خطّ التلامذة السوريون في إحدى مدارس درعا بأصابعهم الصغيرة عباراتٍ أشعلت الثورة العام 2011 بعد حملة الاعتقالات التي طالتهم من رجال الأمن والاستخبارات وعمليات التعذيب التي جرت بحقهم داخل سجون نظام الرئيس بشار الاسد، وهو ما ادى الى انطلاقة التظاهرات المندّدة والمطالبة بالحرية والكرامة، على يد نخبة من الشباب السوري المتعلم الذي رفض «ظلم الحاكم» وأراد التعبير عن نفسه، هو الذي عانى البطالة وتكميم الافواه وانسداد الافق.ربما كانت تلك اللحظة في مارس 2011 المعبّر الحقيقي عن واقع الحال، فهؤلاء الشبان المتعلمون الذين أُغلقت في وجوههم ابواب العمل والرزق بسبب الفساد وغياب تكافؤ الفرص في نظام عائلي وحزبي ينتفع منه قلائل وتتضرر منه اكثرية الشعب السوري، عبّروا بالهتاف والتظاهرات السلمية عن مواقفهم، وطوّروا الشعار تباعاً الى «إسقاط النظام الذي افلت الشبيحة في الشارع»، قبل ان يُعتقلوا ويُضربوا ويُعذبوا وتُقتلع حناجر بعضهم ... هؤلاء كتبوا قصة الثورة السورية، ليفتحوا الباب واسعاً امام طرح اشكاليات يواجهها المجتمع السوري وأهمها على الاطلاق التعليم.فهذا القطاع الحيوي في كل المجتمعات ومنها سورية يعاني مشكلات عدة في ظل الثورة، فالنظام عمد الى قصف المدارس وتدميرها بشكل ممنهج واتخذ اجراءات بحق اساتذة في المناطق التي حُررت، وهو قطاع مهمل من الائتلاف الوطني السوري ايضاً نظراً الى الحاجة الى اموال كبيرة من اجل اعادة البناء او تسيير الامور. وعليه، فإن الخطر بات يهدد اجيالاً من السوريين بالجهل والتخلف ويجعل الاطفال لقمة سائغة في افواه الارهابيين الذين يجتذبونهم الى عالم العنف والقتل والمال.كل مَن تتحدث معه في سورية عن التعليم في الداخل يكاد يبكي حسرة و«دماً» ولا يصدّق الوعود، يشرح اوضاع المدارس وحاجياتها والاضرار التي اصابتها والمخاطر التي تواجهها يومياً، ليرسم صورة قاتمة عن الوضع، خصوصاً ان الفقراء الذين لم يتركوا قراهم في الارياف المحرَّرة الى المدن لا سيما في الشمال السوري والذين دفعوا ضريبة معارضتهم للنظام قتلاً وقصفاً ودماراً، يتساءلون «لماذا يتعلّم أبناء أعضاء الائتلاف في الخارج ولا يؤمنون لأطفالنا الكتاب والقرطاسية ولا يعطون المعلمين رواتبهم المقطوعة منذ اكثر من 5 اشهر علماً ان راتب الاستاذ لا يتجاوز مئة دولار شهرياً؟».ويذهب البعض الى اكثر من ذلك في طرْح المشكلة اذ «ان نظام البعث الذي فرض اقامة الطاعة لآل الاسد في الكتب المدرسية ومنع ثقافة التنوّع والتفكير النقدي وحرية التعبير»، جاء مَن ينافسه في بعض المدراس لجهة فرض أمور غريبة كتلك التي قام بها تنظيم «داعش» او السماح لبعض الجمعيات التي تدعم المدراس بفرض سياسات معيّنة عليها، هذا عدا ما يواجهه الطلاب يومياً من مشكلات تتعلق بالوضع الامني والخوف من الموت ومن التحرشات والرشوة والمضايقات. ولعل ما جرى في الجامعات والمدارس السورية من اهانات واعتقالات وضرب وتعذيب خير دليل على العذاب اليومي. كما ان الاساتذة هم اسرى الخوف من إدارات ما زال النظام يسيطر عليها وهو ما ادى الى هجرة عدد كبير من الكفاءات التعليمية السورية واستبدالها في المناطق المحررة بمتطوعين غير كفوئين.وقد أشارت تقارير دولية الى أزمة التعليم في سورية مع بداية العام الدراسي الحالي في 2014 - 2015، ومنها تغيّب 4 ملايين طفل سوري عن متابعة تعليمهم بسبب استمرار الحرب التي تشنّها قوات الأسد على الشعب السوري في مساحة تزيد على نصف سورية خارجة عن سيطرة النظام، وهو ما أجبر الكثير من أهلها على اللجوء إلى دول الجوار، في وقت عملت المعارضة عبر مؤسسات مدنية على إنشاء مدارس لاستقبال الطلاب في ظل تحديات كبيرة، امنية بالدرجة الاولى مع مواصلة الطيران استهداف المراكز التعليمية، ومادية تعود الى ضعف الامكانات لمواجهة المشكلة التعليمية وهو ما يحدّ من افتتاح مدارس في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.وأكدت منظمة «اليونيسف» أن أكثر من 3 ملايين طفل سوري اضطروا إلى ترك مدارسهم جراء تدميرها، وكثير منهم تركوا الدراسة للمساعدة في إعالة أسرهم. وفي حين اعلن الصندوق التابع للأمم المتحدة أن 3 ملايين طفل توقفوا عن الدراسة، وان أكثر من 4 ملايين طفل في المجمل تضرّروا من القصف الجوي المكثّف والحرب التي يشنّها نظام الأسد على الشعب، بينهم مليون طفل لجأوا مع أسرهم إلى دول الجوار.وأوضحت التقارير الدولية أن ما بين 500 إلى 600 ألف طفل سوري لاجئ في دول الجوار لا مدارس لهم، مشيرة إلى أن محافظات حلب، والرقة وإدلب، ودير الزور، وحماة، ودرعا، وريف دمشق أكثر المناطق المتضررة. وذكر صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة أن أكثر من 3 آلاف مدرسة في سورية تعرضت إما لأضرار جسيمة أو دُمرت بشكل ضخم جراء القصف الجوي والصاروخي، فيما تُستخدم مئات المدارس لإيواء النازحين، وأن التعليم في سورية شهد انخفاضاً حاداً يعد الأكبر في تاريخ المنطقة. وتؤكد التقارير وجود 3 ملايين سوري بين سن السادسة والخامسة عشرة باتوا خارج مدارسهم وأن الرقم الأكبر هو من محافظة حلب.من جهتها، عملت الحكومة السورية الموقتة على افتتاح مدارس تعليمية للسوريين في دول الجوار، ولكن مساعيها الخجولة هذه لا تفي بالحاجات المطلوبة.وهكذا تتواصل معاناة أطفال سورية، وبينم مَن هو بلا تعليم، وبينهم مَن يتعلم أكثر من منهج. ففي حين يدرّس النظام منهجاً يمجد «البعث»، تدرّس الحكومة الموقتة منهجاً مغايراً، كما بدأ تنظيم «داعش» تعليم أطفال سورية في مناطق سيطرته الممتدة من شمال شرق حلب إلى الحسكة ودير الزور، منهجاً وصفه مختصون تربويون بـ«الهدّام».واليوم تتفاقم مشكلة التعليم في المناطق المحررة مع انقطاع رواتب الاساتذة، وقد اجرت «الراي» حوارات مع عدد منهم، اذ اشار المدرس حارث عبد الحق الى «ان اهمال القطاع التعليمي في سورية مقصود والموضوع صعب جداً، فالمدارس في الداخل المحرَّر مدمرة ومتضررة وبحاجة الى الترميم او اعادة البناء، والمدارس السليمة عرضة للقصف ايضاً. اما الكادر التعليمي فهو يعاني الامرّين اذ ان النظام اوقف رواتب قسم كبير منه ولا يوجد اي جهة عوّضت حرمانه من راتبه، وقد استعين بمتطوعين لا ينالون راتبهم بشكل ثابت، وتلك كارثة».ويوضح انه «في بعض المدارس تقاضى معلمون مبلغ 5000 ليرة سورية عن 3 اشهر اي ما قيمته 25 دولاراً فقط. وفي احسن الحالات هناك معلّمون يتقاضون مبلغ 5000 ليرة سورية شهرياً وبعضهم غير مؤهل للتعليم عدا عن الدوام غير المنتظم».اما مدير احدى مدارس حلب بلال خرفان، فيقول: «كل العالم متآمر علينا ويمارس سياسة التجهيل من خلال تضييق الخناق على المعلمين، حيث إن النظام المجرم قطع رواتب غالبيتنا بحجة الارهاب وهذا مستمر منذ أكثر من عامين وبالتدريج حتى انهارت قوانا».ويضيف: «حتى الآن لا توجد أيّ جهة داعمة لنا لا سيما في مناطقنا في ريف حلب، لأننا لا نقبل أن نكون مسيّرين. وحتى الائتلاف لسنا تابعين له فهو لا يقدّم لنا أي شيء وإن كان يزعم أنه يمثلنا، الاسد والغرب يريدون دمارنا، ولكن تصوري ايضا وشر البلية ما يضحك هنا، ان الائتلاف السوري لم يقدم لنا سوى ما يقارب 100 دولار منذ سنتين إلى الآن مقسمة على دفعات بمعدل 5 دولارات شهرياً».ويتابع: «في بعض المناطق هناك مدراس مدعومة من جهات معينة تسدّ بها رمقها مقابل شروط تبعية معينة لأفكار مسيسة أو تكفيرية أوما شابه. والحمد لله اننا في ظل القلة والعدم والقصف العنيف والدمار الكبير بكل معنى الكلمة، فتحنا مدارسنا رغم الخطر الذي نواجهه في كل لحظة وذلك لتلافي تقصير السنوات السابقة. فالطلاب اعتادوا على اصوات الطائرات والقذائف».ويلفت الى وجود «معاناة اخرى وهي كيف نحمي الطلاب، فكم من المدارس قُصفت أثناء الدوام وخارجه في حين اننا لا نملك أقبية وملاجئ للاختباء، وفي الخارج يرسلون إلينا بيانات لتعبئتها فنظنّ أن الفرج قادم، ثم يتبيّن انهم يشحذون علينا ونحن لا نستفيد»، ويقول: «في هذا العام الدراسي قدّم الائتلاف حاجيات للطلاب وقرطاسية، لكن معلمينا دون رواتب وقد ضاقت الأحوال، فأنا كمدير مدرسة كبيرة عندي 35 مدرّساً مفصولاً ومتطوعاً اخاف ان يترك المعلّمون عملهم لعدم الدعم المادي حيث ان للصبر حدوداً».ويشدد على ان «بعض الطلاب يذهبون الى القتال ضد النظام لدفع الظلم والدمار، في حين ان الائتلاف بسياسات معينة يشارك في تجهيل الطلاب»، مضيفاً: «لا يمكن تجاهل مشكلات التعليم على هذا النحو. وفي النهاية يدفع الشعب ثمن الصراع ضد النظام وداخل المعارضة. لقد تعبنا من القصف لكن لن نرضخ، في الخارج لا يشعرون بنا ونحن نعاني الامرّين، وكأنهم يريدوننا ان نصبح في حضن المتطرفين. وعلى فكرة هناك مَن يدعم الطبيب وعامل النفايات والشرطي، إ? المعلّم غير مدعوم. يبدو ان سياسة التجهيل تُمارَس عن قناعة من الجميع. المجتمع الدولي ليس معنا بل مع بشار، انا اتكلم عن حرقة قلب ... لا احد معنا حتى مَن يدّعي أنه معنا».من جهته، يقول محمد موسى وهو مدير مدرسة اخرى ان «المعاناة بدأت منذ ان تم فتح المدرسة التي كانت تعاني نقصاً وخراباً بالمعدات المدرسية الاساسية مثل الابواب والنوافذ والتي كانت غالبيتها مخربة بسبب وجود نازحين فيها وبسبب أضرار القصف، حيث استطعنا بمساعدة بعض المنظمات غير الحكومية إجراء التصليحات اللازمة، وقد تجاوزنا هذه المشكلة واليوم هناك عائق ثان هو نقص الكتب، اذ انتصف العام الدراسي ولدينا 50 في المئة نقص في الكتب، اضافة الى نقص الكادر التعليمي، فهناك في مدرستنا 35 وظيفة، 31 استاذاً ومدرّساً وفي الادارة 4 مستخدمين، ومن بين الاساتذة هناك 25 مقطوع الراتب، اي لا يقبضون اي مبلغ. ومنذ فترة قدّمت لنا التربية الحرة منحة 5000 ليرة سورية لكل متطوع، وهناك جمعية غير حكومية اسمها جمعية «الفجر» ساعدتنا وقدمت لنا 5000 ليرة سورية لكل متطوع وبهذا يكون كل استاذ متطوع حصل على 10000 ليرة سورية فقط منذ بداية العام الدراسي».واوضح ان «القرطاسية والاحتياجات اليومية، من اقلام السبورة ومساحات السبورة واوراق الفحص وكراسات دوام الكادر وكراسات دوام الطلاب، قُدمت لنا من احدى الجمعيات»، لافتاً الى ان «المدرّسين المثبت بعضهم من محافظات اخرى لم نرهم منذ العام 2012، ولدينا نقص معلمين ونقص كتب ونقص أمن، وقد استعنا بطلاب جامعيين سنة 4 او 3، واذا اضطررنا سنستعين بطلاب جامعيين سنة اولى لسد نقص المعلمين. اما بالنسبة لنقص الكتب فنحل المشكلة بأن يقوم الاستاذ بتلخيص الدروس وكتابتها على السبورة لنقلها من الطلاب واحياناً نقوم بتصوير نسخ من كتاب معين على حساب الطلاب، وهذا الامر في جزء منه تدبير بهدف الاقتصاد. ونحن نتواصل مع المجمعات التربوية الحرة ومع التربية الحرة في حلب، لكن ذلك لم يفدنا بشيء في تحصيل رواتب المعلمين».ويعلن «وعدونا بمدافئ لكن لم نر اي شيء حتى الآن، ونحن في وسط الشتاء. وانا اتصلتُ بمنظمة من دبي دعمت مطلبنا في تأمين بعض المدافئ ولكن لدينا مشكلة في توفير المازوت».وبسخرية ومرارة يجيب حين نسأله عن الحل: «من وجهة نظري، فإن رواتب وزير التربية وجماعة الفنادق يكفيان لتسيير نصف مدارس حلب فليحلوا الوزارة ويسلموا الامر لإداري واحد يوزع رواتب على المتطوعين الذين يرضون براتب 100 دولار في الشهر».ويقول: «لا توجد موازنة خاصة بالمدارس من الائتلاف ونحن لا نستفيد بشيء. سمعنا انه تم رصد نصف مليون دولار لمدراس حلب بموجب قرار صادر عن الاستاذ مجد ضاهر مدير المجمع التربوي في صوران، ولكن حتى الان لم نر شيئاً على الارض. وبسبب نقص الرواتب والمعدات انا كمدير ابذل جهدي كي أساعد المعلمين المتطوعين ومقطوعي الراتب وأستعين بأي جمعية أسمع فيها بالمنطقة من اجل ارضاء ضميري. وأسعى لخير الطلاب وتأمين مستقبلهم لأنهم مستقبل الوطن. المدرسة «ماشية» رغم الامكانات المتواضعة وكوننا بحالة حرب. وبما ان المدرسة حافظت على انتاجيتها بحدود 60 في المئة، فهذا جيد قياساً الى الحال التي نواجهها لا بل هو أمر ممتاز».ويركز على اهمية حل مشكلة التدفئة، موضحاً «العام الماضي ساعدتنا جمعيتان خيريتان، وقدمت لنا التربية الحرة كمية كافية من المازوت طوال موسم الشتاء، لكن هذه السنة لم نحصل سوى على كمية صغيرة من جمعية خيرية وقد انقطعنا من المازوت منذ يومين ووُعدنا بحلّ قريب ونأمل خيراً».

الطلاب السوريون في لبنان في مهب ريح أكلاف التعليم و... التمييز

تجزم جميع الاحصائيات والمصادر الادارية في الجامعة اللبنانية (الرسمية)، وتحديداً فروع القسم الأدبي، أن أعداد الطلاب السوريين باتت تتجاوز الطلاب اللبنانيين، رغم وجود عشرات السوريين الآخرين الذين أحجموا عن التسجيل إما لعدم قدرتهم على دفع الرسم السنوي الذي تبلغ قيمته مليون ومئة الف ليرة لبنانية (أي ما يعادل 750 دولاراً اميركياً) وإما لأن بعضهم غير قادر على الاستحصال على اخراج قيد فردي جديد له من منطقته بسبب الاوضاع الامنية والسياسية الراهنة في سورية.وحتى اليوم، ما زالت وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان تعتبر الطالب السوري كما الأجنبي والعربي، من دون ان تلحظ وضعه كلاجئ أسوة بالطالب الفلسطيني او تتعاطى معه مثل الطالب اللبناني، حيث ان كلفة قسط الاخير في الجامعة اللبنانية يبلغ 450 الف ليرة لبنانية، اي ما يعادل 300 دولار أميركي، فيما الطالب الفلسطيني يدفع 250 الف ليرة (165دولارا أميركيا) باعتباره لاجئا.الحظ لم يحالف الطالبة فاطمة النجار (سنة ثانية آثار) النازحة من ريف دمشق لأن تنتسب للجامعة هذا العام، فهي لم تستطع تأمين تكلفة القسط الجامعي، وقالت لـ «الراي»: «وضعنا المادي ما بيسمح دفع ايجار البيت 500 دولار أميركي وأكل وشرب، فاضطررت ان اصرف نظر عن الجامعة».الا ان سهام، وهي طالبة أدب عربي في كلية زحلة، وجدت نفسها أمام خيار استدانة ثمن القسط والكتب كي تكمل دراستها. وهي قالت لـ «الراي» متأففة: «ما بكفي انو القسط والكتب غاليين»، الا ان الادارة تطلب منا اوراقاً تعجيزية حتى ان دفع القسط لا تقبله الا عبر البريد، وهذا أيضاً يكلفنا 60 الف ليرة (40 دولارا أميركيا)». وتضيف: «كل ذلك لا يساوي لحظة تعبير عنصرية ونظرة احتقار لنا من الطالب اللبناني وحتى الاساتذة الذي يعاملوننا كأننا لسنا بشر»، وتتابع بغصّة: «نسمع الشتيمة بأذننا».عمران الحمصي، وهو طالب جامعي سنة ثانية، احتار كيف يمكن له أن يحصل على إخراج قيد له، كون الجامعة لا تقبل منه صورة عن جواز سفره أو هويته. ولانه من منطقة القصير فلا يمكن له أو لأي فرد من عائلته دخول سورية للاستحصال على هذا المستند، وقال لـ»الراي»: «بطلوع الروح حصلت على اخراج قيد جديد، رغم ان بحوزتي هوية وإخراج قيد قديم، الا أن ادارة الجامعة لا تقبله بحال مر عليه ثلاثة اشهر».على ان الوضع إختلف مع الطالب سالم الدرعاوي الذي لم يستطع ان يأتي بإخراج قيد، ما حرمه هذا العام من الانتساب الى الجامعة فرع ادارة الاعمال، وهو قال لـ«الراي»: «الى سورية ما بقدر أدخل، لأن والدي قتل مع الجيش الحر»، وبسبب الالية التي فُرضت على الطلاب السوريين اضطررتُ لأن أوقف دراستي الى أن يقضي الله امراً كان مفعولا».أما الطالب حسان، فدفع سنته الدراسية ثمن سياسة التضييق على السوريين للحد من تدفق الوافدين عند الحدود، وذلك بعد ان ذهب الى سورية كي يأتي بإخراج قيد يخوّله دخول الجامعة، واثناء عودته عبر نقطة المصنع الحدودية مُنع من الدخول، وقال لـ«الراي»: «مو بس منعوني كمان عملولي منع دخول لشهر، ولما عدت بعد شهر، كان وقت التسجيل انتهى».والوضع ليس افضل حالاً في المعاهد التطبيقية الجامعية حيث يعاني الطلاب السوريون ايضاً من تمايز عن نظرائهم اللبنانيين، وعدم اعتبارهم طلاباً نازحين. وهنا تضعهم ظروفهم الإقتصادية أمام أهوال كلفة التعليم، سواء لجهة القسط او ثمن الكتب او اجرة النقل من منطقة الى اخرى. ذلك ان كلفة القسط للطالب اللبناني هي 340 الف ليرة (نحو 230دولارا) فيما السوري عليه ان يدفع 420 الف ليرة (نحو 280دولارا). من دون اغفال ان الطالب السوري يحتاج هنا الى شهادته المصدقة من خارجيتيْ البلدين ومن وزارة التربية السورية والسفارتين، والى مصادقة قسم المعادلات في وزارة التربية اللبنانية، والى أن يرفق طلب الانتساب بإخراج قيد فردي واقامة له.ولأن كل هذه المعاملات ترتّب اكلافاً، استغنى عشرات الطلاب السوريين عن دراستهم. وبحسب سميح، الذي فقد عامه الدراسي، هناك تقصير من الامم المتحدة في تبني الطلاب السوريين، وقال لـ«الراي»: «اللي خارج الجامعات والمدارس والمعاهد اكثر بكثير من اللي فيها»، ويردف أن الالية المتبعة عند اللبنانيين في التضييق «جعلت التمييز بين الطلاب السوريين انفسهم، «طبَقياً»، فمَن لديه المال يكمل دراسته، «ومن ليس بحوزته فله رب يرعاه».اما وجيه، فما إن سمع عن الاجراءات الجديدة كشروط لدخول المواطن السوري الى لبنان، بموجب تأشيرة وكلفة تصل الى 1000 دولار، وأوراق تعجيزية وإقامة وغيرها حتى صرف النظر عن دراسته الجامعية حالياً ولاحقاً.