أن تقرأ كلام ربك كل يوم يعني أن تمعن النظر فيه وتتأمله وتتفكر به، كأن يقول الله عز وجل في كتابه الكريم «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجُنُب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً»، فما أكثر ما تحمله هذه الآية من الدلالات والمعاني، منها الدلالة الواضحة على ضرورة وجود علاقات وروابط إنسانية بين البشر، إن استئجارك لعامل يخدمك في المنزل...والعلاقة التي تربطك بجارك أو صاحبك...وقوة الرابطة بينك وبين أحد إخوتك أو أقربائك...لابد أن تدور حول مفهوم الإحسان الذي أُمِرنا به في الآية السابقة، والإحسان كما عرفه ووضحه نبي الأمة محمد - صلى الله عيله وسلم - هو أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، إن هذه القاعدة بالمفهوم العملي تعني محاولتنا لفعل ما يحبه منا والدانا من دون أن يطلبا ذلك، وتلمسنا لحاجات الجار من دون التسبب له بالإحراج، إنها تُصوِر لنا مشهد الدفاع عن الصديق إن آذاه الناس بعرضه وأخلاقياته، وتتمثل برحمة الخادم واستشعار غربته وشوقه لبلاده وأهله.إن من صور الإحسان حرصنا على معرفة ما يحب منا الطرف الآخر في العلاقة وما يكره من سلوكيات تعاملنا معه، وهذه الخطوة لا تكون في مقتبل وبداية العلاقة، وإنما تأتي عندما نتأكد من صلاحية الآخر لنا وصلاحيتنا له، حسب القيم التي نؤمن بوجودها في الصديق، تلك الخطوة تحدد لنا طريقة التواصل مع هذا الشخص حسب ما يحب ونحب، فمن الممكن أن تحب كثرة الشكر والثناء على أفعالك وعلى الجانب الآخر يفضل كثرة السؤال عن الأحوال وتفقدها، أو أن تكره منه مقارنتك بغيرك ويمقت هو عدم الوفاء بالوعد...إلخ.إن الله تعالى لم يأمر بالإحسان إلا لما له من آثار وتبعات إيجابية وبنّاءة، فلك أن تتفكر كيف ستكون الاجتماعات العائلية الأسبوعية لو عذر كل واحد منا ابن عمه عندما تغيّب عن الحضور في الأسابيع الماضية؟، ولك أن تتخيل وضع الحي (الفريج) لو تعاون واعتنى أهله بنظافته وجماله؟ وإن تداوروا الطعام بينهم؟، ولك أن تتأمل الصداقة إن اكترث كلا الطرفين بمحبوبات الآخر واهتم بها؟، أن تُحسِن مع الناس يعني أن تكون نظيف القلب مرتاح البال محققا لأعلى مراتب الدين.jasmine_m_alj @