«مزهوّاً» بإنجاز إنهاء «أسطورة» سجن رومية المركزي واستعادة الدولة سيطرتها على «جمهورية» الموقوفين الإسلاميين فيه، يمضي لبنان في مسار تفكيك «الصواعق» وتبريد الملفات الساخنة وتنظيم الخلافات الداخلية في إطار ملاقاة القرار الاقليمي بإبقاء ساحته «مختبراً للنيات» في غمرة اقتراب اللحظات المفصلية في عدد من الأزمات الكبرى في المنطقة ولا سيما الحرب في سورية والنووي الايراني.ومع استكمال القوى الأمنية إحكام القبضة على المبنى «ب» في سجن رومية الذي كان الطابق الثالث منه يحتضن الموقوفين الاسلاميين الذين حوّلوه «نزْلاً» مربوطاً بـ «العالم» عبر الانترنت والهواتف، مستفيدة من تكشُّف عملية التفجير الانتحاري التي استهدفت جبل محسن في طرابلس عن انها أديرت من داخل هذا السجن، بدا الحرص كبيراً في السياسة على وضْع هذا التطور غير المسبوق في سياق النتائج التلقائية للحوار بين «تيار المستقبل» (يقوده الرئيس سعد الحريري) و«حزب الله» والذي يتصدّر جدول أعماله البحث عن آليات عملية لتخفيف الاحتقان السني - الشيعي، في حين تبقى العناوين «الاستراتيجية» مثل سلاح الحزب ومشاركته بالقتال في سورية خارج البحث نتيجة موقف علني هو انتظار انتخاب رئيس للجمهورية ليكون هذان البندان محور حوار وطني حولهما، فيما الخلفية الفعلية هي إدراك الطرفين ان هذين الملفين لا يُبتان الا في إطار «حلول اقليمية».وعشية الجولة الثالثة من الحوار بين «المستقبل» و«حزب الله» غداً، بدت الطريق معبّدة امام انتقال الخطة الامنية، التي وُضع «تطهير» سجن رومية في سياقها، الى البقاع الشمالي وتحديداً معاقل «حزب الله»، وإن كانت هذه الخطوة تأتي متأخّرة.وترى اوساط سياسية ان أقلّ ما يمكن ان يقدّمه «حزب الله» لملاقاة الغطاء الذي وفّره «المستقبل» لعملية رومية التي كانت «مستحيلة» لسنوات، هو تأمين «الضوء الاخضر» لتنفيذ قرار إعادة هيبة الدولة إلى البقاع الشمالي ورفع الغطاء عن المخلّين بالأمن الذين شكلوا في الأعوام الماضية «محميات» وجزراً أمنية لـ «مافيات» السرقات والخطف وارتكاب الجرائم على أنواعها. علماً ان النقطة الاساسية الثانية بالنسبة الى «المستقبل» والمتعلقة بمصير «سرايا المقاومة» التابعة لـ «حزب الله» والتي يعتبر التيار انها وراء العديد من الاعمال الاستفزازية والخطرة على السلم الأهلي، تبقى محور نقاش دون ان يكون تبلور في الأفق مخرج لها في ضوء صعوبة تخلي الحزب عن هذا التشكيل.وفيما كانت القوى الامنية تنهي قطع تواصل الاسلاميين في رومية بعضهم مع البعض، ومع الخارج وسط بدء العمل بأجهزة التشويش على الاتصالات الخليوية، اكد وزير الداخلية نهاد المشنوق بنفسه أنّ «الدولة بعد إحكام قبضتها على سجن رومية بدأت التجهيز والاستعداد لتنفيذ الخطة الأمنية في منطقة البقاع الشمالي»، موضحاً أنّ اجتماع مجلس الأمن المركزي الذي ترأسه اول من امس ركّز بشكل أساسي على هذا الموضوع.ولم يغب هذا العنوان اضافة الى حوار«المستقبل»مع«حزب الله»عن الزيارة التي قام بها المشنوق امس لزعيم«التيار الوطني الحر»العماد ميشال عون، اذ اعلن ان الحوار مع«حزب الله»:«خيار استراتيجي لن نتراجع عنه ورغبتنا في انجاحه اكيدة ونحن نتصرف على هذا الاساس ونتمنى ان تتصرف كل الاطراف ايضا على هذا الاساس»، موضحاً«اننا تفاهمنا (مع عون) على ان الحوار مفيد لكل اللبنانيين وهو قاعدة امان لهم شرط ألا يتضمن عناداً ولا مغالاة من أي طرف»، وكاشفاً انه حمل لعون«رسالة من الرئيس سعد الحريري يؤكد فيها أهمية الحوار أيضا بين كل الاطراف والذي يشجع عليه، والجنرال عون هو جزء رئيسي من ضمانة اي حوار سواء بين اطراف لبنانية مسلمة او بين اطراف لبنانية مسيحية».وحمل كلام المشنوق اشارة دعم واضحة للحوار الدائر على خط«التيار الحر»وحزب«القوات اللبنانية»(حليف «المستقبل») والمرجح ان يفضي الى لقاء مرتقب بين عون ورئيس«القوات»الدكتور سمير جعجع بعد اكثر من اشارة ايجابية من الجانبين تجلّت في إسقاط نحو 140 دعوى قضائية بينهما وايفاد عون للمرة الاولى ممثلاً له الى الحفل الذي أقامته«القوات» عصر امس وسلّمت خلاله الدفعة الاولى من البطاقات الحزبية.
خارجيات
انفراج متزايد بين عون وجعجع والمشنوق يؤكد أن الحوار مع «حزب الله» خيار استراتيجي
لبنان ماضٍ في تبريد ملفاته الساخنة
02:27 ص