الماء هو أصل الوجود.. وبدونه لا تستمر الحياة.. فقد جعله الله تعالى قوام الحياة لكل الكائنات في الأرض، فلا يعيش بدونه إنسان ولا حيوان ولا نبات، قال الله تعالى: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) الأنبياء/30.ولقد حث الإسلام على الحفاظ على الماء وحسن استغلاله، وحرَّم هدره وإفساده والتفريط فيه، لأنه نعمة كبرى تتوقف الحياة عليه في كل صورها وأشكالها.وهذه النعمة العظيمة إن حافظنا عليها حسب التوجيهات الدينية الكريمة دامت وسعدنا بها، كما أنها تزول وتفقد بهدرها والإسراف في استعمالها، لقوله تعالى: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) إبراهيم/7.ولمن يقرأ القرآن الكريم ويتدبره يجد أنه ورد فيه ذكر لأنواع الماء ولكل نوع منها طبيعة خاصة، ومن هذه الأنواع ما هو نعمة ومتاع، ومنها ما هو نقمة وهلاك.. وهذا ما سنوضحه بشيء من التفصيل في «الجرافيك» المنشور..الماء هو النعمة الكبرى والمنة العظمى التي أنعم الله بها على بني البشر به أقام حياتهم وقسم أرزاقهم ومنه خلقهم،كما جعل الله الماء احد انواع النعيم لأهل الجنة حيث يقول تعالى:«مثل الجنة التي وعد المتقون فيها انهار من ماء غير أسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وانهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى»،كذلك جعل سبحانه وتعالى الماء أحد انواع العذاب في النار لأهل معصيته حيث يقول تعالى «وسقوا ماء حميما فقطع امعاءهم».وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن منع الماء حتى لا يؤدي هذا المنع إلى الإضرار بأي كائن حي كما جعل الرسول صلى الله عليه وسلم صدقة الماء من موجبات الجنة.فقد جاء رجل إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أخبرني بعمل يدخلني الجنة قال قل العدل وقدم الفضل قال:أرأيت إن لم أفعل؟ قال: هل لك إبل؟ قال: نعم.. قال انظر بعيرا من إبلك وسقاء يسقى عليه الماء,وانظر أهل بيت لا يجدون الماء إلا غبا, فلعله أن لا ينفق بعيرك, ولا ينخرق سقاؤك حتى تجب لك الجنة «كما دعت السنة النبوية إلى حماية الماء والحفاظ علية وعدم الإسراف فيه, فعن ابن عمر قال.»رأى رسول الله صلى الله علية وسلم رجلا يتوضأ فقال: لا تسرف,لا تسرف«،وعن عبدالله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسعد وهو يتوضأ, فقال»ما هذا السرف قال أفي الوضوء إسراف؟ قال:نعم وإن كنت على نهر جار«يقول الدكتور صبحي رمضان فرج سعد عضو هيئة التدريس بكلية الآداب - جامعة المنوفية – جمهورية مصر العربية،في بحث بعنوان»رؤية اعجازية«نشرته موسوعة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة:الماء سابق في وجوده على جميع الخلائق، فقد أثبتت دراسات علوم الأرض أن هذا الكوكب يرجع عمره إلى أكثر من 46 بليون سنة مضت، بينما يرجع عمر أقدم أثر للحياة في صخور الأرض إلى 38 بليون سنة ، وهذا يعني أن عملية إعداد الأرض لاستقبال الحياة استغرقت أكثر من ثمانمئة مليون سنة والدليل الشرعيّ الذي استند إليه العلماء في أن أصل العالم، هو الماء وهو أول المخلوقات، خبرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق الذي رواه ابن حبان وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال»كلُّ شيء خلقَ من الماء«، ولفظ ابن حبان أن أبا هريرة قال قلت يا رسول الله إني إذا رأيتُك طابت نفسي وقرَّت عيني فأنبئني عن كل شيء، قال»إن اللهَ تعالى خلقَ كلّ شيء من الماء«، وفي لفظ»كل شيء خلق من الماء«، وروى السديُّ بأسانيد متعددة عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال»إنَّ الله لم يخلق شيئًا مما خلقَ قبل الماء«فيتبين بذلك أن الماءَ هو أصل جميع المخلوقات وهو أول الخلق، فمن الماء خلق اللهُ العالمَ قال تعالى»وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ«(الأنبياء 30) يقول ابن كثير في تفسيره» أي أصل كل الأحياء منه، وفي تفسير القرطبي لقوله تعالى «وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ» ثلاث تأويلات أحدها أنه خلق كل شيء من الماء ؛ قاله قتادة الثاني حفظ حياة كل شيء بالماء الثالث وجعلنا من ماء الصلب كل شيء حي ؛ قاله قطرب وجعلنا بمعنى خلقنا، وفي تفسير البغوي «وقوله»وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ«أي وأحيينا بالماء الذي ننزله من السماء كل شيء كما حدثنا ابن عبد الأعلى قال حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة»وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ«قال كل شيء حي خلق من الماء فإن قال قائل وكيف خص كل شيء حي بأنه جعل من الماء دون سائر الأشياء غيره، فقد علمت أنه يحيا بالماء الزروع والنبات والأشجار، وغير ذلك مما لا حياة له، ولا يقال له حي ولا ميت ؟ قيل لأنه لا شيء من ذلك إلا وله حياة وموت، وإن خالف معناه في ذلك معنى ذوات الأرواح في أنه لا أرواح فيهن وأن في ذوات الأرواح أرواحا، فلذلك قيل»وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ«.وتتوزع المياه على سطح الأرض بواقع مساحة تشكل حوالي 71%- في مقابل 29% لليابسة- وتبلغ إجمالي إمدادات المياه في العالم حوالي 1386مليون كيلومتر مكعب (3325 ميل مكعب) من الماء، منها أكثر من 96%عبارة عن ماء مالح (محيطات- بحار- بحيرات مالحة)وفيما يتعلق بالماء العذب، فإن منه ما يزيد على 96% محجوز بالأنهار والكتل الجليدية و30% موجود بالأرض أما مصادر الماء العذب المتمثلة في الأنهار والبحيرات فهي تشكل حوالي 93100 كيلومتر مكعب(22300ميل مكعب)، أي حوالي 1/150 من 1% من إجمالي الماء ويتباين التوزيع الجغرافي للماء على سطح الأرض، وتصف دورة المياه Water Cycle وجود وحركة المياه على الأرض وداخلها وفوقه وتتحرك مياه الأرض دائما، وتتغير أشكالها باستمرار، من سائل إلى بخار، ثم إلى جليد، ومرة أخرى إلى سائل ولقد ظلت دورة الماء تعمل مليارات السنين، وتعتمد عليها كل الكائنات الحية التي تعيش على الأرض، فمن دونها تصبح الأرض مكاناً طارداً تتعذر فيه الحياةوقال تعالى أيضاً«وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»(النور 45) جاء في تفسير ابن كثير»يذكر تعالى قدرته التامة وسلطانه العظيم في خلقه أنواع المخلوقات، على اختلاف أشكالها وألوانها وحركاتها وسكناتها من ماء واحدوفي تفسير الجلالين { والله خلق كل دابة } أي حيوان { من ماءٍ } نطفة وفي تفسير الطبريوَقَوْله { خَلَقَ كُلّ دَابَّة مِنْ مَاء } يَعْنِي مِنْ نُطْفَة «وفي تفسير القرطبي»الدابة كل ما دب على وجه الأرض من الحيوان؛ يقال: دب يدب فهو داب؛ والهاء للمبالغة. { من ماء} لم يدخل في هذا الجن والملائكة؛ لأنا لم نشاهدهم، ولم يثبت أنهم خلقوا من ماء، بل في الصحيح (إن الملائكة خلقوا من نور والجن من نار). وقد تقدم. وقال المفسرون { من ماء} أي من نطفة. قال النقاش: أراد أمنية الذكور. وقال جمهور النظرة: أراد أن خلقة كل حيوان فيها ماء كما خلق آدم من الماء والطين؛ وعلى هذا يتخرج قول النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ الذي سأله في غزاة بدر: ممن أنتما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نحن من ماء). الحديث.وقال قوم: لا يستثني الجن والملائكة، بل كل حيوان خلق من الماء؛ وخلق النار من الماء، وخلق الريح من الماء؛ إذ أول ما خلق الله تعالى من العالم الماء، ثم خلق منه كل شيء» وفي خواطر الشيخ محمد متولي الشعراوي وكل شيء يضخم قابل لأنْ يُصغَّر، وقد يُضخَّم تضخيماً لدرجة أنك لا تستطيع أن تدرك كُنْهه، وقد يَصْغُر تصغيراً حتى لا تكاد تراه، وتحتاج في رؤيته إلى مُكبِّر، ومن عجائب الخَلْق أن النملة أو الناموسة فيها كل أجهزة الحياة ومُقوِّماتها، وفيها حياة كحياة الفيل الضخم، ومن عظمة الخالق سبحانه أن يخلق الشيء الضخم الذي يفوق الإدراك لضخامته، ويخلق الشيء الضئيل الذي يفوق الإدراك لضآلته ولما كان الماء هو الأصل في خِلْقة كل شيء حيٍّ وجدنا العلماء يقتلون حتى الميكروب الصغير الدقيق بأنْ يحجبوا عنه المائية فيموت، ومن ذلك مداواة الجروح بالعسل؛ لأنه يمتص المائية أو يحجبها، فلا يجد الميكروب وسطاً مائياً يعيش فيه.
متفرقات - إسلاميات
هو أصل الحياة وذكر القرآن الكريم منه 23 نوعاً ... لكل واحد طبيعته الخاصة
المــاء... سابق في وجوده على جميع الخلائق ومنه خلق الله كل دابة
تصميم: محمود جلال
04:45 ص