اكتملت التحضيرات الجارية للبدء في تنفيذ الخطة الأمنية التي طال الكلام عنها في منطقة البقاع الشمالي والتي يرجّح ان تكون الساعة الصفر لانطلاقتها صباح اليوم او صباح غد على الأبعد.وبات معلوماً ان هذه الخطة تتناول بالدرجة الأولى الجانب المتّصل بأمن بلدات منطقة البقاع الشمالي وقراه، اي من دون الجانب العسكري المتعلّق بالمواجهة مع التنظيمات الارهابية في جرود عرسال وبريتال ورأس بعلبك، مع ان الخطة لحظت على ما يبدو أوجه التواصل والتنسيق المحتملة بين هذين الجانبين لجهة تنسيق الإمرة العسكرية والأمنية في منطقةٍ مترامية جغرافياً وتتوزّع فيها قطعات عسكرية وأمنية عبر توزيعٍ متداخل يحتاج الى الكثير من الدقة. واختار الجيش اللبناني 1000 عسكري لهذه الخطة في مقابل 500 عنصر من قوى الامن الداخلي و500 عنصر ايضاً من الأمن العام، اي ان ما مجموعه 2000 عسكري وأمني سينخرطون في تنفيذ الخطة الأمنية.ويبدو واضحاً ان توقيت انطلاق الخطة لا ينفصل عن المناخ الذي أحدثه الحوار الجاري بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، حتى ان بعض الأوساط السياسية المطّلعة في بيروت تؤكد ان انطلاق تنفيذ الخطة في الساعات المقبلة يبدو متعمّداً لانه سيعمّم أجواء ارتياح، وخصوصاً في الشارع السني، الذي غالباً ما يشكو من ان الخطط الأمنية لا تتوغل الى مناطق نفوذ «حزب الله»، وهو ما سيعطي الحوار الجاري بين تيار «المستقبل» والحزب صدقيةً أكبر.وتوضح الأوساط نفسها ان هذه الخطة تسبق أيضاً إحياء الذكرى العاشرة لاغتيال رئيس الوزراء السابق، رفيق الحريري، السبت المقبل، والتي ستشهد إلقاء كلمة للرئيس سعد الحريري في مجمع «البيال» في وسط بيروت، ما يعني ان تنفيذ الخطة قبل الخطاب سيساعد الى درجة كبيرة في تليين النبرة السياسية لقيادة تيار «المستقبل» في هذه المناسبة، ولو ان من غير الوارد ان تتراجع هذه القيادة عن التذكير بالعناوين الخلافية الكبيرة مع «حزب الله».وفي هذا السياق، لم تجزم الأوساط السياسية نفسها بأي تأكيد او نفي لإمكان ان يعود الرئيس سعد الحريري الى بيروت للمشاركة شخصياً في احتفال «البيال» كما تردد في بعض وسائل الاعلام في الأيام الأخيرة، ولفتت الى انه في حال كانت هذه العودة محتمَلة فإن أي معلومات دقيقة عنها لن تتسرّب مسبقاً. علماً ان هذه الأوساط بدت مشككة في هذا الاحتمال.وذكرت الأوساط نفسها ان ثمة اجتماعات تُعقد منذ يومين في الرياض بين الحريري وعدد من مستشاريه والقريبين منه لإنجاز الخطوط العريضة للمواقف التي سيعلنها في الذكرى العاشرة لاغتيال والده. ويبدو واضحاً من مسار التحضيرات الجارية للذكرى أنها تنطوي على أهمية خاصة هذه السنة نظراً الى التقدم الملموس الحاصل في أعمال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان من جهة والقضايا الداخلية والاقليمية الموازية التي لا بد ان يتناولها الحريري في خطابه في ظلّ الجولات الخمس من الحوار التي انعقدت حتى الآن بين تيار «المستقبل» و«حزب الله».وفي غضون ذلك، أكدت مصادر نيابية في كتلة «المستقبل» لـ «الراي» ان الرئيس الحريري ومعه الرئيس فؤاد السنيورة وغالبية نواب الكتلة، أرغموا النائب خالد الضاهر على التراجع عن تصريحاته التي أطلقها قبل يومين المسيئة الى الطائفة المسيحية، عقب مشكلة محاولة إزالة شعار ديني من ساحة «النور» في طرابلس هو عبارة عن نصب يحمل كلمة «الله» وتحته عبارة «قلعة المسلمين طرابلس» اضافة الى رايات سود مكتوب عليها «لا اله الا الله» يفترض أنها تابعة لـ «حركة التوحيد الإسلامي».وبالفعل، وعلى وقع ملامح حساسية مسيحية - اسلامية استثارها كلام الضاهر، تراجع الأخير بشكل ضمني عن تصريحاته التي كان دعا عبرها الى البدء بازالة نصب يسوع الملك عند مدخل كسروان وصور قديسين «يفتحون أيديهم» في جونية، معتبراً ان تصريحاته اجتزئت ولم يكن يقصد الدعوة الى إزالة رموز دينية عند المسيحيين بل الاعتراض على ازالة رموز دينية عند المسلمين.ولكن المصادر النيابية في كتلة «المستقبل» لفتت الى ان الأمر اتخذ بُعداً سلبياً للغاية، وان نواب الكتلة المسيحيين تحرّكوا لدى الرئيسين الحريري والسنيورة دافعين نحو إعلان الكتلة فصل الضاهر عنها نهائياً، ولكن الأمر انتهى بعدما شدد الحريري والسنيورة على رفضهما موقف الضاهر رفضاً تاماً وإجباره على الاعتذار والتراجع بالطريقة الفضلى وبأسرع وقت وهذا ما حصل. علماً ان كلام الضاهر، كان أطلق في معرض رفضه «أن يكون التعدي على أهل السنّة بهذا الشكل الواضح والفاضح لانها إهانة لن نرضى فيها أبدا»، موقفاً عنيفاً برسم وزير الداخلية نهاد المشنوق اذ اكد انه «إذا كان وزير الداخلية له علاقة بهذا الموضوع سيكون لدينا والله العظيم موقف كبير جداً».وكان الأبرز امس، صدور بيان عن نائب رئيس كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني، اعلن فيه ان كلام الضاهر مرفوض وفق كل المعايير»، معتبراً أن«محاولة الاستلحاق التي قام بها لتخفيف وقع كلامه الطائفي البغيض، لا تعتبر كافية لإزالة الاضرار التي تسبب بها كلامه في ساحة طرابلس، سواء عن قصد ام غير قصد، وبصرف النظر عن التفسيرات غير المقنعة التي تقدم بها الضاهر في اليوم التالي»، ومشدداً على ان«الكلام الذي تفوّه به الضاهر لا يمثل في اي حال فكر وتوجهات وروحية تيار (المستقبل) ولا فكر جمهور الرئيس رفيق الحريري، فكر الانفتاح والاعتدال والتواصل مع الجميع».