الحقيقة انه ليس المسلسل التركي الشهير العشق الممنوع، ولا رواية «الصحوة» لـكيت شوبان هما ما دفعاني للكتابة الآن... ولكنه الفيلم المصري الأشهر (نهر الحب)!كلما شاهدت هذا الفيلم كنت احتار في تفسير مشاعري تجاه العلاقة غير الشرعية لبطلة الفيلم (نوال) والتي جسدت دورها الأسطورة الحقيقية فاتن حمامة و(خالد) الذي جسد دوره عمر الشريف... كل من رأى الفيلم تعاطف بشدة معهما بل وتمنى من اعماقه ان يبقيا معا... بل وكره وبشدة شخصية الزوج، من دون ان يكون الأمر منطقيا... صحيح ان فارق السن كان كبيرا، لكن سوء العلاقة لم يظهر الا بعد تورطها فعليا في قصة الحب تلك! لا اريد ان اخوض كثيرا الآن في تفاصيل الفيلم لأن الغالبية تعرفها... على الخط الدرامي نفسه اصطدمت اثناء دراستي برواية الصحوة لـلكاتبة الأميركية كيت شوبان... الصحوة في الحقيقة تتشابه جدا مع (نهر الحب) مع فارق محوري وقوي وهو ان الزوج لم يكن يكبرها فى السن وايضا لم يكن يسيء معاملتها بأي شكل من الأشكال بل كان على العكس تماما هادئا ولطيفا وكلاسيكي الطراز... وكانت البطلة (ايدنا بونتليير) في الرواية أماً لطفلين جميلين والمفترض انها لاتعاني من اي مشكلة في حياتها الزوجية... بالطبع في الدراسة الجامعية تتم دراسة الرواية الواحدة على مدى زمني طويل نسبيا ويتناولها الدارس من كل الجهات وبالتفصيل... وكان اهم تساؤل حول الرواية من الجميع... ما الذي تقصده الكاتبة بالضبط بعنوان الرواية؟ّ! ما الذي تقصده بالصحوة او اليقظة؟ اتقصد صحوة البطلة من روتين حياتها والقيود التى فرضها عليها وضع لم تختره هي حتى انها كانت تتحدث دوما عن انها لاتذكر اى تفاصيل خاصة باطفالها وزوجها... ام تقصد صحوتها بعد دخولها في العلاقة غير الشرعية وقرارها الخاص بالانتحار في نهاية الرواية... بالتأكيد يضع كل كاتب خلفية نفسية ما للبطلة ليبرر لها ما تفعله وهذا ما حدث ايضا في مسلسل (العشق الممنوع)، الذي حاز على نسبة مشاهدة عالية في الوطن العربي... المسلسل ايضا مأخوذ عن رواية تركية قديمة تتناول الفكرة نفسها وايضا تنتهي بالنهاية نفسها، بالطبع مع اختلاف الأحداث والتفاصيل... لكن الروايات الثلات تتخذ المنهج نفسه وتسير على الخط نفسه... مع قليل من التركيز نجد ان العشق الممنوع ونهر الحب يتفقان في فارق السن بين الزوجين، ولكن في العشق الممنوع كان الزوج في منتهى الرقي والتفهم وحتى انه لم يكن كلاسيكيا او متزمتا بل كان يدعوها لتشارك ابن اخيه الرقص في بعض المناسبات... كذلك نرى انه في رواية الصحوة وفي العشق الممنوع تطورت العلاقة بالفعل لتصل الى الحد الجسدى بعكس نهر الحب الذي لم تصل فيه الى هذا الحد، ربما لتحفظ المجتمع العربي مثلا، على الرغم ان الفكرة نفسها تم تناولها بالفعل في الكثير من الأعمال الأدبية والدرامية العربية... ماجذب انتباهي في الأمر هو التعاطف الشديد الذي يلقاه هذا النوع من العلاقات من جانب المتلقي او المشاهد... هل السبب مثلا هو الحبكة المحكمة للأحداث التي تجعل المتلقي مقتنعا ان ما يحدث يدور ضمن النطاق الطبيعي للأمور؟ او مثلا ان الكاتب يجيد نسج الخلفية النفسية لشخصية البطلة في مثل هذه النوعية من الأعمال ما يجعل كل افعالها مبررة؟ ام مثلا لأن بالنسبة للبعض هي روح المغامرة والجموح التي يفتقر اليها واقعهم النمطي؟!في علم النفس قرأت ذات مرة ان هناك ما يسمى بالدورة النفسية للمرأة التي تمر فيها المرأة بالكثير من المشاعر المتفاوتة... وفي احدى مراحلها تتمرد المرأة على واقعها... ويختلف رد الفعل من امرأة الى اخرى... حتى ان هذا كان احد تفسيرات افتعال المرأة في الكثير من الأوقات للشجار مع زوجها من دون سبب منطقي واضح... ربما هذا هو التفسير المنطقي بالفعل، المرأة في الواقع تكتفي بالشجار كنوع من التمرد وفي الأدب احيانا تلجأ الى الهروب او الدخول في علاقات متشابكة.وربما يعتمد الأدباء على تفسير مطلق اكثر بساطة... وهو ان للحب سلطانا على القلوب لا يمكن مقاومته مهما كانت الأسباب ومهما اختلفت الخلفيات، والتاريخ يذكر ايضا العديد من الحوادث المشابهة كقصة القائد محمد بن ابي عامر، الذى حكم الأندلس في مرحلة ما والذي كان على علاقة وطيدة مع زوجة الخليفة صبح البشكنجية، ويقال انه اهداها نموذجا جميلا لقصر من الفضة الخالصة تعبيرا لها عن مشاعره!الخلاصة ان الأدب والدراما ماهما الا انعكاس لما يحدث في الواقع بشكل او باخر... وكما هو الحال في الأدب مايحدث الفرق هو كيفية معالجة النصوص وتناولها... ذات الأمر يحدث في الواقع فقط ما يحدث الاختلاف هو كيفية تناول الأمور ومعالجتها.