حقاً، كان يوماً حزيناً على الصحة العامة، إذ تمت الموافقة على أقل من 40 في المئة من مجمل مطالبات الأطباء، بعدما كانت «التسريبات» الصحافية تمارس دوراً تخديرياً غير مقبول، وغير عادل، إذ رست الأمور، في النهاية، على «عدم قبول» غالبية كادر الأطباء الذين يلجأ إليهم، ركضاً، المسؤولون أنفسهم الذين رفضوا كادرهم... عندما يحس أولئك المسؤولون بأدنى تعب، ولماذا لا يلجأ أولئك المسؤولون إلى الأطباء... مادامت حياتهم تعد مهمة وغالية؟ وليست حياة رخيصة مثل حياة باقي خلق الله!الخلاصة الآن، هي أن كادر الأطباء... تم «رفض» غالبيته العظمى، مع أن الأطباء يعالجون الكويتي الذي ليس لديه واسطة! كما يعالجون، في حالات الطوارئ فقط، كبار المسؤولين المهمين... ريثما تتم عملية تجهيز طائرات تنقلهم إلى الدول التي لا تبخل على أطبائها! والمسؤولون يعرفون تماماً بأنهم مارسوا خطأً فادحاً بحق الصحة العامة في الكويت عندما قاموا بتحطيم الكادر الخاص بالأطباء بالذات، فهذه مهنة ليست كالمهن الأخرى، وعلى الدولة أن ترعى ممتهنيها، أطباءنا، رعاية فائقة، فهؤلاء الأطباء، وبعد أن يتم تخدير الإنسان قبيل أي عملية جراحية كبرى يجرونها له، ينتقل مريضهم بعدها إلى... بيته، أو إلى مقبرته، فهل يدرك الإداريون هذا الأمر؟يا جماعة، الدول الخليجية المجاورة، ولا سيَّما المملكة العربية السعودية، ينعم الطبيب فيها بامتيازات وظيفية وواقع مالي نخشى أن نذكرها في هذه المقالة... فيهاجر حتى الأطباء الذين لم يقدموا استقالاتهم فور سماع أنباء «المجزرة» التي تعرضوا إليها في اجتماع ديوان الخدمة المدنية الأخير! ولهذا السبب نفسه، فإننا لن نتكلم عن امتيازات الأطباء في أميركا الشمالية التي تقدر أهمية مهنتهم!على المجلس النيابي دور مهم الآن لإيقاف المأساة قبل اجتماع مجلس الوزراء المقبل، وأنا أتمنى من مجلس الوزراء الموقر نفسه ألا يقر توصيات ديوان الخدمة المدنية في شأن كادر الأطباء، منعاً للظلم، ومنعاً لهجرة أوسع تفقد معها الكويت صحة مواطنيها، وسمعتها في الخليج والعالم! بل على مجلس الوزراء الموقر أن ينهي المهزلة عبر إقرار مقترح جمعيتي الأطباء (البشريين والأسنان)... يا جماعة! هل تحتاجون، حقاً، إلى تنبيهكم إلى أن مهنة الطب مهمة؟ تماماً مثل المهن العسكرية التي لا ينكر عاقل أهميتها هي الأخرى؟فقط أتمنى من مجلس الوزراء أن يعد عملية تصحيح مسار هذا الكادر المهم هدية للمرضى الذين يتلقون العلاج داخل الكويت! وليس إلى أطبائهم الكويتيين الذين أفنوا زهرة شبابهم بين المراجع الطبية ومستشفيات العالم المتقدمة، لكي يجعلونا نبتسم عند مرضنا وعند ألمنا... فماذا سيقول مجلس الوزراء في اجتماعه المقبل تعليقاً على التوصية «الخطأ» لديوان الخدمة المدنية؟ فليس عيباً أبداً أن تخطئ الحكومة، فهذا وارد، ولكن العار، كله، كامن في التمادي في الخطأ... بعد معرفته.

د. جلال محمد آل رشيدكاتب وأكاديمي كويتيdr_j_alrasheid@hotmail.com