام الديني في وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من الإدارات التي تتوافر فيها كل هذه المقومات بشهادة المختصين والمتابعين على المستويين العربي والعالمي» مضيفا «غير أن ذلك لا يمنع من ترحيبنا بأي شراكة من شأنها النهوض بالوطن وتثبيت أركانه وتساهم في تعزيز الجوانب الدينية والثقافية لدى أفراده بالشكل الذي يتوافق مع تحديات العصر ويتواكب مع التغير السريع في الخارطة العالمية».وبدوره، قال رئيس قسم الثقافة في ادارة مساجد الأحمدي الدكتور عبدالله زامل العنزي ان الإعلام يلعب دوراً واضحاً في تشكيل الوعي والتكوين الثقافي والمجتمعي في حياة الشعوب ولاسيما في واقع المسلمين، فهو أداة التوجيه الأولى ومن هنا يكتسب مكانته، وأثره البالغ في التوجيه والإرشاد.وقال ان للإعلام الإسلامي جملة من الأهداف والغايات تغطي جميع مناحي الحياة،من أهمها أهداف عقائدية لتعليم العقيدة الصافية السليمة وترسيخها في نفوس الناس وكذلك رد الشبهات المثارة من قبل أعداء هذه الدعوة وحماية المجتمع من الشبهات.وأضاف العنزي «ان للإعلام الإسلامي أهدافا اجتماعية لتحقيق تماسك المجتمع وترابطه وترسيخ معاني الأخوة والمحبة وغرس روح التعاون على البر والتقوى وأيضا لدينا أهداف سياسية تهدف إلى التوجيه والإرشاد والنصح والمشورة وتوثيق العلاقة بين الحاكم والأمة على أساس من العدل والطاعة والالتزام مشيرا إلى وجود أهداف ترفيهية وهي تهدف إلى تحديد النشاط والعون على أداء الواجبات والقيام بالمسؤوليات على وجه صحيح».وتابع «من خلال نظرة ثاقبة على واقع الإعلام الديني والإسلامي نجد أن الإعلام يتميز بمجموعة من الإيجابيات لعل أبرزها الدور التوعوي الذي يهدف إلى توجيه الرأي العام إلى ما فيه صلاح الفرد والأمة وكذلك حماية الأصول الثابتة والقيم المجتمعية والدينية من الاختراق والاضمحلال والدور الرائد والمتميز لإذاعة القرآن الكريم الكويتية وهي عبارة عن قيم إسلامية أصيلة تقدم في ثوب وعظي وتعليمي شيق ترك مردوداً إيجابياً في حالات الناس».وأشار العنزي إلى ان من دور الإعلام الديني الحرص الواضح على سلامة اللحمة الاجتماعية والبنية الإنسانية والروابط القوية في المجتمع الكويتي.ونوه إلى ان هناك على الساحة جملة من السلبيات تشوب العمل الإسلامي في مجال الإعلام الإسلامي منها عدم الواقعية وهى تعني النزول إلى واقع الناس وتناول المشكلات الحقيقية التي يعيشها الناس بعيداً عن التنظير والمثالية المزعومة التي تنتاب أغلب الموضوعات التي يتناولها الإعلام.وأوصى بإنشاء مؤسسات إعلامية تدار بأيد دعوية متخصصة على مستوى عالٍ من التدريب و ينبغي أن تقوم وزارة الأوقاف بدور الرقابة الواعية على الموارد الإعلامية التي تنشر في الإعلام الإسلامي وتصميم برامج ذات جاذبية وذات قيمة شرعية التي تلامس واقع المشاهدين وتؤثر فيهم و تسليط الضوء بوضوح على الريادة الإسلامية ودورها في تكوين الشخصية المسلمة.وبين أن الإعلام الإسلامي هو الأصل بكونه ينبثق من الرسالة السماوية الخالدة وما عداه إعلام دخيل وموجه وقد يكون مأجوراً وربط حاضر الأمة بماضيها العظيم بأدوات حديثة وأساليب عرض مشوقة للماضي المشرق في حياة الأمة.وقال ان من التوصيات أيضا العمل على الاستفادة من التراث الفكري والتربوي لهذه الأمة الذي تناسيناه وأهملناه في كثير من الأحيان، فهي معالجات ذات خبرة ودراية تلامس الواقع وتجد حلولاً لكثير من المشكلات الحياتية المزمنة، فالرؤية تكون كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه «ربوا أولادكم لزمان غير زمانكم» فهنا لابُد للأدوات من أن تتغير وتلامس حال الناس وواقعهم، ولكن بثوابت الماضي وخبرة أهل الخبرة ووضع منهجية واضحة تنبثق من وسطية هذا الدين نستطيع من خلالها صد الشبهات الفكرية التي تثار حول ديننا صباح مساء بل وتكوين حوائط صد قوية لئلا تؤثر هذه الشبهات على الناس واهتمام الإعلام المسجدي بحاجة الجماهير التي تتردد على المساجد ومعاصرة قضاياه ومشكلاته الحالية.وختم العنزي قائلا«ان ديننا دين شامل يندرج تحته كل شيء» ما فرطنا في الكتاب من شيء «، ولا يندرج الدين تحت شيء ولا أي مسمى، ولا تؤثر فيه أي مؤسسة، فهو يضبط تحركات الناس ويضع الأسس والقواعد لحياتهم وهو المنهج القويم مبينا ومن هنا ينبغي أن يندرج الإعلام بكل منحنياته»السياسية والاجتماعية والاقتصادية والترفيهية«تحت مظلة الدين الواسعة ويخدم الإنسان، ومن الخطورة في مكان أن تجعل الدين يندرج تحت أي مظلة كانت، فتلوى الأدلة وفق ما تشتهيه الأغراض الإنسانية.ومن جهته، قال باحث الدكتوراه فى المجال الإعلامي في إدارة مساجد حولي محمد عبدالعزيز» يوم بعد يوم يتعاظم دور الاعلام في حياة الناس، حتى أصبح جزءا أصيلا من حياتهم يؤثر فيهم ويتأثرون بمعطياته في ظل ثورة المعلومات وثورة تكنولوجيا الاتصالات«.وأضاف ان الإعلام باتت له وظيفة كبيرة جدا أكثر من أي وقت مضى في التاريخ، وفي القلب منع الاعلام الديني، لأن الدين فيه كل حياتنا، ومن ثم يتعاظم دور الإعلام الديني في المجتمع بما يحتله من مساحة كبيرة من قاعدة الإعلام.ولفت عبدالعزيز إلى ان»الحديث عن الإعلام الديني في سلبياته وايجابياته يطول لما له من أوجه عدة ومهام جوهرية، يجب القيام بها في المجتمع خصوصا المجتمع الكويتي الذي يتسم بجبلته الإسلامية التي تحافظ على القيم والتقاليد والمبادئ الإسلامية السامية«.وقال ان الإعلام الديني يعرّف على أنه تلك الوسائل المتعددة التي تعمل في إطار تعريف الناس بحقائق دينهم وصحيح عقيدتهم وتصحيح المفاهيم الخاطئة والوصول بالمجتمع الى حيث السلام الفكري من خلال البرامج والفعاليات الدينية التي ينبري لها العلماء والمشايخ.وأوضح انه انطلاقا من كون الدين يشمل كل جوانب الحياة، فإن الإعلام الديني أيضا يجب أن يتناول كل مناحي الحياة فلا يفصل الدين عن الحياة بأي شكل من الأشكال، ومن ثم يضطلع الإعلام الديني بدور محوري في معالجة المثالب التي تطرأ على المجتمعات جراء محاولات التغريب أو آثار الاستعمار كما في غير بلد من بلداننا العربية كما يسهم في شيوع حالة من الأمن والاستقرار داخل جنبات المجتمع لافتا إلى ان الاعلام الديني ينبغي ان يكون له آثار ايجابية نحو تكريس علوم الدين الوسطي الصحيح والمنهج القويم حيث لا افراط ولا تفريط.وتابع عبدالعزيز» كما ينبغى أن ينطلق الاعلام الديني من منطلقات شرعية حيث لا سلطان لأي من السلطات الحاكمة على خط سيره ومنهجه، فلا يتحكم في أساليب الإعداد وانتماءات ضيوف البرامج، لأن سلطان الدولة قد يتشكل تبعا لهوى المسؤولين فتتدخل الأيديولوجيات في طروحات برامج الإعلام الديني، بيد أنه لو كان اعلاما حرا سينطلق من علوم الدين الصحيح من دون الميل إلى أي ايديولوجية أو مذهب «.وأضاف»لكي يؤدي الاعلام الديني هدفه لابد ان تكون وسائله المتعددة أكثر قوة وتشعبا في طرح قضايا متنوعة تمس كل مناحي حياة واهتمامات الناس من منظور شرعي ويجب ان تكون وسائل الاعلام الديني المتنوعة من فضائيات ومجلات متخصصة أو حتى برامج دينية أو صفحات داخل صحف، أو حتى برامج الاعلام الديني عبر وسائل التواصل الاجتماعي التى تطرحها الحكومة من خلال وزارة الأوقاف والمؤسسات الدينية مثل الأمانة العامة للأوقاف والهيئة الخيرية العالمية الإسلامية والجمعيات الخيرية، يجب ان تكون هذه الوسائل مجتمعة أكثر فاعلية في ايصال الخطاب الديني السديد «.وانتقد عبدالعزيز عدم تنويع الاعلام الديني أدواته للانسجام مع أكبر قدر ممكن من الجمهور المستهدف وتبقى الاشكالية كامنة في خلط منهجية الاعلام الديني بين أهداف سياسية وأخرى مذهبية أو أهداف حكومية تهدف إلى تمرير رسائل ما إلى المجتمع، ما يعد تفتيتا لعضد الاعلام الديني، في ظل عولمة لها جناح ايجابي يدني الناس من بعضهم، ويجعل من العالم غرفة صغيرة، فتصدر الفتوى الدينية في أقصى البلدان الإسلامية يعرفها القاصي والداني في كل بلدان العالم الاسلامي في لمح البصر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.و ختم ولتطوير أداء الاعلام الديني وزيادة اثاره الايجابية في المجتمع وأداء دوره المنوط به نحو تنمية أفراد المجتمع واحترام عقولهم وعقيدتهم لابد ان يتخلص من المثالب السالفة الذكر.من جهته،قال أستاذ علم النفس في جامعة الكويت الدكتور خضر البارون ان الاعلام له تأثير كبير على نفسية الإنسان والمجتمع وتوجيهاته ان الإنسان دائما يحب خصلة من الخصال وهي خصال الخير وذلك عندما يبث في الاعلام ويوجه فكثير من الناس ينقاد إلى هذا النوع من الإعلام والناس على نية حسنة وبالتالي كل ما يقال له خاصة في الجانب الديني يثق به وبعد ذلك يتبعه وهذا من لوازم الحياة.وتابع» الله سبحانه وتعالى فرض علينا ان نعبده لذلك أي كلمة في هذا المجال بلا شك ان لها صدى كبيرا على المجتمع ولها التأثير«.وأضاف» قد يستغل الإعلام الديني في بعض الأحيان بطريقة خاطئة بحيث يوجه توجيهات سلبية ومنها التطرف وبالتالي سيكون هناك انشقاق في المجتمع في بعض فئات معينة تستغل هذا التوجيه الديني والاعلام الديني في معارك لا يعرف نتائجها الا الله سبحانه وتعالى أو تستغل في حشد معين مثلا في حشد الفئات أو ضد مجموعة من المجموعات على أسس غير سليمة مثل الانتخابات أو ترشيح شخص معين أو لسيطرة على فئة من الفئات أو ما شابه ذلك«.ولفت البارون إلى ان التوجيه الإعلامي الصحيح هو الذي يخدم ترابط المجتمع وعبادة الله بالشكل الصحيح وبالطريقة السليمة التي يجب ان يتبع فيها ولا يضر بمجتمع أو إنسان أو في فئة من الفئات.وقال ان الاعلام الديني يجب ان يسعى إلى ترسيخ الوسطية بحيث يشمل كل شيء ويتبنى دعوة علمية وسليمة يطمئن لها الإنسان وتخاطب الآخرين بشكل ودي ليس فيه أي نوع من الغلو وهذا هو التوجه الصحيح.وتابع» الا ينتقل هذا التوجه أو الدعوة لطرف لأغراض معينة في المجتمع مثل التوجيه لشراء السلاح وغيرها فهذه كلها دعوات مرفوضة من قبل المجتمع وعلى الأقل ان يكون توجه الاعلام الديني توجها وسطيا يحاكي عقل الإنسان وقلبه لأنه دين خالص لله عزوجل ويلقى فيه سعادة الانسان «.وشدد البارون على ضرورة ان يسلم الإعلام الديني إلى مختصين في مجال الاعلام وان يكون خالصا إلى الدعوة إلى الله وتوحيد كلمة المجتمع لا أن يكون فئويا أو طائفيا أو له توجهات متطرفة عنيفة ويضر بالمجتمع.
محليات
متخصّصون: يجب وضع برامج تواكب العصر لتحصين الشباب من الانجراف وراء الإعلام المسموم
الإعلام الديني ... في مرمى العولمة
10:04 ص