لم تكن «عادية» رسالة الدعم والتضامن التي حملها الوفد الوزاري العربي برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الى لبنان الذي يجد نفسه في «عين العاصفة» السورية سواء من بوابة ملف النازحين الذي يثقل على اقتصاده او من البوابة الامنية المفتوحة على تفجيرات تجدّدت السبت الماضي بالعملية الانتحارية المزدوجة في جبل محسن في مدينة طرابلس الشمالية.فالخالد الذي التقى ورئيس المجلس الوزاري العربي وزير خارجية موريتانيا احمد ولد تكيدي والامين العام للجامعة العربية نبيل العربي كلاً من رئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل، نقل الى المسؤولين اللبنانيين الدعم العربي لاستقرار لبنان، واستطلع حاجاته لتعزيز أمنه واستيعاب عبء النزوح السوري والتصدي للإرهاب، كما استكشف آفاق الأزمة السياسية في لبنان في ضوء استمرار الفراغ الرئاسي.ورغم أن الزيارة، تأتي في سياق ما اتُفق عليه خلال القمة العربية في الكويت لجهة إرسال وفود وزارية إلى المناطق التي تحتاج إلى دعم مباشر، فان توقيتها اكتسب دلالات مهمة في ظل عودة الهاجس الامني الى لبنان بقوة مع تفجير جبل محسن والمخاوف من تجدُّد موجة العمليات الارهابية اضافة الى الاجراءات الجديدة التي اتخذتها بيروت على المعابر الحدودية مع سورية في إطار الحدّ من النزوح السوري الى لبنان.وحرص الخالد، الذي عقد في ختام محادثاته في بيروت مؤتمراً صحافياً، على وضع الزيارة في سياق استطلاع حاجات لبنان تمهيداً لوضعها في تقرير «نرفعه الى اشقائنا وزراء خارجية الدول العربية لعرضها على القمة العربية المقبلة»، مطلاً على الاستحقاق الرئاسي اللبناني من زاوية «تطلّعنا جميعاً في الدول العربية ان يكون الرئيس اللبناني ان شاء الله حاضراً مع اشقائه في نهاية شهر مارس المقبل في مصر».وأبدت مصادر حكومية لبنانية عبر «الراي» ارتياحها الى زيارة الوفد العربي، مؤكدة «ان الوفد نقل رسالة تضامن مع لبنان وتأييده في معركته ضد الإرهاب»، لافتة الى ان الوزير الخالد «أعرب عن اهتمام باستقرار لبنان السياسي والأمني واستفسر عن طبيعة الأزمة الرئاسية وآفاقها».وبحسب هذه المصادر، أعرب الرئيس سلام للوفد العربي عن شكره لهذه المبادرة واضعاً الخالد والوفد المرافق في صورة الواقع السياسي والامني، وشارحاً بالتفصيل ما كان يجري في سجن رومية المركزي حيث نفذت الاجهزة الامنية عملية مباغتة ونوعية على أحد المباني التي تضم الموقوفين الاسلاميين في ضوء المعلومات عن ان الجزء الاكبر من تفجير جبل محسن تمت إدراته من هذا المبنى الذي كان على مدى أعوام وحتى يوم امس خارج سيطرة القوى الأمنية.وتحدثت المصادر الحكومية اللبنانية لـ «الراي» عن ان سلام لم يتقدّم الى الوفد العربي بأي طلبات محددة، متمنياً المساعدة في ملف النازحين، ومتناولاً الشغور الرئاسي «الذي يسيء الى لبنان وديموقراطيته وانتظام عمل المؤسسات فيه»، ومبدياً ارتياحه للمواكبة العربية للوضع اللبناني في ظلّ المخاطر الجمّة التي تحوط به جراء التطورات في المنطقة.وبعد الاجتماع مع بري، قال الخالد: «نقلنا رسالة دعم وتأييد من اعضاء الدول العربية الى لبنان انطلاقاً من قرارات القمة العربية في الكويت وقرارات المجلس الوزاري العربي. هذه الرسالة التضامنية العربية هي للجهود اللبنانية للامن والاستقرار في لبنان ولمواجهة ايضاً الاعباء الثقيلة تجاه النزوح للاعداد الكبيرة من الاشقاء السوريين الى لبنان».وأضاف: «تشاورنا مع دولة الرئيس في ما هو مطلوب من الدول العربية لمساعدة اشقائنا في لبنان في تعزيز الامن والاستقرار السياسي وكذلك الانساني والخدمات العامة المثقلة بأعداد كبيرة من اشقائنا السوريين في لبنان».وبعد لقاء باسيل، تحدث الخالد، فقدم التعازي بالضحايا الذين سقطوا في العمل الإجرامي في جبل محسن.وإذ أكد على الحلّ السياسي في سورية،لافتاً إلى ترقُّب ما ستفضي إليه اللقاءات في القاهرة وموسكو وما يطرحه الموفد الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، أشار إلى «المسار الإنساني للأزمة السورية» مركِّزاً على موضوع النازحين، وكاشفاً عن أن الكويت يمكن أن تحتضن مؤتمر المانحين الثالث، لافتاً إلى أن مدير صندوق التنمية الكويتي سيزور لبنان بعد يومين لتوقيع اتفاق مع الحكومة اللبنانية «حول الخدمة المدنية، أي الكهرباء والطرق وغيرهما في إطار مساعدة لبنان على تحمُّل أعباء النزوح السوري».أما وزير الخارجية اللبناني فأثنى على «العاطفة العربية تجاه الشقيق الأصغر فهي التي أبقت لبنان بهذا الدفء العربي، ولا سيما بعدما أعطى لبنان العرب الكثير من قدراته وأخذ منهم الكثير من المحبة التي تتبلور باستقرار الحد الأدنى مما نعيشه في لبنان اليوم».وأوضح باسيل أن «اللقاء كان مناسبة لنتحدث بمواضيع الإرهاب»، مؤكداً «تمسكنا بالصورة الحقيقية لثقافتنا وهويتنا لأن الحرب اليوم ليست على ديانة واحدة إنما على كل الديانات السماوية، والمسؤولية الأولى تقع على الدول العربية وضرورة أن تقف بخط المواجهة الأولى وتكون سيدة القرار بالدفاع عن نفسها وصورتها».ورداً على سؤال حول المواقف التي أعلنها الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصر الله من البحرين وما أثارته من ضجة لدى المنامة ومجلس التعاون الخليجي، لفت باسيل إلى أن «لبنان لا يتدخل في شؤون الدول العربية الداخلية وهذا هو الموقف الرسمي اللبناني وهو ينطبق على البحرين وغيرها»، مشيراً إلى أن «في لبنان ثمة مساحة حرية للتعبير وهي أحياناً تؤذيه داخلياً وخارجياً وأحياناً تفيده، وهذا ثمن حرية التعبير ولكن لبنان ملتزم بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد».