ماتت فاتن حمامة!... وهل يموت «نهر الحب»؟!وإذا كانت الحياة تتمثل في «يوم مر... يوم حلو»، فإن الملايين على امتداد خريطة الوطن العربي شعروا بمرارة يوم أول من أمس الذي غيّب فيه الموت «سيدة القصر» وصاحبة «إمبراطورية ميم»، التي صنعت بفنها الأنيق على شاشتي السينما والتلفزة «أرضاً للأحلام» يرتادها الباحثون عن الجمال والتألق حينما يتخذ ملامح فنانة من الزمن الجميل!إذا كانت فاتن حمامة رحلت، فإنما لا يزال هناك «خيط رفيع» يربطنا بها بعد غيابها، مثلما ربطتنا بحضورها المتفرّد على الشاشة... فكانت «زعيمة» تحكم إمبراطورية من عشاق الفن الاستثنائي.في يوم «غير سعيد»، شيّع المصريون أمس «وجه القمر» الذي كُتبت على جبينه كلمة «النهاية».ففي جنازة حاشدة، طوى الآلاف صفحة ناصعة من تاريخ الفن العربي، بوداع «سيدة الشاشة العربية» الفنانة القديرة الراحلة فاتن حمامة، التي غيبها الموت، مساء أول من أمس، في بيتها في ضاحية القطامية، شرق القاهرة، وسط تأكيدات أنه لن يقام سرادق عزاء، بناء على «وصيتها».وفي مشهد رهيب، تدفق الآلاف، للصلاة على روح الفنانة فاتن حمامة بمسجد الحصري، في مدينة 6 أكتوبر 35 كيلو مترا جنوب القاهرة، وسط محبيها من الجمهور ومجموعة كبيرة من الفنانين.ومن زميلات الدرب ظهرت أثناء الصلاة الفنانة الكبيرة نادية لطفي، وتعددت الوجوه من مختلف الأجيال شهيرة، نادية الجندي، سميرة عبد العزيز، نشوى مصطفى، منة شلبي، كريم عبدالعزيز، أحمد السقا، منى زكي، أشرف عبدالغفور، سامح الصريطي، أشرف زكي، غادة عادل، نيللي كريم، أحمد الفيشاوي.وانهار أفراد عائلتها، فور وصول الجثمان إلى المسجد وظلت بعيدة كل البعد عن عيون الكاميرات.وقالوا، في تصريحات سريعة لدى دخولهم إلى المسجد، إن هذه اللحظة لحظة خاصة جداً عليهم، فيما كان البكاء هو المشهد الغالب بين الفنانين وأيضاً الجمهور الذي حرص على التواجد، ووداع فنانته الرمز إلى مثواها الأخير.ومبكراً، حضر رفيق وزوج القديرة الراحلة الدكتور محمد عبدالوهاب، حيث ظل يقرأ في المصحف الشريف كثيراً، حتى وصل الجثمان.وحول الساعات الأخيرة قبل وفاتها، قالت أسرتها، إنها تعرضت لحالة إغماء، وقام زوجها الدكتور محمد عبدالوهاب، بالاتصال بسيارة الإسعاف ولكنها حين وصلت كانت قد فارقت الحياة عن عمر يناهز 84 عاماً.وأضافوا لـ «الراي»، إنها كانت تعرضت أخيراً لوعكة صحية بسيطة، دخلت على إثرها مستشفى دار الفؤاد، في مدينة 6 أكتوبر، ولكن سرعان ما تعافت وعادت إلى منزلها.وقال زوجها الدكتور محمد عبدالوهاب، «إن فاتن منذ شهر ونصف الشهر تقريباً كانت تشعر بتعب في القلب، وتعرضت لجلطة في القلب فتم نقلها إلى مستشفى دار الفؤاد ثم حجزها في المستشفى، وكانت حالتها الصحية في تحسن طوال الأيام الماضية».وأضاف لـ «الراي» أنه فوجئ مساء السبت الفائت بأنها فقدت الوعي وحاول أن يسعفها واتصل بسيارة الإسعاف، إلا أنها فارقت الحياة قبل نقلها من البيت إلى المستشفى.وأكد أن موعد العزاء لم يحدد بعد، خصوصاً أن ابنها وابنتها مقيمان في لندن وباريس، وفور عودتهما إلى مصر سيتم تحديد موعد العزاء، إذا رغبا في ذلك.من جانبها، كشفت ابنة شقيق الفنانة الراحلة نادين حمامة، عن أن أسرة الراحلة لن تقيم سرداق عزاء لها احتراماً لوصيتها، ومن المفترض أن أبناءها سيصلون مصر صباح أمس عائدين من لندن لحضور صلاة الجنازة عليها.وأشارت، إلى أن نادية ذو الفقار ابنة الفنانة تتواجد في لندن، وعند علمها بخبر وفاة والدتها، أكدت أنها ستستقل أقرب طائرة للقاهرة لحضور صلاة الجنازة، وأن ابنها طارق عمر الشريف المتواجد حاليا في باريس، في طريقه لمصر لوداع والدته أيضا.الساعات الأخيرةوكان تضاربا قد شاب الإعلان عن وفاة الفنانة الكبيرة، حيث أعلن نبأ الوفاة لأول مرة عند الثامنة، من مساء أول من أمس، بتوقيت القاهرة، التاسعة بتوقيت الكويت، سرعان ما تبعه نفي، ثم تبعه تأكيد، حتى هاتفت «الراي» عضو نقابة الممثلين المصريين محمود عامر، والذي أكد وفاتها.مسيرة وسيرةوتمثل الفنانة الراحلة، التي كان رحيلها حديث الشارع العربي كله، ولدت في 27 مايو 1931 في السنبلاوين إحدى مدن الدقهلية، 135 كيلو مترا شمال العاصمة المصرية، وكان والدها موظفا في وزارة التعليم. وبدأت حياتها الفنية عندما كانت في السادسة من عمرها، خاصة عندما فازت بمسابقة أجمل طفلة في مصر، حيث أرسل والدها صورة لها إلى المخرج محمد كريم، الذي كان يبحث عن طفلة تقوم بالتمثيل مع الموسيقار محمد عبدالوهاب في فيلم «يوم سعيد» في العام 1940، وبالفعل وقع عقدا مع والدها ليضمن مشاركتها في أعماله السينمائية المستقبلية.وكانت محطتها التالية أيضا أمام محمد عبدالوهاب في فيلم «رصاصة في القلب» في العام (1944).ومع عملها الثالث في العام 1946، وهو فيلم «دنيا» انتقلت العائلة إلى القاهرة، ودخلت فاتن للدراسة في المعهد العالي للتمثيل في العام 1946.ومع بداية الخمسينيات من القرن الماضي، ابتعدت الراحلة، عن أدوار الفتاة البسيطة، وبدأت في الخمسينيات ونتيجة التوجه العام في السينما المصرية نحو الواقعية، بتجسيد شخصيات أقرب إلى الواقع، وبين «صراع في الوادي» و«الأستاذة فاطمة» و«امبراطورية ميم» و«أريد حلا»، و«يوم حلو يوم مر»، تنوعت أدوارها، وبدت أكثر ثقة في الأداء، وأكثر قوة في القبول لدى الجماهير.وبدت الراحلة، أكثر نضوجا وقوة في فيلم «دعاء الكروان» في العام 1959، وهو الفيلم الذي اختير واحدا من أحسن ما أنتجته السينما المصرية.ويرى عشاقها والنقاد، أنها استحقت الحصول على لقب «سيدة الشاشة العربية»، كونها علامة بارزة في السينما العربية، وعاشت مراحل طويلة من تطور السينما المصرية، وساهمت في صياغة صورة محترمة لدور السيدات بصورة عامة في السينما العربية.ولهذا، وفي مناسبة مرور 100 عام على نشاط وانطلاقة السينما المصرية، تم اختيارها كأفضل ممثلة وتم اختيار 18 من أفلامها من ضمن 150 فيلمًا من أحسن ما أنتجته السينما المصرية، في تاريخها المئوي، في هذا التوقيت.وفي العام 2007، اختارت لجنة السينما للمجلس الأعلى للثقافة في القاهرة 8 من الأفلام التي ظهرت فيها فاتن حمامة ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما.وغابت فاتن حمامة لسنوات، وفجأة عادت مع مطلع القرن الحالي، وقوبل رجوعها بترحاب شديد، حيث شاركت بعام 2000 في المسلسل التلفزيوني «وجه القمر» والذي عرض على 24 قناة فضائية ومحطة تلفزيونية عربية.زيجات متعددةتعددت زيجات الفنانة الراحلة، ففي العام 1947، تزوجت من المخرج عزالدين ذوالفقار أثناء تصوير فيلم «أبوزيد الهلالي» (1947)، وأسسا معًا شركة إنتاج سينمائية قامت بإنتاج فيلم «موعد مع الحياة» في 1954، وكان هذا الفيلم، سبب إطلاق النقاد لقب سيدة الشاشة العربية عليها، وانتهت العلاقة مع ذو الفقار بالطلاق في العام 1954 وتزوجت العام 1955 من الفنان عمر الشريف، ثم كان زواجها الأخير من الدكتور محمد عبدالوهاب.وقدمت الراحلة ما يقارب من 94 فيلما، بدأت بفيلم «يوم سعيد» العام 1940، وآخرها «أرض الأحلام»، وقد عملت مع معظم رواد الإخراج في مصر.وفي الدراما، قدمت ضمير أبلة حكمت وأُنتج العام 1991، ومسلسل «وجه القمر»، وأنتج العام 2000، لعبت فيه دور «ابتسام البستاني».جوائز وتكريموحصلت الفنانة الراحلة على الكثير من الجوائز والتكريمات طوال مشوارها الفني.ومن بين جوائزها: جائزة أفضل ممثلة العام 1951 عن فيلم «أنا الماضي».- أفضل ممثلة من المركز الكاثوليكي، وأفضل ممثلة من وزارة الإرشاد للأفلام 1955.- أفضل ممثلة من وزارة الإرشاد 1961.- أفضل ممثلة مصرية 1958-1963.- أفضل ممثلة في مهرجان جاكرتا 1963 عن فيلم «الباب المفتوح».- أفضل ممثلة 1965 عن فيلم الليلة الماضية.وحصدت «جائزة أفضل ممثلة من مهرجان طهران 1972».- جائزة من مهرجان الاتحاد السوفيتي 1973.- دبلوم الشرف من مهرجان طهران الدولي 1974، وجائزة التميز في الأفلام المصرية 1976.كما حصدت «أفضل ممثلة من مهرجان القاهرة الدولي1977».- جائزة تقديرية من أنور السادات 1977.- جائزة من مهرجان موسكو في الاتحاد السوفيتي 1983.- جائزة الاستحقاق اللبناني لأفضل ممثلة عربية عن فيلم ليلة القبض على فاطمة 1984.- جائزة إنجاز العمر من منظمة الفن السينمائي عن دورها في فيلم ليلة القبض على فاطمة 1984.- جائزة أفضل ممثلة من مهرجان قرطاج السينمائي الدولي.وفازت سيدة الشاشة العربية بـ: «جائزة فخرية من مهرجان الإذاعة والتليفزيون 2001».- جائزة المرأة العربية الأولى 2001.- جائزة تقديرية من أول سالا مهرجان الفيلم الدولي في المغرب، لمساهمتها في قضايا المرأة من خلال مسيرتها الفنية 2004.- جائزة الإنجاز مدى الحياة باعتبارها نجمة القرن في السينما المصرية في مهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي 2001.وكان آخر تكريم لها في عيد الفن الأخير، في حضور الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، عن مجمل أعمالها خلال مشوارها الفني.
فنون - مشاهير
الآلاف شيّعوا فاتن حمامة إلى مثواها الأخير: ستبقى «سيدة الشاشة العربية»
مصر ودّعت... وجه القمر
05:00 ص