... «عشرة، ميّة، ألف مكمّلين». تحت هذا الشعار يحيي لبنان اليوم الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري، تتويجاً لعقد من الزمن غيّر الوجه «الجيو سياسي» للمنطقة.عشرة أعوام على ذاك «الاثنين الأسود» الذي أصاب بيروت في «قلبها» الذي «توقّف للحظات» عندما دوّى انفجار الـ 2 طن وأكثر، عند الواجهة البحرية لترتسم، حقيقةً مُرّة بدت أقسى من ان يصدّقها كثيرون حينها... مات الرئيس رفيق الحريري.عقْد على الجريمة التي حصدت الحريري ورفاقه الـ 19 وأدخلتْ لبنان في مرحلة من «الكوابيس» السياسية والأمنية التي سرعان ما تشابكتْ مع «أحلام الربيع» العربي حتى بدت وكأنّها «ضربة استباقية» له.عشرة أعوام على العملية الإرهابية التي أعطت إشارة مبكّرة الى «حرب» النفوذ التي استعرت في المنطقة «على المكشوف» في الأعوام الخمسة الأخيرة، والتي كانت «مقّدماتها» لاحت مع إسقاط نظام صدام حسين العام 2003 والمخاوف التي ارتسمت بعدها من وجود نية لتمدُّد «دومينو» حكم الأكثريات، فبدا 14 فبراير 2005 اللبناني، محاولة لوقف هذا «الدومينمو» عبر «زلزالٍ» فجّر بعد شهر من «افتعاله» اي? ?في? ?14? ?مارس، «?بركان الثورة?» ? في? ?وجه سورية التي? ?سرعان ما نفّذت «?انسحاباً? ?اضطرارياً?» ?من لبنان كان القرار? ?1559? ?أصدر? «?أمر العمليات?» ?الدولي? ?بحصوله?.? هو 14 فبراير الذي شكّل المحطة الثانية في «روزنامة» القتل على «الهوية السياسية» بعد محاولة «تفجير» النائب مروان حماده، قبل ان «تكرّ سبحة» الاغتيالات لـ 12 شخصية سياسية وإعلامية وأمنية وتسابق مسار قيام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وصولاً الى انطلاق المحاكمات الغيابية لخمسة متهَمين من «حزب الله»، وسط انقسام لبناني حول هوية «القاتل المتسلسل».وللذكرى العاشرة التي سيتم إحياؤها في مجمّع «البيال» رمزية خاصة تتأتى من توقيتها، فيما الشهادات امام المحكمة الدولية ترسم «المسرح السياسي» لجريمةٍ أدخلت لبنان في صراعٍ مكشوف على التوازنات بلغ مراتٍ درجة «الصِدام» بين فريقيْ 8 و 14 آذار، وجاء امتداداً لعملية «ترسيم النفوذ» الخشِنة في المنطقة بين المحاور، والتي «انفجرت» بالكامل مع الثورات العربية التي أطاحت بأنظمةٍ، الى ان «وقفت» عند النظام السوري الذي يتّهمه خصومه اللبنانيون، بأنه «شطب» الحريري في إطار تَقاطُع مصالح مباشر مع ايران، ليمنع إخراج نفوذه من لبنان، وتالياً تهديد مصيره داخل حدوده ونسْف مشروع التمدُّد الايراني حتى المتوسط، فاذا بالرئيس بشار الاسد اليوم يخوض «حرب بقاءٍ» على أرضه، جنباً الى جنب مع حليفه الايراني و«حزب الله».وتطلّ ذكرى الحريري اقليمياً على منطقة تقف على فوهة تحوّلات استراتيجية مع تسجيل ايران نقاطاً «ذهبية» في اليمن، وتقدُّمها في إدارة اللعبة في العراق ولبنان وسورية، واستعدادها لإبرام اتفاق حول ملفها النووي يخشى البعض ان يكرّسها، بفعل الأمر الواقع على الأرض و«استماتة» الادارة الاميركية لإنجاز هذا الاتفاق، قوة «متعددة الأذرع» في المنطقة.اما داخلياً فتحلّ على وقع الانتكاسة الأكبر لاتفاق الطائف الذي يُعتبر الحريري من أبرز «عرّابيه»، وذلك نتيجة الفراغ المتمادي في رئاسة الجمهورية، وما أفرزه من ارتدادات على صعيد عمل سائر مؤسسات النظام الذي دخل في «أزمة»، وصولاً الى تشابُك الاستحقاق الرئاسي بالكامل مع «بازل» التعقيدات في المنطقة «اللاهبة».والأهمّ ان 14 فبراير يأتي هذه السنة وسط حوار هو الاوّل من نوعه منذ سبعة اعوام، بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، انطلق اواخر ديسمبر ضمن اطار قرار خارجي كبير بـ «فكّ الاشتباك» بين الحالة اللبنانية، و«كرة النار» السورية - العراقية، التي يواجه لبنان «تشظياتها»، على شكل تفجيرات ارهابية وعمليات استهداف للجيش في الجرود المتاخمة للحدود السورية. وهو الحوار الذي يُعتبر استكمالاً لـ «ربْط النزاع» الذي أراده الرئيس سعد الحريري من خلال حكومة الرئيس تمام سلام، والتي مهّد الحريري لولادتها، بإعلان موافقته على «التعايش» مع «حزب الله»، على طاولة واحدة يوم انطلقت المحاكمات الغيابية في لاهاي، اي على قاعدة احتواء الاحتقان المذهبي، وتحييد الملفات الكبرى، وتحديداً سلاح «حزب الله»، وانخراطه في الحرب السورية والمحكمة الدولية.في 14 فبراير 2015 يكون اكتمل عقد من «الزمن اللبناني»، طبعته محطات بارزة لعلّ أهمها أحداث 7 مايو 2008 حين نفّذ «?حزب الله?» عملية عسكرية في بيروت وحاول اقتحام الجبل الدرزي، ?لتقفل هذه الصفحة ?على توقيع إتفاق الدوحة الذي أمّن «خريطة الخروج» من «خط النار» وإنتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية حصلت فيها «8 آذار» على «الثلث المعطّل»، الذي اعتُبر بمثابة اول «مدماك» في اطار «مثالثة» (سنية - شيعية - مسيحية)، تشكل عملياً ضرباً لمرتكزات اتفاق الطائف ومجمل التوازنات الداخلية والخارجية التي عبّر عنها.ولا يقلّ «انقلاب» يناير 2011 «الناعم»، أهمية عن حلقة 7 مايو 2008، بل اعتُبر «وجهه الآخر» وإن السياسي، اذ مع إسقاط حكومة الحريري، تلقّت قوى 14 آذار ضربة قويّة، وجدت معها نفسها للمرة الاولى منذ ولادتها خارج السلطة، وذلك بعدما فشل مسعى الـ «سين سين» (السعودية - سورية) حينها بإيجاد «بوليصة تأمين»، تساعد لبنان في الاحتواء السياسي لارتدادات جريمة اغتيال الحريري، والقرار الاتهامي الذي كان سيصدر في شأنها عن المحكمة الدولية، فكان ما اعتبرته 14 آذار انقلاباً سورياً - ايرانياً على المحور الاميركي - السعودي، من خلال «تطيير» حكومة الحريري.الا ان التطوّرات الدراماتيكية في المنطقة في العامين الأخيرين، حتّمت العودة الى «المساكنة الاضطرارية» بين أطراف الصراع في لبنان، في انعكاس لقرار اقليمي بتركه بمثابة «صندوق بريد» لتبادُل الرسائل الايجابية او اقله «المهادنة»، باعتبار ان المواجهة الكبرى الدائرة في الساحات الاستراتيجية الأخرى ستكون كفيلة بتحديد هوية... «الغالِبين».