من خارج «السياق» السياسي «التبريدي» في بيروت وبعد «استراحة» لأشهر، عاد الملف الأمني الى واجهة الاهتمام «مدجّجاً» بمخاوف من ان تكون العملية الانتحارية المزدوجة التي وقعت السبت في جبل محسن (طرابلس) ليست سوى «فاتحة» موجة جديدة من التفجيرات والاستهدافات التي تشكّل واحدة من أخطر ارتدادات الأزمة السورية على لبنان.وبعد يومين من تفجير جبل محسن التي نفّذها اللبنانيان طه الخيال وبلال مرعيان وهما من سكان محلة المنكوبين في طرابلس والتي كرّرت «جبهة النصرة» تبنّيها مقابل تمسك لبنان الرسمي بالكلام على خيوط عن تورّط «داعش» فيها، تداخل هذا التطور مع ملفين شائكيْن:* الاول هو العملية النوعية التي نفّذتها القوى الامنية في سجن رومية المركزي يوم امس واستعادت معها «زمام المبادرة» في المبنى «ب» الذي يُحتجز فيه الموقوفون والمحكومون الاسلاميون، وذلك بعد معلومات عن ان منفذيْ الهجوم الانتحاري في جبل محسن تلقيا التعليمات المتصلة بالتفجير من موقوفين في هذا المبنى الذي تحوّل في الاعوام الأخيرة «جزيرة» خارجة عن سيطرة القوى الامنية و«إمارة» يحكمها السجناء.* والثاني مسارعة «جبهة النصرة» الى ربْط العملية التي نفّذتها قوى الامن اللبنانية في «رومية» بإشراف شخصي من داخل السجن لوزير الداخلية نهاد المشنوق، بقضية العسكريين اللبنانيين المحتجزين لديها ولدى «داعش» منذ 2 اغسطس الماضي مهددة باستعادة مسار «الإعدامات» اذ اعلنت عبر حسابها على موقع «تويتر» انه «نتيجة التدهور الأمني في لبنان ستسمعون عن مفاجآت في مصير أسرى الحرب لدينا فانتظرونا». علماً ان ملف العسكريين ما زال عالقاً عند نقطة مطالب الخاطفين بمقايضة الاسرى بعدد من الموقوفين الاسلاميين في «رومية».وكانت التحقيقات مع خمسة موقوفين كانوا يتواصلون مع الخيال ومرعيان أظهرت انهم سبق ان اتصلوا بموقوفين في رومية من مؤيدي «داعش» كما سُجلت اتصالات أجروها مع أشخاص داخل منطقة الرقة السورية التي يسيطر عليها تنظيم «الدولة الاسلامية»، علماً ان قرار استعادة السيطرة «من الداخل» على سجن رومية صدر خلال الاجتماع الامني الذي عُقد مساء أول من أمس برئاسة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام والذي كُشفت خلاله المعطيات عن دور لسجن رومية في تفجير جبل محسن، فكان تحديد «ساعة الصفر» على قاعدة ان «من غير المسموح من الان وصاعدا ترك السجناء الاسلاميين يتحركون بكل هذه الحرية وادارتهم لمجموعات ارهابية في طرابلس ومناطق اخرى».وقرابة السادسة من صباح امس، بدأت العملية في سجن رومية بإشراف المشنوق وكبار القادة الامنيين الذين حضروا جميعاً على الأرض وواكبوا السيطرة على المبنى «ب» المؤلف من 3 طبقات، طابقاً طابقاً، وهو ما ترافق مع نقل 370 موقوفاً من اصل 800 موزّعين على هذا المبنى الى المباني الاخرى في السجن، وذلك لعدم السماح بالتنسيق في ما بينهم في موضوع العمليات الارهابية وتالياً تفكيك الخلايا العاملة «خلف القضبان».وفيما اشارت تقارير الى سقوط بعض الجرحى بين السجناء، نفت قوى الامن الداخلي ذلك، مؤكدة ان العملية جرت بهدوء ولم يتخللها استخدام رصاص حي، ومشيرة الى أن عدداً من السجناء عمدوا الى افتعال حرائق احتجاجاً على نقل عدد منهم من المبنى «ب» الى المبنى «د»، قبل ان يُعلن قرابة الثالثة بعد الظهر عن إحكام السيطرة على السجن بكامله وانتهاء العملية التي نفذت باحترافية عالية وخلصت ايضاً الى تنظيف كل المباني من الممنوعات.وفيما كشفت معلومات ان الاسلاميين في السجن طالبوا رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب وليد جنبلاط بتكليف وزير الصحة وائل ابو فاعور التفاوض بينهم وبين الدولة، سُجّلت بعض التحركات الاحتجاجية على عملية رومية لأهالي الاسلاميين ولا سيما في صيدا وتحديداً في تعمير عين الحلوة فيما شهدت طرابلس تجمعات مماثلة عند مستديرة نهر ابو علي وفي ساحة عبد الحميد كرامي، وسط لقاءات عدة عُقدت في محاولة لضبط اي ردات فعل غير محسوبة من ذوي الموقوفين في هذا السجن الذي تحوّل محيطه منذ اغسطس الماضي والتهديدات من «النصرة» و«داعش» بتحرير الاسلاميين منه الى «قلعة امنية» محاطة بإجراءت امنية استثنائية.واعلن الوزير المشنوق في مؤتمر صحافي بعد انتهاء العملية في رومية «اننا حققنا انتصاراً جديداً للدولة والاعتدال، وما جرى انهى اسطورة اسمها سجن رومية وبدأنا مرحلة جديدة»، لافتاً «ان المعلومات التي توافرت عبر تحليل داتا الاتصالات كشفت ان الجزء الاكبر من عملية جبل محسن تمت إدارته من المبنى ب»، وموضحاً ان «كل الروايات عن غرفة العمليات بسجن رومية انتهت اليوم بفضل جهود القوى الامنية ووجود الارادة والقرار السياسي»، ومكرراً «انا قلت ان من قاموا بالعملية في جبل محسن هم من داعش وذلك وفق تقاريرنا اما الكلام الاخر عن التبنيات الاخرى فلستُ مقتنعاً به». وفي موازاة ذلك، ووسط تقارير عن وجود اكثر من 30 شاباً لبنانياً «انغماسياً» عادوا من سورية وهم عبارة عن «قنابل بشرية موقوتة» يعدّون العدّة لتنفيذ هجمات انتحارية في الداخل اللبناني وعن رصد الأجهزة الأمنية نحو 200 مشتبه فيهم بالارتباط بتنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش»، برز تكرار «النصرة» على حسابها الرسمي على موقع «تويتر»، تبنيها الهجوم الانتحاري في جبل محسن معتبرة انه جاء «ثأراً لتفجير مسجديْ السلام والتقوى (صيف 2013) ولترك المجرمين أحراراً»، موضحاً أن «أبو عبد الرحمن، أي بلال المرعيان، اقتحم المقهى وكبّر ثم فجّر حزامه الناسف في جموع النصيرية الموجودين فيه، فيما انتظر أبو حسام، أي طه الخيال، بضع دقائق ثم فجر هو الآخر حزامه بمن تجمع من عناصرهم الأمنيين الذين هرعوا إلى مكان الانفجار الأول».وتوجهت إلى من أسمتهم «النصيرية وحزب إيران وحلفائهم» بالقول: «والله لن ندخر جهداً لضربكم في عقر دياركم وسنغزوكم أينما كنتم بإذن الله».
خارجيات
تقارير عن أكثر من 30 عادوا من سورية لتنفيذ عمليات انتحارية
الأمن اللبناني يسيطر على «إمارة الإسلاميين» في سجن رومية
سجن رومية شرق بيروت كما بدا أمس (رويترز)
02:26 ص