يعتبر المجتمع إطاراً للعيش المشترك وفق مفاهيم وأعراف وفي سياق عادات وتقاليد محددة، يدفع دائما باتجاه الحفاظ على وجوده من خلال تضييق نطاق الانحراف عن المعايير الاجتماعية المعترف بها، لذا يستخدم المجتمع الكثير من الأساليب والوسائل، من أهمها العرف والعادات والتقاليد والتنشئة الاجتماعية والضمير الجمعي والقانون، وكل ذلك يتصل بعقيدة المجتمع ونظرته إلى الحياة ومسؤولياته فيها.وإن أردنا ضبط المجتمع وفق ما سبق فعلينا بالوسيلة الأكثر نعومة والأكثر أماناً في ضبط الفرد، وهي التربية على القيم والمبادئ التي يؤمن بها المجتمع، وهذه الوسيلة تجعل الفرد مدافعا عن المجتمع عوضاً عن أن يكون متمرداً عليه. وتجعل الفرد يتحمل القيود والمشكلات التي يفرزها العيش في جماعة ومجتمع واحد.إن المربي حين يقوم بتربية الصغار يواجه مشكلة شائكة ومعقدة هي دمج من يربيهم في الحياة الاجتماعية دون أن يؤذي طبائعهم وخصائصهم الفردية، وهذا يعني أن باستطاعة المجتمع أن يسيطر على أفراده بقوة القانون والعرف وتقديس العادات والتقاليد، ولكن في المقابل عليه أن يدرك أن الضغط المبالغ فيه على الأفراد لن يكون مؤشراً على النجاح في ضبط المجتمع، فالتجربة الحضارية تعلمنا أن كل شيء ينمو تحت الضغط ينال حظه من التشويه، كما أن الضغط المبالغ فيه يحوّل الناس إلى منافقين، ويطمس إمكانية التجديد والإبداع.إن الضبط الاجتماعي أو التجديد الاجتماعي لا يعني تقليدنا للآخر، كما لا يعني التخفف من القيود الأخلاقية، ولكن يعني تفهم حاجات الجيل الجديدة ومنحه المزيد من الحرية مع تكثيف التواصل معه ومساعدته على مواجهة أعباء الحياة، والبحث عن المغزى والقيمة والفائدة في كل علاقاتنا ومواقفنا الاجتماعية وتقليل الاهتمام بالشكليات والمظاهر. إن المجتمع يعطينا على مقدار ما نعطيه، فنحن للمجتمع ومجتمعنا لنا.m.alwohib@gmail.commona_alwohaib@