عنوانان سيتقاسمان الزيارة التي بدأها لبيروت أمس رئيس دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو، أوّلهما الواقع المستجدّ في ضوء اعلان الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله انتهاء العمل بـ «قواعد الاشتباك» التي كانت تحكم الصراع مع اسرائيل وتداعيات ذلك على القرار 1701 الذي أنهى العمليات العسكرية في أعقاب حرب يوليو 2006، وثانيهما الملف القديم - الجديد المتمثل بانتخابات رئاسة الجمهورية التي تدور منذ سبعة أشهر ونيّف في «حلقة مفرغة».ويأتي اهتمام باريس بكلام نصر الله ليعكس القلق الدولي الكبير حيال نقطتين: الاولى آفاق الوضع على الحدود اللبنانية - الاسرائيلية ولا سيما في ضوء اعلان نصرالله وحدة الساحات امتداداً الى الجولان، والثاني مصير قوة «اليونيفيل» العاملة في الجنوب والتي تضمّ في صفوفها عناصر من بلدان غربية عدة أبرزها فرنسا، والتي قُتل احد عناصرها من الوحدة الاسبانية خلال الرد الاسرائيلي المدفعي على مناطق جنوبية في أعقاب عملية «حزب الله» في مزارع شبعا المحتلة، وسط مخاوف من ان يتحوّل الوضع في الجنوب الى ما يشبه بالوضع في غزة.ورغم الانطباع بان عودة جيرو الى بيروت لا بد ان تكون نتيجة «شيء ما» حققه من خلال الاتصالات والزيارات التي أجراها على خط السعودية - ايران في ملفّ الانتخابات الرئاسية، فان الشكوك حيال امكان إحداث اختراق على هذا الصعيد ما زالت على حالها، وربما أصبح انتخاب رئيس جديد للبنان أكثر تعقيداً في ضوء تداعيات عمليتيْ القنيطرة ومزارع شبعا وملامح التشدد الايراني على أبواب مرحلة مفصلية في قضية المفاوضات حول النووي، والتي تترافق مع توتر غير مسبوق في علاقة الرئيس الاميركي باراك اوباما ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، فضلاً عن انتظار سلوك الرياض حيال قضايا المنطقة بعد التغييرات في القيادة السعودية.وثمة مَن يرى أن جيرو سيحاول في بيروت «البناء» على الحوار المسيحي - المسيحي الجاري بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» والذي سيفضي الى لقاء بين العماد ميشال عون والدكتور سمير جعجع في إطار بحثه عن مخارج للمأزق الرئاسي ولا سيما في ضوء «إحالته» من طهران على نتائج هذا الحوار بين القطبيْن المارونييْن الخصميْن المرشحين للرئاسة، اضافة الى ما يوفّره حوار «حزب الله» - «تيار المستقبل» من أرضية تعكس استمرار «المهادنة» الايرانية - السعودية في لبنان.على ان حوار «المستقبل» - «حزب الله» يبدو عشية الجولة الخامسة منه التي تُعقد اليوم في مقر رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة وكأنه دخل في «مخاض»، بعد «الارتجاجات» التي تعرّض لها نتيجة عملية «حزب الله» في مزارع شبعا وخطاب نصر الله، وما رافقه من إطلاق رصاص وقذائف صاروخية وصولاً الى إطلاق قياديين في «المستقبل» ولا سيما رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة كلاماً حاداً وعالي النبرة انتقد فيه كلام الامين العام لـ «حزب الله».وبات مسلّماً به ان ممثلي «المستقبل» في الحوار الذي يرفع شعار البحث عن آليات تخفيف الاحتقان السني - الشيعي سيثيرون كل ما رافق عملية شبعا وخطاب السيد نصر الله من دون ان يعني ذلك في أي حال «تغيير فاصلة» في ما قاله الامين العام لـ «حزب الله»، وسط اتجاه المتحاورين في حوارهم «الصعب» كما وصفه وزير الداخلية نهاد المشنوق الى «القفز» فوق الاختلافات «الاستراتيجية» من خلال الاندفاع الى تزخيم قضية إزالة الشعارات والأعلام والصور الحزبية التي ستنطلق هذا الاسبوع وتشمل بيروت وصيدا وطرابلس والطريق الساحلية ومناطق أخرى من دون الضاحية الجنوبية، باعتبار انها غير مشمولة بالخطة الامنية، وتشكل جزءاً من الاستراتيجية الدفاعية، علماً ان رئيس البرلمان نبيه بري أكد انه «خلال هذا الأسبوع سيشهد اللبنانيون بيروتَ نظيفةً من كلّ الصوَر والشعارات الحزبية لحركة «أمل» و«حزب الله» و«تيارالمستقبل».وفي هذا السياق، بدأ قرار إزالة الصور ولا سيما من بيروت عشية الذكرى العاشرة لاغتيال الرئيس رفيق الحريري يثير علامات استفهام ولو همساً بين مؤيدي 14 آذار، باعتبار ان القرار سيشمل صور الحريري، وان هذه الخطوة تشكل «بدلاً عن ضائع» عن قرار«مستحيل» بجعل بيروت منطقة «منزوعة السلاح» فكان خيار جعلها «منزوعة الصور» تحت عنوان «منع الاستفزازات».
خارجيات
بيروت تُحيي ذكرى اغتيال الرئيس الحريري بإزالة... صوره
موفد رئاسي في لبنان بمهمة مزدوجة: الوضع «المتغيّر» جنوباً والرئاسي «المجمّد»
03:55 ص