لم تحرف عاصفة «يوهان»، التي جعلت لبنان مرتعاً للرياح العاتية والابيض المترامي، الأنظار عن الحماوة السياسية والأمنية في بلادٍ يتنازعها القلق والاطمئنان في آن واحد، فثمة أصوات قلقة من الواقع السياسي «السيئ» ترتفع في بيروت، لكنها تبدو مطمئنة الى ان لبنان لن يذهب نحو الاسوأ، على غرار ما هو حاصل في سورية والعراق واليمن وليبيا وسواها من «ملاعب النار» في المنطقة.وارتفاع القلق مردّه الى تمادي مظاهر «تعليق» الدولة ومؤسساتها رغم القرار الدولي - الاقليمي الكبير الذي يجعل من الاستقرار «خطاً احمر» يحول دون انضمام لبنان الى نادي «الدول الفاشلة» في المنطقة.فمع مرور عام على تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، التي رأت النور في 15 فبراير 2014، بدا لبنان وكأنه يصارع الفراغ الذي أطاح بانتخاب رئيس جديد للجمهورية منذ نحو 9 اشهر ويكاد ان يشلّ البرلمان ويجعل الحكومة أشبه بـ«مجلس بلدي» يعاني العجز والتعطيل.وتزامن مرور عام على تشكيل حكومة الـ 24 وزيراً التي ورثت صلاحيات رئيس الجمهورية مع انتكاسة فعلية مردها الى «آلية عملها» التي تجعلها رهينة حق الفيتو الذي يتمتع به كل وزير ومن شأنه تالياً تعريضها للتعطيل.هذا الواقع كاد ينفجر في آخر جلسة لمجلس الوزراء، اول من امس، مع استخدام الوزراء «فيتوات متبادلة» في اطار ما يشبه «النكايات» السياسية التي أغضبت الرئيس سلام، الذي «نفد صبره» فرفع الجلسة، ويتجه الى تعليق الدعوة لأي جلسة وزارية قبل التفاهم إما على تعديل آلية اتخاذ القرارات وإما على معاودة الالتزام بروحية التعاون.واوضحت اوساط وزارية لـ «الراي» ان صعوبة تعديل الآلية المعمول بها حالياً والتي تجعل الحكومة وكأنها 24 رئيساً للجمهورية، مردها الى ان كتلاً برلمانية تعارض هذا الاتجاه الذي من شأنه تحويل الفراغ في رئاسة الجمهورية امراً عادياً يمكن التكيّف معه بأقل مشكلات ممكنة.ورأت هذه الاوساط ان مناقشات تجري لاتخاذ القرارات بما يوائم بين تمكين الحكومة من القيام بواجباتها من دون اي ايحاءات بتطبيع كامل مع الفراغ الرئاسي.وفي موازاة ذلك، اتجهت الأنظار الى البقاع الشمالي حيث يتواصل تنفيذ الخطة الأمنية ولا سيما في مناطق موالية لـ «حزب الله» بحثاً عن مطلوبين بجرائم سلب وخطف على الفدية وقتل وتجارة مخدرات.ورغم فرار كبار رؤوس العصابات الى الأراضي السورية بعد فقدان الخطة الامنية «عنصر المباغتة»، فقد حرص وزير الداخلية نهاد المشنوق على مواكبة الخطة على الارض اذ زار بلدة بريتال امس، يرافقه قادة الاجهزة الامنية قبل ان يعلن من أبلح أن «الخطة الامنية هي لمنع كبار المرتكبين من العودة، والذي يعود سيدفع ثمن ما ارتكبه»، مشدداً على أن «العملية الأمنية مستمرّة».