?شكّلت المواجهات «الضارية» التي وقعت في جرود رأس بعلبك (البقاع الشمالي) المتاخمة للحدود مع سورية بين مجموعات مسلحة من «داعش» و«جبهة النصرة» والجيش اللبناني مؤشراً اضافياً الى السباق «المستعر» في لبنان بين تفكيك خلايا إرهابية وبين الضربات التي تحاول المجموعات المسلّحة تسديدها في الداخل اللبناني الذي يبقى، رغم مساعي «التبريد» السياسية - المذهبية، في «عين العاصفة» السورية - العراقية وسط مخاوف مستمرّة من محاولات اقتحام او تمدُّد «الدولة الاسلامية» خصوصاً في اتجاه بلدات لبنانية متاخمة للقلمون.ورغم نجاح الجيش اللبناني في حسم معركة «تلة الحمرا» التي سقط له فيها 8 عسكريين بينهم ضابط مقابل وقوع عشرات القتلى والجرحى في صفوف «داعش» و«النصرة» بينهم قادة من التنظيمين، فان هذه المواجهة في جرود رأس بعلبك (ذات الغالبية المسيحية) التي تقع بين بعلبك وعرسال داخل الاراضي اللبنانية ومقابل القلمون السورية عكست مخاوف من ارتفاع حجم المخاطر التي يواجهها لبنان و«التشظيات» التي تصيب واقعه الأمني، والتي بات واضحاً انها ستبقى ماثلة ما دامت الأزمة السورية من دون حلّ.وجاءت التطورات في رأس بعلبك لتسرق الأضواء من «غارة القنيطرة» الاسرائيلية التي استهدفت موكباً للحرس الثوري و«حزب الله» والتي اعتُبرت منعطفاً في مسار الأزمة السورية وعكست جانباً جديداً من تورط الحزب وايران فيها، وارتسمت معها ملامح «خط تماس» اسرائيلي - ايراني مباشر على الأراضي السورية، لم يُحسم امكان تحييد لبنان بالكامل عنه.وشخصت الأنظار امس، على جرود رأس بعلبك، مع إعلان الجيش العثور على جثث 3 من عسكرييه خلال عملية تمشيط المنطقة بعد طرد المسلحين منها، وذلك غداة نعيه 5 من عناصره، احدهم برتبة ملازم اول، وان وحداته تابعت «تعزيز انتشارها واجراءاتها في المنطقة ومطاردة من تبقى من الارهابيين الذين فروا في اتجاه أعالي الجرود، كما واصلت قصف مسالك انسحابهم وآلياتهم وتحصيناتهم الخلفية بالأسلحة الثقيلة المناسبة، موقعة في صفوفهم أعدادا كبيرة من القتلى والجرحى».ووقعت أول من امس، معارك طاحنة مع هجوم مباغت شنّه مئات المسلحين على نقطة المراقبة التابعة للجيش في تلة الحمرا الاستراتيجية التي سيطروا عليها لبعض الوقت، وسط فقدان الاتصال بخمسة عسكريين لبنانيين، قبل ان تتصدى احدى الوحدات التابعة للجيش للمهاجمين وتمنع تقدّمهم، الى حين وصول الدعم من فوج التدخل والفوج المجوقل. علماً ان نقطة التحول في «المعركة» كانت مع بدء مدفعية الجيش مدعومة بالطوافات بالقصف المركز العنيف لمواقع انتشار المسلحين، حيث دارت مواجهات عنيفة طوال النهار الى ان تمكن الجيش من استرداد التلة، وسط معلومات عن سقوط نحو 35 قتيلاً من المسلحين.وقد نقلت تقارير عن مصادر، «مقتل 2 من قياديي تنظيم الدولة الإسلامية أثناء معارك جرود رأس بعلبك»، فيما اشارت احدى الصحف الى أنّ «الأمير العام العسكري للتنظيم من اصل أهوازي، قُتِل في معركة منطقة تلّة الحمرا مع أمَراء عسكريين آخرين، بينهم غياث جمعة وأبو الوليد الأنصاري».وترافقت مواجهات جرود رأس بعلبك التي قال مصدر أمني انها تشبه ما حصل في 2 اغسطس الماضي في عرسال، «غير أنّ إجراءات الجيش والاستراتيجية التي يتبعها منعت المسلَحين من التقدم»، مع انفجار عبوة ناسفة ليل اول من امس، في المحكمة الشرعية التابعة لـ «داعش» في جرود عرسال ليلاً، وسط تقارير صحافية رجّحت ان يكون الخلاف بين التنظيم و«لواء التوحيد» وراء الانفجار.وعلى وقع معلومات عن تبلُّغ الجانب اللبناني خلال الساعات الأخيرة من الدوائر الديبلوماسية الأميركية أنّ واشنطن تسعى حالياً لتسريع عملية تزويد الجيش بطائرات حربية من الامارات والأردن في سبيل تعزيز قدراته الجوّية على صد الهجمات الإرهابية في المنطقة الجردية الحدودية، أشاد الرئيس السابق للحكومة زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري «بتصدي الجيش اللبناني البطولي لمحاولات التنظيمات الإرهابية المتطرفة والاعتداء على مواقعه وعلى الأراضي اللبنانية»، مكررا «دعمه الثابت للجيش والقوى الأمنية في مهامها لمكافحة الإرهاب بكل أشكاله».