لاقى النهج الجديد الذي اتبعته هيئة أسواق المال مع الجهات الخاضعة لرقابتها والذي يتمثل في إشراكها في اتخاذ القرار التنظيمي الخاص بقواعد إدارة محافظ العملاء لدى شركات الاستثمار، والتي انفردت «الراي» بنشرها أمس، استحسان الأوساط المالية بداية من المعنين في تلك الشركات المتخصصة في إدارة الأصول.وفي انطباع أوّلي، أشاد مسؤولو عدد من الشركات المرخص لها بالعديد من الإصلاحات الواردة في المسوّدة، لما تحويه من تطور بارز في آليات التعامل مع أموال العملاء لدى تلك الشركات، لافتين الى أن التركيز على جانب «السرية» وتحديد من يطلعون على معلومات العملاء وغيرها من البنود الإيجابية التي تضمنتها مسودة التعليمات، إذ وصفها البعض بانها «أشبه بسور الصين العظيم بين إدارات المرخص لهم وغرف التداول على الأسهم والاوراق المالية».وقالوا: «إن اهتمام الهيئة بالفصل التام بين محافظ العملاء والاموال التي تستثمرها الشركات في السوق لصالحها يمثل حرصاً واضحاً على تنظيم الدورة المالية لدى كل المرخص لهم خلال الفترة المقبلة، مع وجود أكثر للناظم الرقابي على سوق المال»، منوهين أن «نظم الرقابة الداخلية لدى الشركات بحاجة الى مزيد من الدقة، ما يستدعي تدخلاً لتوفير البيئة المناسبة القادرة على جذب رؤوس الأموال الى قطاع إدارة الأصول بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة».وقال مدير قطاع الصناديق في شركة استثمارية كبرى: «سبق ان نظمت هيئة أسواق المال عمل الصناديق وجعلتها تحت عيون الرقابة ما انعكس إيجاباً عليها، بغض النظرعن بعض الإشكاليات التي ترتبت على القواعد المنظمة لعمل القطاع، إلا أن المحافظ المالية الخاصة بعملاء شركات الاستثمار (المرخص لهم) كانت بحاجة الى صمام أمان مُحكم بمزيد من السرية مقارنة بما هو معمول به حالياً في السوق».وتضمنت المسودة التي وزعتها هيئة أسواق المال على بعض شركات الاستثمار قواعد جديدة لحفظ سريّة وخصوصية تعاملات محافظ العملاء، فضلاً عن التعامل المباشر مع الأنظمة الخاصة بتلقي وإعطاء أوامر البيع أو الشراء للأوراق المالية، ووضعت عدداً من المحددات والضوابط الخاصة بنظم الرقابة الداخلية لدى الشخص المرخص له.وقال مدير إدارة الأصول في شركة أخرى إن «هيئة الأسواق» ركزت من خلال القواعد المقترحة على الفصل التام ما بين محافظ الشركة ومحافظ العملاء، وكأنها تهتم بوضع كل ما يتعلق بحسابات العميل من عمليات شراء وبيع على الأسهم المدرجة في دائرة سرية يصب على إدارات الشركات نفسها اختراقها وإلا سيواجه القائمون على إدارة تلك الحسابات إجراءات عقابية مختلفة.وبحسب مصادر مسؤولة فإن هيئة أسواق المال كانت واضحة في تحديد صفات المكان الذي تُدار من خلاله أموال العملاء لدى شركات الاستثمار المرخص لها، إذ يتطلب أن يكون مزوداً بأدوات رقابة فعالة ( كاميرات مراقبة وما شابه ذلك)، مع مراعاة أن يكون دخول ذلك المكان مقتصراً على عدد محدد من الموظفين المعتمدين من الإدارة العليا، ويكونوا هم المخولون فقط بالتعامل على حسابات الشخص المرخص له والعملاء. ويجب أن يلتزم الشخص المرخص له باستصدار تفويض معتمد من بورصة الأوراق المالية للموظفين سالفي الذكر، سواء كان التعامل لصالح الشخص المرخص له أو لصالح العملاء.واوضحت المصادر أن بعض الشركات تخلط حالياً ما بين محافظها ومحافظ عملائها، إلا ان القواعد التي تسعى الهيئة الى تفعيلها عن قريب تدعو الى الفصل التام بين المحافظ الاستثمارية الخاصة بالشخص المرخص له، والمحافظ الاستثمارية المدارة من قبل الشخص المرخص له لصالح العملاء، والمحافظ الاستثمارية المدارة من قبل العملاء، منوهة الى أنه يتعين أن يتوافر لكل من المحافظ سالفة الذكر موظفون مختلفون، على ألا تكون هناك أي صورة من صور التداخل في العمل بين هؤلاء الموظفين.وقالت المصادر إن تنظيم قطاع إدارة محافظ العملاء سيحول دون استغلال تلك المحافظ لتصعيد أسهم أو تكسير أخرى، أو السيطرة على مجالس إدارات بعض الشركات، إذ سيصبح مالك الورقة المالية وحده المخوّل باستغلال الحقوق الناجمة عن الملكية، وأبسطها التصويت في الجمعيات العمومية.وحرصت الهيئة في مسودة القواعد التي يبدو انها ستأخذ حيزاً كبيراً من اهتمام الشركات التي تسملتها أخيراً على تحديد المتطلبات والمحددات التشغيلية للشخص المرخص له والمعني بإدارة المحفظة الاستثمارية، إذ نوهت الى أهمية الفصل التام ما بين ممتلكات الشركة وما يندرج تحت حساب العميل، الى جانب الفصل بين الصفقات التي تُنجز لكل طرف على حدة، بخلاف «الاحتفاظ بأموال العميل في حساب مصرفي لدى بنك محلي، على أن يكون هذا الحساب مستقلاً عن حسابات الشخص المرخص له، ويتعين إخطار العميل إذا كان ذلك البنك يعد من الأطراف ذات العلاقة بالشخص المرخص له».[#434330]