لا صوت يعلو فوق صوت «يوهان»، العاصفة التي تضرب لبنان، حاملة معها رياحاً هوجاء وأمطاراً غزيرة وثلوجاً كثيفة، أزاحت الأنظار عن العناوين السياسية والأمنية التي تقاربها بيروت، على طريقة الانحناء امام العواصف الاقليمية التي تهبّ في أكثر من ساحة.ويعيش لبنان في ما يشبه «استراحة» ما قبل الإطلالتين المرتقبتين السبت والإثنين المقبلين، لكل من زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري في الذكرى العاشرة لاغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري، والامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله في ذكرى «الشهداء القادة المقاومين»، باعتبار ان هاتين الكلمتين سترسمان ملامح المرحلة المقبلة في غمرة التحولات الاقليمية اللاهبة.ورغم ان الحريري ونصر الله سيطلّان تحت سقف الحوار المستمرّ بين «المستقبل» و«حزب الله» والذي ستعقد جولته السادسة الاسبوع المقبل، فان كل المؤشرات تشي بأنّ هذا الحوار الرامي الى تبريد الساحة اللبنانية والنأي بها عن ارتدادات «كرة النار» السورية - العراقية خصوصاً، ما زال بعيداً عن تحقيق اي اختراق في ملف الانتخابات الرئاسية، رغم توقُّع رئيس البرلمان نبيه بري امس أن الحوار بين الطرفين سيتناول «إذا ما فرغ الطرفان من البند الأول (تخفيف الاحتقان المذهبي) موضوع رئاسة الجمهورية».ويُنتظر مع العودة المرتقبة للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من الفاتيكان ان تتبلور أكثر آفاق الاستحقاق الرئاسي، علماً ان السفير الايراني في بيروت محمد فتحعلي تمنى في الاحتفال الذي اقامته السفارة الايرانية في مجمع «البيال» إحياء للذكرى الـ36 للثورة الايرانية بحضور السفير السعودي علي عواض عسيري أن «نشهد في القريب العاجل انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية بتوافق جميع اللبنانيين ولا سيما القيادات المسيحية الكريمة».وفي موازاة ذلك، تتجه الأنظار الى الجلسة التي يعقدها مجلس الوزراء اليوم، وسط اتصالات مستمرة على خط تعديل آلية اتخاذ القرارات في الحكومة الرئاسية والتي باتت اسيرة «التوافق الاجماعي» الذي جعل كلاً من وزرائها الـ 24 بمثابة «رئيس جمهورية»، في موازاة مساعٍ للملمة الحساسية الطائفية التي خلّفتها المواقف المتشنجة التي برزت في طرابلس على خلفية محاولة إزالة شعار ديني من ساحة «النور» في طرابلس هو عبارة عن نصب يحمل كلمة «الله» وتحته عبارة «قلعة المسلمين طرابلس» اضافة الى رايات سود مكتوب عليها «لا اله الا الله» يفترض أنها تابعة لـ «حركة التوحيد الإسلامي»، وما تخلل ذلك من كلام للنائب خالد الضاهر (من كتلة الحريري) اساء الى الطائفة المسيحية، اذ دعا الى البدء بازالة نصب يسوع الملك عند مدخل كسروان وصور قديسين «يفتحون أيديهم» في جونية إذا أراد البعض ازالة رموز دينية عند السنّة.وكان الأبرز عصر امس، اعلان النائب الضاهر، رغم تراجعه عن تصريحاته بضغط كبير من الرئيس سعد الحريري ورئيس «كتلة المستقبل» فؤاد السنيورة، تعليق عضويته في الكتلة «وذلك منعاً لإحراجها مع تأكيد احترامي لكل الطوائف والمذاهب»، معلناً «اننا أصبحنا في نظر البعض نعتدي على الآخرين في حين نحن من اعتدي على رمزه الديني».وبدت خطوة الضاهر، الذي بدا كمَن «يُستقال»، في إطار قرار حاسم من الحريري برفض اي محاولة لافتعال مشكلة مع المسيحيين في لبنان والمس بثوابت تيار «المستقبل» لجهة حفظ العيش المشترك والاعتدال وهو ما سيؤكده رئيس «المستقبل» شخصياً في كلمته في ذكرى اغتيال والده.
خارجيات
النائب الضاهر «يُستقال» من كتلة «المستقبل»
الملفات السياسية في لبنان «تنحني» أمام عاصفة «يوهان»
05:38 ص