أعلنت الولايات المتحدة أن برنامجها لتدريب وتجهيز آلاف العناصر من المعارضة السورية لمحاربة تنظيم «داعش» في سورية ستبدأ الأسبوع المقبل، الا انها قرنت ذلك بشرط مسبق مفاده انها لا تستطيع دعم المعارضة السورية المسلحة ما دامت تتحالف مع «جبهة النصرة»، مما سيعيد خلط أوراق التحالفات على أرض الشام مرة اخرى لتكون سنة دموية على محاور متعددة يمكن ان تدفع بصديق الأمس ليصبح عدو الغد وبعدو الأمس ليصبح حليف الغد في «صراع للبقاء».وفي تصريح سابق قال أمير «جبهة النصرة» ابو محمد الجولاني ان «التحالف لا يستهدف جبهة النصرة وداعش فقط بل يستهدف الإسلام»، وقد طلب الصلح مع تنظيم «داعش» كي يتفرغ الطرفان لمحاربة النظام السوري والوقوف كصف واحد ضد التحالف الغربي، الا ان طلبه رُفض، لغاية اليوم.فـ «جبهة النصرة» استطاعت ان تستخدم اسلوباً تتبعه «القاعدة» يسمى بـ «جهاد التمكّن»، ومن سنن التمكّن سنّة التدرج من السهل الى الأصعب ومن الهدف القريب الى الهدف البعيد ومن الخطة الجزئية الى الخطة الكلية، وهكذا تحالفت «النصرة» مع كل اطراف المعارضة السورية الى حين تمكّنت، فهاجمت «حركة حزم» وقضت عليها، ثم هاجمت «جبهة ثوار سورية» بعدما كانت تسمح وتمرّر لها السلاح والرجال في مناطق سيطرتها واستولت على مقراتها في جبل الزاوية بريف ادلب، ثم اتجهت جنوباً فاشتبكت مع «لواء شهداء اليرموك» واتهمته بالانتماء الى «داعش» لتفرض سيطرتها في جنوب سورية وتتمركز على الحدود السورية - الاسرائيلية وتعيد فرض نفسها من جديد على الساحة السورية، بعدما كانت خسرت عددا كبيرا من عناصرها ومهاجريها لحساب تنظيم «الدولة الاسلامية».ومن ناحية اخرى، فان «الجبهة الاسلامية» لا تعارض التكلم مع الغرب والتفاوض معه وهي أقوى أحزاب ومنظمات المعارضة السورية المسلحة والمتحالفة مع «جبهة النصرة» التي ترفض اي حل ديموقراطي او تَخاطُب مع الغرب، الا ان السلاح والمال يتدفق اليوم من اللاعبين في الشرق الأوسط لصالح «الجبهة الاسلامية» وليس «النصرة» ما يضطرها لابقاء التحالف ما دام السلاح موجّهاً ضد النظام السوري و«داعش».الا ان المطالب الاميركية الواضحة ستفرض فك قواعد اللحمة واعادة فرز التحالفات مما سيجبر «جبهة النصرة» و«حركة احرار الشام» على البحث عن حل سياسي لتواجدهما كي تخرجا من «فك الكماشة» بين الرغبة الاميركية وبين «داعش»، ولهذا فان العقيدة المماثلة لهذه الجبهة موجودة فقط لدى خصومها وألدّ أعدائها، أي «داعش» الذي يعود له القرار وحده لاستقبال عودة «الولد الضال» او الاستمرار بقتال الجميع. اما «داعش» فان انحساره في العراق سيزيده تصميماً على التمدد في سورية في ظل غياب القرار الدولي بحسم المعركة في «بلاد الشام» بل فقط على ارض العراق، ولهذا فان التنظيم سيتمدّد الى مناطق جديدة ويهاجم حلب والمناطق المحيطة بها الا انه سيحتاج للتحالف مع مجموعات اخرى في ادلب، وفي دمشق كما يفعل في القلمون مع «النصرة»، ولن يجد افضل ممن اوجده زعيمه بنفسه حين ارسل تسع قيادات الى سورية منتصف عام 2012 لانشاء «جبهة النصرة»، رغم نقض زعيمها الجولاني البيعة ولجوئه الى القاعدة وتمرّده عليه بعد أن تمكنّ وأصبح جزءاً من الثورة السورية، ولذلك فان من المتوقع ان تشهد ارض الشام تحالفات جديدة في الاشهر المقبلة وفك تحالفات قديمة تفرضها قواعد اللعبة الخارجية».
خارجيات
تقرير / فك تحالفات قديمة وأخرى جديدة يفرضها اللاعب الخارجي
هل تتحالف «النصرة» و«داعش» في سورية؟
07:22 ص