كشفت مصادر فلسطينية لـ «الراي» ان «الخناق السياسي والأمني بدأ يضيق على مخيم عين الحلوة (صيدا - الجنوب)، ومعه بدت القوى السياسية الوطنية والاسلامية تعيش في مأزق حقيقي بعدما تبلّغ عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح) والمشرف على الساحة اللبنانية عزام الاحمد رسمياً من الأجهزة الأمنية اللبنانية وجود مطلوبين يختبئون في المخيم ويحتمون بسكانه ويحاولون أخذه رهينة لتنفيذ اجندة امنية غير فلسطينية تمسّ استقرار لبنان وسلمه الاهلي ومؤسساته الرسمية والحزبية».واوضحت المصادر ان «هامش الخناق يضيق على هذه القوى السياسية والوطنية والاسلامية على قاعدة ان السياسة السابقة القائمة على (الاختباء وراء الاصابع) او (دفن الرؤس في الرمال) او حتى (التسويف والمماطلة) لم تعد تجدي، ذلك ان (داتا) الاتصالات واعترافات الموقوفين اكدت وجود مطلوبين في المخيم بينهم شادي المولوي، وباتوا يشكلون خطراً لجهة أدوارهم في التخطيط لعمليات امنية وتجنيد شبان لتنفيذها، على غرار ما حصل في تفجير جبل محسن الانتحاري المزدوج الذي وقع في العاشر من الجاري».ولم ترَ المصادر ان ثمة حلولاً تلوح بالافق، عازية السبب الى معادلة «الامن بالتراضي» التي ما زالت تحول دون توقيف اي مطلوب رغم التوافق الفلسطيني في اطار سياسي موحد وانتشار القوة الامنية المشتركة، لان المعنيين بالأمر ومَن يُعتقد انهم يؤوون هؤلاء، هم خارج هذه المعادلة السياسية اولاً، ولأن أي قرار عسكري من شأنه ان يكون مكلّفاً ثانياً، من دون إغفال ان «القوى الاسلامية» نفسها التي تشارك في القرار السياسي والامني الفلسطيني وتحديداً «عصبة الانصار الاسلامية» بزعامة احمد عبد الكريم السعدي المتواري عن الأنظار و«الحركة الاسلامية المجاهدة» بإمرة الشيخ جمال خطاب، لم تعد قادرة على السيطرة وضبط المجموعات الاسلامية المتشددة، في ظل التطورات الامنية في سورية والعراق والخلافات اللبنانية والشحن المذهبي الذي بلغ مداه حد المواجهة.واكدت المصادر الفلسطينية نفسها أنّ «أيا من هذه القوى غير قادر على اتخاذ قرار بتوقيف المطلوبين بالقوة العسكرية وتسليمهم إلى الأجهزة الأمنية، وهي تهرّبت في السابق من طريق إعلان عدم وجودهم حينا او تواريهم احياناً أخرى، وهي تفضل اليوم الهروب من هذا الملف الثقيل، بطرح تساؤلات عن الطريقة التي دخل فيها هؤلاء الى المخيم في ظل الإجراءات الأمنية المشددة، اي اعادة رمي الكرة في الملعب اللبناني والذهاب الى أبعد من ذلك، بالاشارة الى ان ثمة مؤامرة تستهدف توريط المخيم في معركة ليس لهم في اي قرار».لا خيار عسكرياً لبنانياً «الى الآن» وإنْ كان الغطاء الدولي والاقليمي موجودا تحت عنوان «مكافحة الارهاب الاسلامي المتشدد»، لكن بالمقابل لا حلول قريبة لطي ملف المطلوبين على قاعدة ترضي الدولة اللبنانية ولا تسبب اقتتالاً داخلياً فلسطينياً. وحجة القوى الفلسطينية ولا سيما الاسلامية منها ان المطلوبين متوارون عن الانظار، وان معالجة المسألة تحتاج الى وقت بعيداً عن ضجيج الاعلام للضغط عليهم لمغادرة المخيم كما دخلوه في اقصى حد ممكن الى الآن.هذا المناخ الفسطيني، يتقاطع مع ما ذكرته مصادر وزارية لبنانية لـ «الراي» عن مشاورات حثيثة جارية بين الجانب الحكومي اللبناني والمنظمات والفصائل الفلسطينية في المخيم، سعياً الى حل جذري لملف الارهابيين الموجودين في المخيم. ذلك ان هذه المصادر لم تُبْد تفاؤلا ملموساً في هذا المجال، رغم التصريحات الإيجابية التي أطلقها الأحمد من لبنان، مشيرة الى انها «ليست المرة الاولى التي تشدّد فيها الفصائل الفلسطينية على رفضها ان يتحول المخيم ملجأ للفارين من العدالة ولا يتغير شيء، واستجابت السلطات اللبنانية لمطلب الفصائل وزودتها لوائح بأسماء عشرات المطلوبين الارهابيين والفارين الى المخيم».وجزمت المصادر اللبنانية بأنه «ستكون هناك متابعة دؤوبة للجهات الأمنية والحكومية مع الفصائل الفلسطينية في المخيم بحثاً عن حلّ يكفل تسليم هؤلاء سلمياً بادئ الامر، وإلا سيكون لكل حادث حديث في حينه»، مشككة في امكان التوصل الى مخرج قريب لهذا الملف، ولكنها أكدت ان الجانب اللبناني لن يتهاون اطلاقاً في المضي حتى النهاية في توقيف المطلوبين وتسليمهم.وامام هذه الصورة المعقدة والمتداخلة، يستكمل الأحمد جولته المكوكية في لبنان التي تُتوّج اليوم، بلقاء وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي كان اول مَن أثار وجود المولوي في عين الحلوة وفق «داتا» الاتصالات واعترافات الموقوفين في اعقاب العملية الانتحارية في جبل محسن، وإن كان الجواب الفلسطيني ديبلوماسياً من الاحمد «تسلّمنا لائحة باسماء المطلوبين ولكننا نتفحّص الامر وندقّق فيه»، في ما عكس رغبة في ابقاء الباب موارباً، تفادياً لاي خيار عسكري يعيد تكرار مأساة «نهر البارد» حين خطف مسلحو «فتح الاسلام» مصيره بقرار غير فلسطيني.وعلمت «الراي»، ان الاحمد عقد اجتماعاً مع اللجنة الامنية العليا المشرفة على أمن المخيمات في لبنان في مقر السفارة الفلسطينية في بيروت ووضعهم في أجواء المعلومات والأسماء المطلوبة، قبل ان يزور النائبة بهية الحريري في مجدليون والامين العام لـ «التنظيم الشعبي الناصري» الدكتور اسامة سعد، طالبا الغطاء الصيداوي، قبل ان يعود ويلتقي القيادة السياسية الموحدة للبحث في الحلول الممكنة لهذه الأزمة.